مناشدة للمنظمات للوقوف بجانبهم‏

نحو 230 يمنياً خذلتهم "الفيزا" السعودية، وخارجية صنعاء قالت لهم: "هذا قرار سعودي.. أيش نسوي لكم؟

  • الوحدوي نت - سامية الاغبري
  • منذ 15 سنة - Monday 29 September 2008
نحو 230 يمنياً خذلتهم   "الفيزا" السعودية، وخارجية صنعاء قالت لهم: "هذا قرار سعودي.. أيش نسوي لكم؟

شدوا الرحال صوب الشقيقة الكبرى بحثاً عن إمكانية العيش الكريم.. من اجل تحقيق ذلك باع بعضهم أرضه، والبعض رهنها مع استلاف مبالغ مالية كبيرة التزموا بتسديدها لأصحابها حينما يبدؤون العمل..
 على منفذ الطوال السعودي اصطدمت أحلامهم وقتلت أمانيهم.. عادوا مرحلين بخفي حنين.. مديونين خسروا آلاف الريالات السعودية وخسروا أراضيهم وضاعت حقوقهم في أدراج وزارتي الخارجية وحقوق الإنسان.. وضلوا الطريق إلى السفارة التي طالبتهم بمخاطبة وزارة خارجيتهم التي ردت عليهم: "هذا قرار سعودي ايش نسوي لكم؟".
محمد حمود، من مديرية بعدان بمحافظة إب، شد الرحال متجها إلى المملكة العربية السعودية بحثاً عن مصدر رزق لإعالة أسرته. ومن اجل هذه الغاية رهن أرضهم وتدين كي يدفع ثمن الفيزا: 16 ألف ريال سعودي.
يقول محمد: "بعد حصولي على الفيزا والتأشيرة، يوم 11-6 من هذا العام، وصلت إلى الحدود السعودية، وبرغم أننا أبرزنا لهم الفيزا والتأشيرة إلا أنهم رحلوني وبجانبي 10 أشخاص كانوا في السجن!".
وبألم يواصل: "كنت أحلم بالذهاب إلى السعودية للبحث عن مصدر رزق لم أجده في بلدي، ولكن كل أحلامي ذهبت وأضفت إليها ديوناً لن أستطع أن أسددها لأصحابها.. ذنبي الوحيد هو أني في السابق دخلت تهريباً، ولم أصحح وضعي وعدت بطرق قانونية.. فلم يرحلوننا؟".
 لديه 6 أشقاء إضافة إلى والديه، وقد تحمل عبء إعالتهم باعتباره الابن الأكبر. أكمل محمد الثانوية ولم تسمح له ظروفه بمواصلة تعليمه الجامعي، فقرر مغادرة اليمن إلى الشقيقة الكبرى بحثاً عن عمل يقيه شر مد الأيادي للناس.
عاد وعلى جوازه ختم "مرحل"
عبد الله محمد احمد في الـ23 من عمره، غادر مديرية الشاهل بمحافظة حجة، بعد أن رهن أرضاً يملكها والده، واستلف مبلغاً عله يجد عملاً هناك. في الـ4 من شعبان دخل السعودية وفي اليوم التالي رحل منها.. عاد وقد خسر كل شيء: المال والأرض وفرصة العمل التي تمناها، ثم إنه تحمل ديوناً لا طاقة به لسدادها.
 عبد الله دخل أيضاً السعودية في السابق بطريقة غير شرعية، لكنه عاد وصحح وضعه، ويقول إن الفيزا ومعاملتها كلفته 20الف ريال سعودي. يشعر الرجل الآن بالحزن لأنه عاد من السعودية وهو لا يملك شيئاً غير ختم على جوازه يحمل كلمة "مرحل".
يائس خانته الفيزا أيضا

في 8 شعبان غادر عبد العالم شاجع الشميري، ذو الـ 24 عاما، الحالمة تعز، وفي نفس اليوم أعادوه ومعه 3 يمنيين مرحلين من منفذ الطوال السعودي. لم يكمل عبد العالم دراسته لأنه، كما قال، يعلم انه لن يجد وظيفة مهما كانت درجته العلمية، لذا قرر أن يرحل باحثا عن لقمة العيش في مكان آخر. عمل ليل نهار وفي كل مكان للحصول على قيمة الفيزا وتكاليف المعاملة وباع قطعة ارض كان يملكها.. خسر الشميري، كبقية المرحلين، ماله الذي قدر بـــ21 ألف ريال سعودي، وهو الآن في اليمن أشبه بيائس.
عاد حاملا كلمة "مرحل"
عبد الله احمد موسى من محافظة البيضاء عمل في السعودية لمدة أسبوعين، وكان مجهول الهوية ثم رحل حاملا كلمة "مرحل". حاول والده تسهيل الأمر أمامه، فاستلف 18 ألف ريال سعودي كي يمكنه من دخول الأراضي السعودية بطريقة قانونية. اشترى عبد الله الفيزا واستكمل معاملتها ثم انتهى به الأمر إلى عدم السماح له بدخول السعودية. لم يكن يعلم أن كلمة "مرحل" ستمنعه من العودة إلى هناك. في 4 شعبان ذهب إلى السعودية وبنفس اليوم عاد رفقة شاب من محافظة شبوة عانى المشكلة ذاتها.
ومنتصف الأسبوع الماضي، قال عبد الله لـ"الشارع": "أنا متكفل بأسرة عدد أفرادها 7 وليس لدي عمل.. ذهبت إلى هناك للبحث عن عمل، لكنني عدت وعلي ديون، والآن لا أستطيع أن أعود إلى قريتي بسبب مطالبة الدائنين بأموالهم.. لم يهتم أحد لنا ولمعاناتنا سوى منظمة هود، ونتمنى أن تعود إلينا حقوقنا".
يلاحقهم الدائنون
وأكد عدد من هؤلاء لـ"الشارع" أن الدائنين سمعوا أنهم رحلوا وأعيدوا إلى بلدهم وهم يبحثون عنهم ويقولون لهم "غرماؤكم منافذ السعودية ونحن لا شأن لنا بكم، نريد أموالنا".
معظم هؤلاء المرحلين مقيمون في صنعاء يبحثون عن أمل يعيد لهم حقهم ولا يستطيعون العودة إلى قراهم بسبب الدائنين. وقال عدد من هؤلاء إنهم قد يدخلون السجن بسبب ذلك.
بالكاد يتدبرون أمرهم منتظرين حلولا من الحكومة اليمنية والسفارة السعودية، فهل ينظر لهؤلاء بعين الرحمة وهم من أسر فقيرة لا يطالبون سوى باسترجاع الأموال التي خسروها.
ويقول هؤلاء المرحلون إن السفير السعودي قال لهم إنه لم يكن يعلم عن أمر ترحيلهم شيئاً، ووعدهم بوضع حل خلال سفره الحالي للسعودية. ومنذ شهر يونيو الماضي وحتى الآن لم يتم شيء.
وزارة حقوق الإنسان وجهت رسالة مبهمة غير واضحة إلى وزارة الخارجية لا يوجد فيها مطالب محددة، ولم يستفد المرحلون شيئاً من تلك الرسالة.
 من جهتها وجهت وزارة الخارجية رسالة إلى سفارة المملكة العربية السعودية عبرت فيها عن أملها أن تتواصل السفارة مع الجهات الرسمية في المملكة لتجاوز ما حدث، واعتبار حسن النية والجهل هما سبب ما وقع فيه المرحلين. لكن الشباب المرحلين يقولون إنهم حصلوا على مجرد وعود لم تنفذ حتى اللحظة، وهم يطالبون بحقوقهم. وقالوا إن وزارة الخارجية تقول لهم أحياناً: "سنعمل وسنعيد لكم حقوقكم"، وأحيانا يردون: "هذا قرار سعودي إحنا ايش نسوي لكم!".
دعوة للرئيس والملك
المحامي محمد ناجي علاو، الذي تتبنى منظمة "هود" التي يقف على رأسها، قضية هؤلاء المرحلين، قال لـ"الشارع": "لاشك أن هناك مشكلة كبيرة وهي أن هؤلاء الأشخاص قد أنفقوا مبالغ مالية كبيرة للحصول على فيزا عمل، وهي قانونا سليمة تعاملت معها السفارة ومنحتهم التأشيرات، إلا أنهم رحلوا من الحدود السعودية لأسباب قيل إن بعضهم كان قد دخل الأراضي السعودية بدون تأشيرة (تهريباً)، لكن غالبية أسماء المرحلين هي من الأسماء السليمة الموجودة في الجوازات وهم غير موجودين حتى ضمن المرحلين من الذين دخلوا في السابق بطرق غير قانونية".
وأضاف: "يبدو أن هناك اجتهاداً من الموظفين السعوديين بحكم النظرة الدونية التي ينظر بها لليمنيين واستغلالا لحاجة الناس ولفقر البلاد وجوعها ولفساد نظامها، ولان حكومتنا لا ترفع حاجبيها أمام الحكومة السعودية..".
 وزاد: "الحكومة اليمنية معنية بحماية حقوق مواطنيها. وأعتقد أن مسؤولي الحكومة السعودية عقلاء وسيتفهمون لو طرحت عليهم المسائل بالشكل السليم وبالشكل القانوني وبالشكل الذي يحافظ على أواصر الجيرة والأخوة والمودة.. لا أحد "يتهرب" بدون جوازات ويدخل السعودية إلا نتيجة الجوع والحاجة التي يفترض أن يتفهمها إخوتنا في السعودية".
وقال علاو إن ما جرى لهؤلاء المرحلين استخفاف يجب أن يعيد كبار المسؤولين السعوديين النظر فيه: "هؤلاء عادوا ورتبوا أوضاعهم وحصلوا على تأشيرات من السفارة السعودية بشكل قانوني وتم ضبطهم بطريقة وبمبررات غير منطقية".
وأضاف: "اليمن للأسف الشديد رغم جهودها وطرح الموضوع في مجلس النواب وتكليف وكيل وزارة الخارجية بهذا الأمر، إلا أني علمت من مصادر أن حكومتنا بكل مستوياتها تقول إنها لا تستطيع مخاطبة السعوديين على قضايا المغتربين لأنها دون الاهتمام، لان لديهم قضايا مع السعودية اكبر!". وطبقاً للرجل فإن المسؤولين يقصدون قضايا المنح والهبات والصناديق. واستدرك: "أعتقد هذا الأمر فيه سوء فهم.. فلا يتعارض تعاون وتقديم المنح من إخوتنا في السعودية مع حديث المسؤولين عن حقوق العمالة التي هي أوجب الواجبات على حكومتنا.. المغتربون يرفدون الخزينة العامة بمئات الملايين من الدولارات، والسعودية أيضا لها مصلحة في السوق اليمنية. وقد علمت أن حجم ما صدر من تحويلات من المغتربين لليمن من السعودية أكثر من 3 مليارات دولار".
واستنكر علاو تجاهل المسؤولين لقضية هؤلاء المغتربين: "إضافة إلى كونهم بشراً ولهم حقوق هم أيضا مصدر لإعالة وإعاشة هؤلاء المسؤولين الذين رواتبهم وقصورهم ووسائل مواصلاتهم الفخمة هي من عرق ودماء هؤلاء المغتربين الذين يرفدون الخزينة العامة والسوق اليمنية بالعملة الصعبة".
وعن عدد المرحلين قال: "حسب علمنا هم 230 مرحلا، لكنني علمت من مصادر حكومية أن هناك الكثير من اليمنيين الذين يقيمون منذ شهرين أو أكثر، بعضهم يبتزهم الكفلاء بشكل مستمر أو يهدد بسحب الكفالة منهم، وبعضهم إذا ما انتقل من منطقة الكفالة أيضا يتم ترحيله.. وهذه ليست حالة بل مئات الحالات بل الآلاف، غير الذين يموتون في الصحراء نتيجة التهريب، وهذه مسألة أخرى".
وحمل المحامي علاو الحكومة اليمنية مسؤولية هؤلاء المرحلين "لان لهم حقاً عليها ويجب عليها تبني قضيتهم"، مؤكدا أن السلطات اليمنية لو ناشدت السلطات السعودية العليا، الملك وولي عهده ووزير الداخلية، فإنهم سينظرون نظرة إنسانية، نظرة الإسلام والأخوة مع هذه الأواخر..".
وناشد علاو، من خلال "هود" ومنظمات المجتمع المدني والفعاليات الإنسانية، الملك عبد الله وولي عهده ووزير داخليته، "النظر إلى هذه القضية ومعالجتها والسماح لهؤلاء المرحلين بالهجرة الشرعية وفقا للفيزا التي حصلوا عليها لأنهم لم يخترقوا قانون السعودية".
وطالب رئيس الجمهورية ببذل عناية خاصة لهذه المسألة، مشيرا إلى انه "لا يتم شيء في اليمن إلا من خلال رئيس الجمهورية، لذا أتوجه إليه شخصيا وأدعوه للاهتمام بقضية رعاياه من اليمنيين ويخاطب المسؤولين السعوديين مباشرة بشأن هذه القضية".
وأضاف: "في حال سدت الطرق فإننا نحن المجتمع المدني والفعاليات الإنسانية سنتوجه بخطابنا مباشرة إلى الملك عبد الله لمعالجة الأمر على المستوى الإداري الأدنى".
وعن إمكانية رفع دعوى قضائية قال: "بالنسبة للدعوى هي الآن محل دراسة لكننا نعول على القرار الإداري - السياسي – الامنى، ونتمنى أن تصلهم الرسالة عبر صحيفتكم، ونرجو من الله أن يستجيب لدعاء هؤلاء المظلومين ويحنن قلوب مسؤولينا وان تصل رسالتهم ودعوتهم إلى السلطات السعودية صاحبة القرار في هذا الأمر".
صحيفة الشارع