في ندوة الصحافة الأخلاقية..

المسعودي يرى أن المشكلة الكبرى في اليمن تسييس كل شيء وعبد الوارث يقول إن الصحافي في اليمن يحارب في أكثر من جهة، وطاهر يؤكد: الحقيقة و الجوع لا يجتمعان

  • الوحدوي نت - خاص:
  • منذ 12 سنة - Thursday 28 July 2011
المسعودي يرى أن المشكلة الكبرى في اليمن تسييس كل شيء وعبد الوارث  يقول إن الصحافي  في اليمن يحارب في أكثر من جهة، وطاهر يؤكد: الحقيقة و الجوع لا يجتمعان


نظمت نقابة الصحفيين اليمنيين اليوم حلقة نقاشية حول مفاهيم الصحافة الأخلاقية بالتعاون مع الاتحاد الدولي في فندق تاج سبأ بالعاصمة صنعاء. 

 ورحب الأمين العام لنقابة الصحفيين مروان دماج في افتتاح الحلقة بالحضور موضحا الأهمية للدور الذي يجب أن تلعبه لجنة الصحافة الأخلاقية التي شكلت العام الماضي.

وقال نقيب الصحفيين اليمنيين ياسين المسعودي في ورقة عمل بعنوان" المصلحة العامة ركن في أخلاقيات المهنة" أن مشكلتنا الكبرى في اليمن أننا نسيس كل شيء ونقطع كل صلة في ممارساتنا للسياسة بالرؤى لتطغى أساليب التحريض والتأليب لردود الأفعال على ماعداه من وسائل لخلق القناعات وتشكيل رأي عام حول مسألة وقضية عامة.

وأضاف المسعودي أن إمكانات الوصول إلى أفضل البدائل لإيجاد أسلم المخارج وأنجع الحلول تغرق وسط ضجيج يسعى فيما يسعى إليه التغطية على الافتقار للرؤى والعجز من ثم عن انتهاج سبل مقارعة الحجة بالحجة وينتهي الامر بالجميع إلى بحر التوهان.

قال أن التسييس وجد له منفذ لجر المسألة إلى ميادين المهاترات من خلال الخلافات التي تثور مع كل خطوة لتنفيذ برنامج تطلق عليه الحكومة وصف الإصلاحات وتخلع عليه المعارضة صفة الجرع وينتهي الحال إلى السكون بعد أن ينفض الجميع وينقشع الغبار.

و أكد أن في الاستقلالية وقول الحقيقة تكمن القوة والقدرة الحقيقية لإعلام المصلحة الوطنية،وإذ بدا الأمر صعب المنال لدى الصحفيين غير المالكين للوسيلة التي يعملون فيها فإن الأحرى بهم والأجدى لهم أن ينافحوا عن الأساليب والقواعد المهنية التي تتنامى وتتعاظم المصلحة العامة بإتباع المنهج المهني.

وأوضح المسعودي أن الصحفيين يدركون أن التزام القواعد المهنية والاستقلالية وقول الحقيقة سبيلهم إلى الاضطلاع برسالتهم الإعلامية ودورهم المجتمعي ولكن مثل هذا التوجه يصطدم برفض المالكين للوسائل الصحفية وصناع القرار فيها إدراك أن لهم مصلحة في ذلك.

 وفي ورقته بعنوان إشكالية الصحافة الأخلاقية في الساحة اليمنية ( الاستقلالية نموذجاً ) قال الزميل حسن عبدالوارث أن مكانة القيم الاخلاقيه لمهنة الصحافة تعاضمت, جراء تعاظم التأثير الكوني للمهنة ذاتها, بسبب التطور الهائل لتقنية الاتصالات الذي أسفر عن الظاهرة التي عرفت بثورة المعلومات.

وأوضح عبدالوارث انه في هذا المضمار اتفقت أطراف العملية الإعلامية والمعلوماتية على عدد من المعايير التي اتسمت بالطابع الأخلاقي, صارت تعرف بأخلاقيات الصحافة, أو بحسب التسمية الجديدة التي أطلقتها المبادرات الصادرة عن الاتحاد الدولي للصحافيين قبل أعوام قليلة – الصحافة الأخلاقية.

وأضاف أن الاتحاد الدولي للصحافيين حدد جملة من المفاهيم أو المعايير أو الشروط التي تستند الصحافة الأخلاقية على مداميكها, ومن أبرزها : الحيادية و الاستقلالية .. احترام الحقيقة .. حرية تدفق المعلومات كمعيار أساسي لحرية الإعلام عموماً .. العمل من أجل الصالح العام .. عدم تدخل الحكومات في العمل الصحافي.. وغيرها من المفاهيم التي تشير إلى الهوية المهنية و الاجتماعية والأخلاقية للصحافة.

وقال عبدالوارث إن حرية الإعلام, و في الأساس حرية تدفق المعلومات والأفكار دون تدخل من قبل السلطات الحكومية أو الرسمية أو أية سلطة بما فيها سلطات الأحزاب والتجمعات ذات المصالح المختلفة, هي متطلب أساسي لإقامة مجتمع حر ديمقراطي مستقر ومزدهر.

و أكد أن مبادرة " الصحافة الأخلاقية" تهدف إلي نشر الوعي الجمعي بحقيقة الدور الذي يمكن – بل يجب – أن تضطلع به الصحافة في بناء هذا النوع من المجتمعات .. فبدون صحافة حرة و مستقلة, يخسر المجتمع وأهله حقاً مهماً في الحياة الكريمة, مثلما يخسر شرطا رئيساً من شروط حريته. مشيرا إلى أن هذه المبادرة تطالب المشتغلين في مهنة الصحافة بضرورة احترام الحقيقة, والتزام الاستقلالية والحياد في تعاطيهم مع القضايا والإحداث محل التناول الصحافي, في إطار عملهم من أجل الصالح العام.

وتحدث عبدالوارث حول معايير الصحافة الأخلاقية في العملية الصحافية اليمنية ، وقال أن المشتغلون في مهنة الصحافة في اليمن ينظرون إلى شروط الأداء المهني الراقي والتطور التقني الرفيع –في نطاق مهنتهم – كنوع من الترف في ظل افتقارهم إلى أبسط شروط الأمن والأمان و السلامة , من جهة .. أو التمتع بأبسط ضمانات الحرية و الحيادية والاستقلالية والحصول على المعلومات من جهة أخرى !!

واكد إن قائمة الممارسات التي تقدم عليها السلطة و قوى اجتماعية متخلفة أخرى, ضد الصحافة و أهلها في اليمن , تتطاول إلى ابعد الحدود التي يمكن للمرء أن يتصورها .. بدءاً من قطع الرزق, مروراً بقطع الأمل , و صولاً إلى قطع الرأس !.

وقال أن الصحافي في اليمن يحارب في أكثر من جهة, و على أكثر من جبهة .. و كأنه لا تكفيه معاناته على صعيد الفاقة المعيشية .. أو كأنه لا تكفيه معاناته على صعيد التخلف الفني والتقني, أو انعدام التطور المؤسسي.. أو كأنه لا تكفيه المنغصات الكامنة في النصوص التشريعية التي تمس حياته المهنية وحريته, في مقتل, في بعض الأحيان .

وأشار إلى أنه على صعيد الفساد, يجد الصحافي نفسه كالراجل على برزخ من لهب بين ضفتين من جهنم فهو مطالب بكشف ومكافحة بؤر الفساد في الدولة و المجتمع , فيما هو يعاني من هذه الآفة في محيطة المهني على نحو مباشر.

وحول ميثاق الشرف الصحافي في بلادنا قال حسن عبدالوارث أن ميثاق الشرف يعانى أزمة ذاتية و موضوعيه خانقة , إذ لا تقتصر الإشكالية الحقيقية – في هذا المضمار – على صعوبة تفعيل هذا الميثاق في أوساط الماهنين أنفسهم .. إنما تتمثل أساسا في صعوبة – وربما استحالة – توفير ميثاق شرف تلتزم به أجهزة السلطة تجاه الصحافيين أنفسهم وهي أجهزة قمعية بالفطرة وبالممارسة, لا يصعب استيعابها لفكرة الميثاق بحد ذاته فحسب, بل يصعب تأقلمها مع مفهوم الشرف أساساً.

واشار إلى أن الجهاز المركزي للأمن القومي صار متخصصاً في شؤون الصحافة والصحافيين – إلى جانب الجواسيس والعملاء والمخربين , كأنه صار جهازاً مركزياً للإعلام القومي!!.

وأكد أنه بدون و جود ملكية خاصة لوسائل الإعلام تنتقى حرية واستقلالية الإعلام وتنحصر المسألة كلها في هامش محدود لحرية الرأي, أي حرية الكلام !

واضاف أن الصحفيين انخرطوا مؤخراً في خضم الثورة السلمية التي لم تعد ثورة في الأساس, بقدر ما غدت حالة مقاومة سلمية - مكتوفة الأيدي ومكشوفة الصدور و الرؤوس – في مواجهة حرب إبادة جماعية بمعنى الكلمة, تشنها الترسانة الحربية والأمنية للسلطة ضد المواطنين العزل في شتى مدن وقرى البلاد, بلغت حدًاً وحشياً للغاية باستخدام شتى صنوف الأسلحة الثقيلة التي حصدت الآلاف من الأرواح, ودمرت أحياء و مناطق وقرى بأكملها, و أحرقت الزرع وأهلكت الضرع, ولم يسلم من منجلها الحاصد الأطفال و النساء والشيوخ.

من جانبه قدم نقيب الصحفيين الاسبق عبدالباري طاهر ورقة عمل بعنوان الحقيقة والحريات الصحفية أكد فيها أن الصحفى الحقيقى باحث عن الحقيقة و ناشر لها , و الحقيقة واحدة متنوعة و متعددة فهي عند اللغوي غيرها عند الصوفي و غيرها عند الفليسوف ووالخ , الحقيقة الصحفية أولاً وأخيراً مرتبطة ومشروطة بمناخ حرية الصحافة , فبدون حرية الصحافة تفقد الكلمة معناها و يفقد الخبر مصداقيته .

وقال أن الخبر الصحفي صادق أمين و موضوعي و التعليق عليه حر. التعليق لا يتعلق فقط بصدق الأخبار و إنما بأيدلوجية القارئ و موقعه و موقفه من الرؤية, ومدى علاقة الحدث بالمصالح و الميول والانتماء .

وأضاف أنه في بيئه غير ديمقراطية كبلادنا العربية و اليمن فى طليعتها بين مزودجين تغيب الحقيقة أو تشوه تنعدم المعلومة و يغيب الخبر الصادق والأمين و الموضوعي و يكون التعليق غير محايد ولا نزيه و لامتوزان يعتم على الخبر الحقيقي فتسود الإشاعة.

وأوضح أنه لا يعنى اليمن شيئا لإعلامنا الزائف و الصحافة الحرة يصادرها الأوباش في الطرقات العامة, و يقدم اشاوسة النقط في مداخل المدن العاجزين عن احتجاز الارهابيين و الخارجيين على النظام و القانون و يعجزون عن حماية المواطن والمدن يتصدون للصحف بالنهب و المصادرة .فالاولى و الشارع و الوسط وحديث المدنية و الصحوة و التجمع و غيرهم و غيرهم عرضة شبة يومية لهذا النهب الوقح.

 وقال أن الحقيقة , و الجوع لا يجتمعان . كالحرية و القمع ايضا قبل الثورة الشعبية السلمية و اليوم يعيش الصحفيون سواء العاملون فى جهاز الدولة او الصحف الجزبية او المستقلة أوضاعا غاية فى القسوة و البؤس فأعلى راتب لموظف في الإعلام لا يتجاوز الاربعمائه دولار و و الغالبية لا تصل المائتي دولار أما العاملون في الصحف الحزبية فيعملون كسخرة بدون رواتب محددة .

وأضاف أن العمل في الصحف المستقلة ليس بأحسن حال منه في الحزبية و الحكومية فا صحاب هذه الصحف نفسها يواجهون متاعب لا حدود لها و تقوم الدولة بحرمان الصحافة الحزبية و الأهلية المستقلة من الإعلان , و تمارس الضغوط على التجار و تمنع المؤسسات والشركات و القطاع العام و المختلط . فا لجوع سلاح من أسلحة الدمار الشامل فى اليمن يستخدمه الحكم المتهالك لمصادرة الحق فى الحياة و الحرية .

وأشار إلى أن الصحفيين فى جهاز الدولة مجرد مواطنين إداريين يخضعون لقانون الخدمة المدنية , و هم كالمواطنين محرمون من الضمان الاجتماعي و من حق التطبيب والتأهيل المستمر و التدريب و رفع الكفاءة . و الحقيقة أن التعامل مع الصحفي كعامل يجعله تابعا لرب العمل و تطبق عليه لوائح الموظف الإداري.

وخرجت الحلقة بجملة من التوصيات التي قرأها الاستاذ عبد الباري طاهر منها إجراء تعديلات دستورية جوهرية خاصة بحرية الصحافة، وإلغاء المواد المجرمة للعمل الصحفي أو تفرض عقوبات على الصحفي في قانون الصحافة والقوانين الأخرى.

وأوصت بإصدار تشريع يضمن تدفق المعلومات، ومنع حجبها، وأن تقوم دولة الثورة القادمة ببناء قضاء مستقل، والسماح بملكية وسائل الإعلام المختلفة.

ومن ضمن التوصيات إلغاء وزارة الإعلام ، وتصعيد نقابة الصحفيين لاحتجاجاتها، والمطالبة بإطلاق سراح الزميل وعبدالاله حيدر شائع.

كما أوصت الحلقة بوضع كادر معين للصحفيين وإلزام الصحف الأهلية والحزبية إبرام عقود مع الصحفيين تضمن لهم أدنى حد لمواجهة الحياة المعيشية والعملية، وتفعيل لجنة الصحافة الأخلاقية

وقدمت في الحلقة النقاشية عدد من المداخلات من قبل الصحفيين حول مفاهيم الصحافة الأخلاقية ومدى تطبيق الصحافة اليمنية لهذه المفاهيم في ظل الاوضاع التي تعيشها اليمن.