تنازلات النظام تسيل اللعاب الأمريكي

ملفات المعتقلين في غوانتانامو، المؤيد وزائد، والبدوي.. وقود أزمة غير معلنة

  • تقر ير - أشرف الريفي
  • منذ 16 سنة - Wednesday 06 February 2008
ملفات المعتقلين في غوانتانامو، المؤيد وزائد، والبدوي.. وقود أزمة غير معلنة

قضية المعتقلين اليمنيين في خليج غوانتانامو لاتزال بارزة في الأجندة الشعبية والسياسية اليمنية، رغم توتر العلاقات اليمنية الأمريكية خلال الآونة الأخيرة.
وشهدت ساحة مبنى محافظة تعز، السبت الفائت، اعتصاماً لأسر وأطفال معتقلي غوانتانامو والسجون السرية الأمريكية، للمطالبة بإطلاق سراح أقاربهم الذين يعشيون ظروفاً غير إنسانية.
المعتصمون دعوا الحكومة اليمنية الى تحمل مسؤوليتها تجاه المعتقلين، وطالبوا بإغلاق المعتقل سيئ الصيت، ومحاسبة المتورطين بالجرائم الإنسانية هناك.
هذه الفعالية التي أتت في إطار الحملة الوطنية للمطالبة بإطلاق سراح معتقلي جوانتانامو، أقيمت في ظرف حرج تعيشه العلاقات اليمنية الأمريكية، بسبب عدم استجابة اليمن للابتزاز الأمريكي المستمر، والمتمثل هذه المرة بتسليم المتهم الرئيس بتفجير المدمرة الأمريكية كول في سواحل عدن عام 1002م، جمال البدوي.
الشهر الفائت، بدأ السفير الأمريكي بصنعاء ستيفن سيش، نشاطه الديبلوماسي بالمطالبة بجمال البدوي والشيخ عبدالمجيد الزنداني، في الوقت الذي كانت فيه فعاليات شعبية تطالب بالإفراج عن المختطفين اليمنيين الشيخ محمد المؤيد ومرافقه محمد زايد، المحكوم عليهما أمريكياً بالسجن 57 عاماً للأول، و52 عاماً للثاني، في محاكمة غير قانونية.
تنازلات السلطة عن مواطنيها، وتماديها في التسهيلات الأمنية للأمريكان تحت مسمى التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب، أسال لعاب الأمريكان في ابتزاز أكثر، ومستغلاً فساد الحكومة، وفشل النظام الحاكم الذي اعتاد على تقديم التنازلات دون مقابل.
واشنطن تطالب بالبدوي الذي يقضي فترة تنفيذ حكم قضائي في السجون اليمنية، بعد أنباء إطلاق سراحه من قبل السلطات. كما تطالب بالزنداني الذي يتعرض لابتزاز أمريكي، وكذلك محلي من قبل النظام.
وفي المقابل، لازال ما يقارب 001 يمني معتقلين في جوانتانامو، ناهيك عن المختطفين المؤيد وزايد، في عمليات اختطاف أمريكية غير قانونية، تعدت السيادة اليمنية.
وتبقى قضية المعتقلين اليمنيين بخليج جوانتانامو، محط جدل بين صنعاء وواشنطن. وسبق لمحامين أمريكيين أن صرحوا بأن الحكومة اليمنية رفضت تسلم معتقليها في جوانتانامو، إلا أن وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي صرح، مطلع الشهر الفائت، بأن اليمن رفضت تسلم مواطنيها بشروط أمريكية.
الرئيس علي عبدالله صالح طالب في رسالة وجهها لرئيس الأمريكي جورج بوش، بالإفراج عن المعتقلين اليمنيين بجوانتانامو، وكذلك المؤىد وزايد، إلا أن رد الخارجية الأمريكية كان صادماً لصنعاء عندما قال إن المعتقلين اليمنيين هم سبب التأخير في إغلاق معتقل جوانتانامو، لأن واشنطن لاتثق بقدرة الحكومة اليمنية في احتواء نشاطات وتحركات أعضاء القاعدة العائدين الى اليمن.
الأزمة اليمنية الأمريكية بلغت أوجها بإلغاء صنعاء استضافة منتدى المستقبل الرابع للإصلاحات، بسبب اعتذار وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس عن المشاركة، كنوع من الاحتجاج على رفض صنعاء تسليم جمال البدوي.
زيارة صالح الأوروبية اعتبرها مراقبون رسالة لواشنطن بأن تحالف صالح قد يتحول صوب الاتحاد الأوروبي. لكن ما لايمكن تجاهله أن تحالف الرئيس صالح مع واشنطن قد أفضى الى تسليم شركات أمريكية أعمالاً نفطية كبيرة، وبامتيازات هائلة. كما أن التعاون الأمني الذي تبلور بتدريب قوات أمنية يمنية متخصصة، يرى فيها البعض عملاً تجسسياً لم تستخدمه اليمن بقدر ما استفاد منه الجانب الأمريكي.
رغم مسلسل التفريط من قبل نظام صنعاء بالسيادة الوطنية، وكرامة وحقوق مواطنيه، إلا أنه اليوم يتسلح بالكره الشعبي للسياسة والنظام الأمريكيين.
لكن هناك كرهاً واضحاً لسياسات النظام الحالي، وأزمات وطنية كبيرة في المحافظات الجنوبية وصعدة ومختلف المدن.
ولأن تحالفات النظام مع الأمريكان، لم تكن تقوم وفق استراتيجية وطنية، بقدر ما كانت تقوم وفق مصالح النظام والحفاظ على الكرسي، فرن نهاية تلك التحالفات ستكون أيضاً وفق مصالح وأهواء غير رطنية. وقد ينقلب السحر على الساحر.
أبرز عقوبة أمريكية معلنة ضد النظام الحالي، هي إلغاء منحة صندوق الألفية بحجة الفشل الاقتصادي، وهذا سبب معلن، لكن الأمر الخفي هو الضغط لاستمرار مسلسل التنازلات.
لعاب الأمريكان (أقصد هنا الساسة) زاد سيلانه بسبب التنازلات المتتالية من النظام، ابتداء من صولات وجولات السفراء الأمريكان في مختلف مدن اليمن، لدرجة أن تحركاتهم كانت تفوق مسؤولي الدولة، في الوقت الذي يتم فيه التضييق على تحركات القادة السياسيين المعارضين، ناهيك عن الصمت والتواطؤ في عملية اغتيال أبو علي الحارثي، في صحراء مأرب، بطائرة أمريكية بدون طيار، والتعاون الأمني في مكافحة الإرهاب دون تحديد ماهية الإرهاب الذي صار شماعة لاستعمار الشعوب، وضرب كل مخالف لسياسة واشنطن.
وفي العلاقات اليمنية الأمريكية قدم النظام لواشنطن ما تريد، ولم يستفد منها البلد في شيء، سوى مزيد من إهدار الكرامة والسيادة معاً.