المؤتمر القومي‮ ‬العربي‮ ‬في‮ ‬بيان دورته الـ‮٧١ ‬الى الأمة‮

الإصــلاح الـســيـاسي‮ ‬الـشـــامــل ودســتــرة القــوانــين قـــاعــدة لحــــل الأزمـــة بــين الــدولـــــة والمجــــتــمـع

  • الوحدوي نت
  • منذ 17 سنة - Thursday 01 June 2006
الإصــلاح الـســيـاسي‮ ‬الـشـــامــل ودســتــرة القــوانــين قـــاعــدة لحــــل الأزمـــة بــين الــدولـــــة والمجــــتــمـع

 في‮ ‬رحاب مدينة الدار البيضاء،‮ ‬على أرض المغرب،‮ ‬وفي‮ ‬احتضان من‮ ‬غالبية المجتمع المغربي،‮ ‬السياسية والنقابية والجمعوية،‮ ‬انعقدت الدورة السابعة عشرة للمؤتمر القومي‮ ‬العربي،‮ ‬في‮ ‬مشاركة‮ ‬غير مسبوقة،‮ ‬كماً‮ ‬ونوعاً،‮ ‬حملت عليه أهمية الدورة،‮ ‬واللحظة التاريخية الدقيقة التي‮ ‬تلتئم في‮ ‬سياقها،‮ ‬مثلما حملت عليه أهمية المكان وموقعه المميز في‮ ‬وجدان أبناء الأمة ونخبها السياسية والثقافية،‮ ‬وفي‮ ‬القلب منهم أعضاء المؤتمر القومي‮ ‬العربي‮: ‬المشدودون الى مساهمة بلاد المغرب الأقصى في‮ ‬التاريخ الحضاري‮ ‬للأمة،‮ ‬والمتابعون لحركة النهضة الثقافية المتنامية فيها،‮ ‬وللطريقة التي‮ ‬تتناول بها البلاد ملفات الماضي‮ ‬السياسية في‮ ‬إطار فسح المجال أمام المصالحة والانتقال الديمقراطي‮. ‬وعلى مدى أربعة أيام من أيار‮/ ‬مايو‮ ‬2006،‮ ‬عكف أعضاء المؤتمر على تدارس اوضاع الامة في‮ ‬لحظتها الراهنة،‮ ‬وعلى مدى سنة كاملة فاصلة عن تاريخ عقد الدورة السابقة‮. ‬ولقد تميزت هذه الدورة بأنها شهدت أيضاً‮ ‬على هامش انعقادها برنامجاً‮ ‬موازياً‮ ‬من اللقاءات والفعاليات المتنوعة مع مختلف قطاعات المجتمع المدني‮ ‬المغربي،‮ ‬أحزاباً‮ ‬ونقابات وقطاعات،‮ ‬مما أتاح درجة عالية من التفاعل بين أعضاء المؤتمر وأهلهم في‮ ‬المغرب‮.‬ وقد توزع المشاركون على ثماني‮ ‬لجان،‮ ‬كانت بمثابة ورش عمل حول أبرز القضايا العربية،‮ ‬وهي‮: ‬اللجنة الأولى‮: ‬الأمن القومي‮ ‬والصراع العربي‮ -‬الصهيوني‮ (‬بما في‮ ‬ذلك سبل دعم الانتفاضة وكسر الحصار‮)‬،‮ ‬اللجنة الثانية‮: ‬الدولة والمجتمع‮ (‬بما في‮ ‬ذلك الديمقراطية وحقوق الإنسان والقضايا المتصلة بها‮)‬،‮ ‬اللجنة الثالثة‮: ‬العلاقات العربية‮ (‬بما في‮ ‬ذلك العلاقات العربية‮ -‬العربية،‮ ‬والعلاقات العربية‮ -‬الأفريقية،‮ ‬والعلاقات العربية مع دول الجوار والعالم‮)‬،‮ ‬اللجنة الرابعة‮: ‬التنمية العربية‮ (‬بما في‮ ‬ذلك التنمية الاقتصادية والاجتماعية بمفهومها الواسع والشامل‮)‬،‮ ‬اللجنة الخامسة‮: ‬القضية العراقية‮ (‬بما في‮ ‬ذلك دعم المقاومة والدفاع عن استقلال العراق ووحدتته وعروبته‮)‬،‮ ‬اللجنة السادسة‮: ‬لجنة تطور عمل المؤتمر،‮ ‬اللجنة السابعة‮: ‬اللجنة الثقافية والتربوية،‮ ‬واللجنة الثامنة‮: ‬لجنة السودان‮.‬ كما انتخب المؤتمر الأستاذ خالد السفياني‮ ‬أميناً‮ ‬عاماً‮ ‬هو الخامس بعد أربعة أمناء عامين سابقين،‮ ‬في‮ ‬تأكيد من المؤتمر على فكرة تداول المسؤولية باعتبارها أحد مقومات الديمقراطية الحقة،‮ ‬وفي‮ ‬رسالة من المؤتمر الى كل الأنظمة والمنظمات الشعبية لاحترام هذه القاعدة الديمقراطية،‮ ‬والتي‮ ‬هي‮ ‬معبر أيضاً‮ ‬عن فكرة العمل الجماعي‮ ‬والمؤسسي‮.‬ كذلك انتخب المؤتمر أمانة عامة جديدة تضم أعضاء من معظم أقطار الوطن العربي‮ (‬هم حسب التسلسل الأبجدي‮): ‬د‮. ‬أشرف البيومي‮ (‬مصر‮)‬،‮ ‬أ‮. ‬أمين سليمان اسكندر‮ (‬مصر‮)‬،‮ ‬أ‮. ‬تيسير مدثر‮ (‬السودان‮)‬،‮ ‬أ‮. ‬حسن العريبي‮ (‬الجزائر‮)‬،‮ ‬د‮. ‬خضير المرشدي‮ (‬العراق/سوريا‮)‬،‮ ‬أ‮. ‬الخليل ولد الطيب‮ (‬موريتانيا‮)‬،‮ ‬د‮. ‬رزان عفلق‮ (‬سوريا/فرنسا‮)‬،‮ ‬د‮. ‬ساسين عساف‮ (‬لبنان‮)‬،‮ ‬أ‮. ‬سميرة رجب‮ (‬البحرين‮)‬،‮ ‬أ‮. ‬عبدالإله المنصوري‮ (‬المغرب‮)‬،‮ ‬أ‮. ‬عبدالقادر‮ ‬غوقة‮ (‬ليبيا‮)‬،‮ ‬د‮. ‬عبدالقدوس المضواحي‮ (‬اليمن‮)‬،‮ ‬أ‮. ‬عبدالملك المخلافي‮ (‬اليمن‮)‬،‮ ‬أ‮. ‬عبدالوهاب القصاب‮ (‬العراق‮)‬،‮ ‬أ‮. ‬عوني‮ ‬فرسخ‮ (‬فلسطين/الإمارات‮)‬،‮ ‬د‮. ‬كمال الطويل‮ (‬فلسطين/أمريكا‮)‬،‮ ‬د‮. ‬ماهر الطاهر‮ (‬فلسطين/سوريا‮)‬،‮ ‬أ‮. ‬مجدي‮ ‬المعصراوي‮ (‬مصر‮)‬،‮ ‬أ‮. ‬محمد الحموري‮ (‬الأردن‮)‬،‮ ‬د‮. ‬محمد السعيد إدريس‮ (‬مصر‮)‬،‮ ‬د‮. ‬محمد المسفر‮ (‬قطر‮)‬،‮ ‬أ‮. ‬محمد عبدالمجيد منجونة‮ (‬سوريا‮)‬،‮ ‬د‮. ‬محمد مواعدة‮ (‬تونس‮)‬،‮ ‬أ‮. ‬مصطفى نويصر‮ (‬الجزائر‮)‬،‮ ‬د‮. ‬يوسف مكي‮ (‬السعودية‮).‬ وقد صدر عن المؤتمر بيان الى الأمة‮:‬  شهد الوطن العربي،‮ ‬في‮ ‬الفترة الفاصلة بين ربيع العام ‮٥٠٠٢‬وربيع العام ‮٦٠٠٢‬،‮ ‬تضافر حالتين سياسيتين من التأثير في‮ ‬أوضاعه،‮ ‬تبدَّتا في‮ ‬شكل ديناميتين متعارضتين‮. ‬أولاهما حالة الضغط الذي‮ ‬ما انقطعت فصوله ووقائعه على مجمل الأوضاع فيه‮. ‬وكان مركز الضغط ذاك،‮ ‬ومايزال،‮ ‬هو القوى الامبريالية والصهيونية الساعية بدأب ثابت في‮ ‬تنظيم هجوم مركز على منطقتنا العربية‮ ‬،‮ ‬متطلعة الى إسقاط ما تبقى من مواقع اعتراضية‮: ‬وطنية وقومية،‮ ‬فيها،‮ ‬ومستثمرة في‮ ‬ذلك حالة الاختلال الفادح في‮ ‬موازين القوى الدولية والإقليمية بعد قيام نظام الأوحدية القطبية وتكريسه،‮ ‬وبعد إخراج العراق المحتل من معادلة القوة العربية‮. ‬وثانيتهما حالة متنامية من الممانعة الوطنية والقومية لمفاعيل ذلك الهجوم المعادي‮ ‬المعاكس،‮ ‬مترافقة مع حالة من الحراك السياسي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬الداخلي‮ ‬لتصحيح أوضاع السلطة والتوازن السياسي‮ ‬في‮ ‬الداخل الوطني،‮ ‬وإعادة تأهيل مجتمعاتنا العربية للتكيف الإيجابي‮ ‬مع السيل المنهمر من الضغوط الدولية والإقليمية المتعاقبة‮. ‬وقد لاحظ المؤتمر‮ -‬متأملاً‮ ‬في‮ ‬فعل هاتين الديناميتين‮- ‬عدم التناسب بين حجم الضغوط التي‮ ‬تعرض لها الوطن العربي،‮ ‬وبين حصيلة المكاسب التي‮ ‬جنتها من ذلك قوى الضغط ا لدولي‮ ‬المطبقة عليه بالجيوش والأساطيل ومزاعم‮ »‬الإصلاح‮« ‬و»الديمقراطية‮«. ‬ولم‮ ‬يفُتْه أن‮ ‬يفسر تلك الفجوة‮ -‬بين كثافة الضغوط وتواضع النتائج‮- ‬بنجاح حال المقاومة والممانعة العربية في‮ ‬كبح جماح الاندفاعة العدوانية الخارجية،‮ ‬وإجبارها على بلع الكثير مما تطلعت الى تحقيقه من أهداف معادية،‮ ‬دون أن‮ ‬يستصغر حجم التحديات الكبير الذي‮ ‬بات‮ ‬يمتحن مصير الأمة في‮ ‬لحظة الجزر القومي‮ ‬السائدة،‮ ‬وفي‮ ‬وقت بدأت تتصاعد فيه حركات دولية مناوئة للمشروع الامبراطوري‮ ‬الأمريكي‮ ‬ولجرائمه في‮ ‬العراق وغيره،‮ ‬أدى الى نتائج ملموسة في‮ ‬تساقط رؤوس بسبب انخراطها في‮ ‬هذا المشروع في‮ ‬أمريكا اللاتينية وأوروبا،‮ ‬وصعود قيادات مناهضة للهيمنة الأمريكية،‮ ‬مما‮ ‬يستدعي‮ ‬تعميق التواصل مع كل أحرار العالم،‮ ‬ومع جالياتنا في‮ ‬كل المهاجر،‮ ‬من أجل نصرة قضايانا العادلة وقضايا الشعوب المستهدفة،‮ ‬وذلك لتعميق التضامن الدولي‮ ‬لصد الهجمة الأمريكية‮.‬ من هنا‮ ‬يحيي‮ ‬المؤتمر اختيارات الشعوب لقيادات تعبر عن مصالحها،‮ ‬وتستحق التقدير من أحرار العالم‮.‬ ولقد رصد المؤتمر الأشكال المختلفة لفعل تينك الديناميتين على صعيد أهم القضايا العربية الراهنة،‮ ‬وأعلن مواقفه إزاءها‮:‬  أ‮- ‬في‮ ‬الأمن القومي‮ ‬العربي
‮١- ‬استمرت حالة الاستباحة الصارخة للأمن القومي‮ ‬العربي‮ ‬باستمرار حالة الوجود العسكري‮ ‬الأجنبي‮ ‬من قوات وقواعد وأساطيل فوق الأراضي‮ ‬والمياه العربية،‮ ‬متغذية من حالة الاحتلال التي‮ ‬يرزح تحتها العراق وفلسطين،‮ ‬ومستفيدة من الدور الذي‮ ‬لعبته بعض الأنظمة في‮ ‬وضعها الموانئ والمطارات رهن إشارتها،‮ ‬وكذلك السماح بفتح مقرات في‮ ‬بعض العواصم لمكتب التحقيقات الفيدرالي‮ ‬الأمريكي‮. ‬ولم تتوقف الاستباحة تلك عند حدود ذلك الوجود،‮ ‬بل عبرت عن نفسها،‮ ‬أيضاً،‮ ‬في‮ ‬سياسات الحجر والوصاية على القرار العربي،‮ ‬ومصادرة أي‮ ‬شكل من أشكال استقلاليته،‮ ‬على النحو الذي‮ ‬بدا جلياً‮ ‬في‮ ‬عجز النظام العربي‮ ‬الرسمي‮ ‬عن اشتقاق سياسة مستقلة تجاه قضايا فلسطين والعراق والسودان،‮ ‬واضطراره الى تكييف نفسه مع الخطوط الحمر التي‮ ‬رسمتها السياسة الأمريكية تجاه هذه القضايا‮ (‬الاعتراف بـ»العملية السياسية‮« ‬وبمعادلاتها الطائفية والعرقية في‮ ‬العراق المحتل؛ الاعتراف بـ»خريطة الطريق‮« ‬أساساً‮ ‬للتسوية؛ عدم إعلان رفض صريح لمبدأ التدخل الدولي‮ ‬إقليم دارفور؛‮ ‬غياب سياسة عربية خاصة بهذه القضايا‮..).‬ في‮ ‬مقابل هذه الهجمة المنظمة على الأمن القومي،‮ ‬تزايدت حالة المطالبة الشعبية بجلاء قوات الاحتلال والأساطيل الأجنبية،‮ ‬وإغلاق القواعد الأمريكية في‮ ‬منطقتنا وعلى أراضينا،‮ ‬على نحو ما عبرت عن ذلك جموع المتظاهرين في‮ ‬عشرات المسيرات والتحركات الشعبية الحاشدة،‮ ‬وعلى نحو ما أعلنته مواقف المنظمات السياسية والشعبية والمهنية على الصعيدين الوطني‮ ‬والقومي‮ ‬في‮ ‬أكثر من مناسبة‮. ‬وقد ارتفع معدل الشعور بالمخاطر التي‮ ‬تقود إليها تلك الاستباحة لدى النظام الرسمي‮ ‬العربي‮ ‬نفسه،‮ ‬فلاحظنا إنهاء السعودية مثلاً‮ ‬اتفاقات استخدام بعض قواعدها من طرف الولايات المتحدة،‮ ‬وتزايد الدعوة الى إنهاء احتلال العراق،‮ ‬وإلى البحث عن تسوية سياسية لمشكلة‮ ‬غرب السودان بعيداً‮ ‬عن التدخل الدولي‮... ‬الخ‮. ‬ومع أن الاختلال فادح بين وزن الاستباحة الخارجية ووزن الاعتراض الداخلي‮ ‬العربي‮ ‬عليها،‮ ‬إلا أن إشهاره في‮ ‬وجه العدوان الأجنبي‮ ‬ليس تفصيلاً‮ ‬سياسياً‮ ‬عادياً‮ ‬ولا فعلاً‮ ‬موضعياً‮ ‬معزولاً،‮ ‬خصوصاً‮ ‬بالنظر الى تصاعد المطالبات الدولية ومن قوى كبرى‮ (‬روسيا،‮ ‬الصين،‮ ‬فرنسا،‮ ‬وألمانيا‮) ‬بإنهاء احتلال العراق وجلاء الأساطيل الأجنبية عن الوطن العربي‮.‬ وفي‮ ‬هذا السياق‮ ‬يشدد المؤتمر على أن إبرام بعض الدول العربية اتفاقات تعاون عسكري،‮ ‬أو إجراء مناورات عسكرية مع قوات معادية،‮ ‬هو إسقاط فعلي‮ ‬لمعاهدة الدفاع العربي‮ ‬المشترك،‮ ‬ما‮ ‬يشكل انعكاسات خطيرة على الأمن القومي‮.‬ ويرى المؤتمر أن الأمن الخليجي‮ ‬هو جزء من الأمن انلقومي‮ ‬العربي،‮ ‬وهو مهدد ليس فقط بسبب ظاهرة العسكرة المكثفة والقواعد الأجنبية في‮ ‬ظل المتغيرات الإقليمية الجديدة،‮ ‬وفي‮ ‬مقدمها أزمة البرنامج النووي‮ ‬الإيراني‮ ‬المتصاعدة بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الإيرانية،‮ ‬ولكنه مهدد أيضاً‮ ‬بفعل تطورات داخلية تتراكم‮ ‬يوماً‮ ‬بعد‮ ‬يوم،‮ ‬وفي‮ ‬مقدمتها خطر الاختلال السكاني‮ ‬في‮ ‬غير صالح عرب الخليج،‮ ‬بما أضحى لايؤثر فقط على الأمن بمفهومه السياسي،‮ ‬ولكن أيضاً‮ ‬بمفهومه الثقافي‮ ‬والاجتماعي،‮ ‬فاللغة العربية مهددة،‮ ‬والثقافة العربية مهددة،‮ ‬بل إن المواطنية العربية باتت مهددة‮.‬ إن هذه التهديدات تتفاقم في‮ ‬ظل تزايد الوجود والنفوذ الغربي‮ ‬في‮ ‬الخليج،‮ ‬والانفتاح الزائد على برامج ومناهج التعليم الغربية،‮ ‬وانتشار التعلم الغربي‮ ‬والجامعات الغربية،‮ ‬ونموذج مؤسسة رائدة الأمريكية‮ ‬يعتبر نموذجاً‮ ‬للمخاطر التي‮ ‬تهدد العقل العربي‮ ‬والثقافة العربية‮.‬ وفي‮ ‬هذا المجال توقف المؤتمر باعتزاز،‮ ‬أمام وقفته كمؤسسة وكأعضاء،‮ ‬وفي‮ ‬أصعب اللحظات،‮ ‬في‮ ‬قلب حركة المقاومة والممانعة لهذه الهجمة العسكرية الاستعمارية ولكل تداعياتها السياسية والفكرية والثقافية،‮ ‬التي‮ ‬وقع في‮ ‬أسرها العديد من مثقفي‮ ‬الأمة وقواها‮.‬  ‮٢- ‬القضية الفلسطينية  إذ‮ ‬يلاحظ المؤتمر حالة السلبية العربية تجاه الجرائم اليومية التي‮ ‬يرتكبها جيش الكيان الصهيوني‮ ‬في‮ ‬حق الشعب الفلسطيني‮: ‬من تقتيل جماعي،‮ ‬ومن ملاحقات واغتيالات لأطر المقاومة ونشطاء الانتفاضة،‮ ‬ومن اقتحامات للمدن والقرى والمخيمات،‮ ‬ومداهمات للدور والمؤسسات وأماكن العبادة،‮ ‬ومن اختطافات واعتقالات لمئات الشباب،‮ ‬ومن جرف‮ ‬يومي‮ ‬للأراضي‮ ‬والحقول،‮ ‬ومن مصادرة للأراضي‮ ‬وتكثيف للاستيطان عليها،‮ ‬ومن إمعان في‮ ‬بناء جدار الفصل العنصري،‮ ‬ومن تجويع وحصار اقتصادي،‮ ‬ومن تقطيع ممنهج لأوصال المناطق المحتلة في‮ ‬الضفة الغربية بالحواجز والمعابر والطرق الالتفافية،‮ ‬ومن تهويد كثيف للقدس لطمس معالمها الحضارية والقومية والدينية،‮ ‬ومن عزل للسلطة وتضييق على مؤسساتها‮... ‬الخ،‮ ‬وإذ‮ ‬يستنكر التواطؤ الأمريكي‮ ‬المكشوف مع الكيان الصهيوني،‮ ‬ومع مشروع إيهود أولمرت للانسحاب أحادي‮ ‬الجانب الذي‮ ‬يبقي‮ ‬مناطق شاسعة من الضفة‮ -‬فضلاً‮ ‬عن القدس‮- ‬تحت السيادة الصهيونية،‮ ‬ويسقط سائر قضايا الصراع الأساسية كاللاجئين والقدس والمستوطنات والمياه والدولة‮..‬،‮ ‬يسجل المؤتمر في‮ ‬الوقت عينه وقفة الصمود البطولي‮ ‬التي‮ ‬وقفتها جماهير شعبنا في‮ ‬فلسطين في‮ ‬مواجهة الغزوة والقمع الصهيونيين،‮ ‬والتي‮ ‬نجحت في‮ ‬تحصيل أهداف ثلاثة متضافرة ومتزامنة في‮ ‬الأشهر الأخيرة‮:‬ أولها ا ستمرار حالة المقاومة الوطنية المسلحة في‮ ‬مناطق الضفة والقطاع على الرغم من اشتداد وطأة القمع الصهيوني‮ ‬ضد أطر المقاومة وقادتها،‮ ‬وعلى الرغم من زيادة الإجراءات الأمنية لحماية العمق الصهيوني‮ ‬في‮ ‬مناطق الــ‮٨٤ ‬من قبيل مد جدار الفصل العنصري‮ ‬على امتداد‮ -‬وداخل‮- ‬المناطق المحتلة في‮ ‬العام ‮٧٦٩١‬،‮ ‬في‮ ‬تحدٍّ‮ ‬صارخ للاستشارة القضائية الصادرة عن محكمة العدل الدولية في‮ ‬لاهاي،‮ ‬والتي‮ ‬مازالت مجمدة دون أي‮ ‬تفعيل،‮ ‬بالإضافة الى محاولات‮ »‬الكيان الصهيوني‮« ‬دفع السلطة وأجهزتها الأمنية للصدام مع المقاومة‮.‬ وثانيها نجاح المقاومة في‮ ‬إجبار الاحتلال على الانكفاء العسكري‮ ‬عن قطاع‮ ‬غزة بعد أن امتنع عليه اقتحامه أو إعادة اجتياحه وتطويعه‮. ‬ومهما قيل عن أن الانسحاب الصهيوني‮ ‬وحيد الجانب جرى ضمن إطار خطة شاملة لفك الارتباط بين‮ »‬الكيان الصهيوني‮« ‬ومناطق الغالبية الفلسطينية،‮ ‬لحفظ‮ »‬نقاء‮« ‬الدولة اليهودية،‮ ‬والتملص من البحث في‮ ‬قضية تقرير المصير الوطني‮ ‬الفلسطيني،‮ ‬فإن المؤتمر‮ ‬يرى في‮ ‬ذلك الانسحاب نتيجة موضوعية لما تعرض له الاحتلال من إرهاق شديد جراء ضربات المقاومة،‮ ‬ومحطة مفصلية على طريق إسقاط فكرة‮ »‬إسرائيل الكبرى‮«.‬ وثالثها نجاح الشعب الفلسطيني‮ ‬في‮ ‬إطلاق عملية سياسية ديمقراطية داخلية أفضت الى تحقيق شكل من التداول على السلطة بمناسبة انتخابات المجلس التشريعي‮. ‬ومع أن تلك العملية جرت في‮ ‬ظل الاحتلال وانعدام السيادة الوطنية؛ ومع أن المجلس التشريعي‮ ‬هو مؤسسة من إفرازات اتفاق إعلان المبادئ وصلاحياته محدودة بحدود الحكم الذاتي،‮ ‬إلا أن النجاح في‮ ‬امتحان الانتقال الديمقراطي‮ ‬يمثل أساساً‮ ‬لبناء نظام سياسي‮ ‬حديث قائم على التمثيل النزيه وسلطة القانون والتداول الديمقراطي‮ ‬على السلطة،‮ ‬وهو ما‮ ‬يقع في‮ ‬صلب برنامج التحرر الوطني‮ ‬الفلسطيني‮.‬ وإذ‮ ‬يسجل المؤتمر هذه المكتسبات العظيمة في‮ ‬رصيد الشعب الفلسطيني‮ ‬وحركته الوطنية،‮ ‬يناشد فصائل المقاومة كافة التنبه اليقظ للمؤامرات التي‮ ‬تحاك للإيقاع بينها،‮ ‬وإسقاطها في‮ ‬فخ الاقتتال الداخلي،‮ ‬ويؤكد المؤتمر أن الدم الفلسطيني‮ ‬محرم ومقدس،‮ ‬والعمل الدؤوب على قطع الطريق عليها من خلال إطلاق حوار وطني‮ ‬يتناول المسائل الخلافية،‮ ‬ويتمسك بالثوابت الوطنية والقومية،‮ ‬ويقود الى إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية سليمة لتشارك فيها جميع القوى الوطنية والإسلامية،‮ ‬كونها الإطار الموحد والجامع واللمؤهل ليبقى الممثل الشرعي‮ ‬للشعب الفلسطيني،‮ ‬وإلى تصويب العلاقة بين مؤسسات السلطة،‮ ‬وبين هذه وفصائل المقاومة‮. ‬كما‮ ‬يستنكر المؤتمر بشدة محاولات الإدارة الأمريكية وحليفاتها من بعض الحكومات الأوروبية،‮ ‬عزل الحكومة الفلسطينية الجديدة،‮ ‬ومن ورائه تجويع الشعب الفلسطيني‮ ‬على اختياره‮ ‬غالبية نوابه من مرشحي‮ ‬حركة‮ »‬حماس‮«‬،‮ ‬مما‮ ‬يفضح مزاعم تلك الدول حول‮ »‬نشر الديمقراطية‮«‬،‮ ‬ويكشف عن سياسة ازدواجية المعايير التي‮ ‬تنهجها،‮ ‬ويطالب الدول العربية والإسلامية‮ -‬في‮ ‬هذا الإطار‮- ‬بلوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الشعب الفلسطيني،‮ ‬بل وزيادتها في‮ ‬ظل الفورة النفطية الحالية،‮ ‬وبتكثيف الدعم المادي‮ ‬والسياسي‮ ‬لرفع الضائقة عنه،‮ ‬وإسناد نضاله الوطني‮. ‬كما‮ ‬يهيب بجماهير الأمة وقواها الحية تحمل مسؤولياتها القومية تجاه شعب فلسطين من خلال تقديم كافة أشكال الدعم والعون التي‮ ‬يحتاج إليها‮. ‬كما‮ ‬يستنكر المؤتمر ويدين الاعتداءات الصهيونية على الشعب الفلسطيني‮ ‬بتواطؤ أمريكي‮ -‬بريطاني‮ ‬معلن،‮ ‬كما الشأن في‮ ‬عملية اختطاف أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين،‮ ‬وجميع المناضلين الذين كانوا معتقلين في‮ ‬سجن أريحا،‮ ‬وتحميل الإدارتين الأمريكية والبريطانية المسؤولية عن هذه الجريمة؛ وفي‮ ‬هذا السياق‮ ‬يتوجه المؤتمر بقوة الى جميع الجهات المعنية والقادرة كي‮ ‬تتضامن من أجل إطلاق جميع المعتقلين في‮ ‬سجون العدو الصهيوني‮.‬  ‮٣- ‬العراق  وقد تناول المؤتمر أوضاع العراق تحت الاحتلال،‮ ‬وما تشهده من تطورات دراماتيكية تهدد بتقويض بقايا عناصر الوحدة الكيانية والمجتمعية فيه‮. ‬وإذ‮ ‬يسجل إمعان الاحتلال الأمريكي‮ ‬في‮ ‬تمزيق النسيج الوطني،‮ ‬والتحريض على الفتنة الطائفية والاقتتال الأهلي،‮ ‬وتركيب نظام سياسي‮ ‬على حدود العصبيات الأهلية،‮ ‬وبمقتضى قاعدة المحاصصة في‮ ‬التمثيل والمشاركة،‮ ‬يسجل الفشل الذريع للاحتلال في‮ ‬تحقيق عملية سياسية تخرج البلد من أزمته الحادة التي‮ ‬أنتجها الاحتلال نفسه بتدمير الدولة والكيان وإطلاق تناقضات البنية الاجتماعية من عقالها السياسي‮. ‬فإلى كون تلك‮ »‬العملية السياسية‮« ‬غير شرعية لأنها تجري‮ ‬في‮ ‬ظل الاحتلال،‮ ‬وما‮ ‬ينجم عنها باطل بقوة الحق والقانون الدولي،‮ ‬فهي‮ ‬لم تحظَ‮ ‬بإجماع وطني‮ ‬عراقي‮: ‬فما سمي‮ ‬بــ»الدستور‮ « (‬المملى‮) ‬رُفض بشدة من قطاعات واسعة من المجتمع،‮ ‬وجرت عمليات تزوير واضحة لتمريره،‮ ‬كما أتت‮ »‬الانتخابات‮« ‬التشريعية تعبر عن مهزلة سياسية حقيقية‮: ‬في‮ ‬الاصطفافات الطائفية والعرقية التي‮ ‬أنتجت قوائم على مقاسها،‮ ‬وفي‮ ‬التجييش العصبوي‮ ‬الذي‮ ‬رافق الحملة الانتخابية،‮ ‬ثم في‮ ‬النتائج التي‮ ‬كشفت عن مذبحة رهيبة للتمثيل وتزوير فاضح لإرادة الناخبين،‮ ‬هذا دون المقاطعة الواسعة لهذه الانتخابات،‮ ‬ورغم الترويج الواسع بأنها الطريق لإخراج المحتل،‮ ‬أو لوقف الممارسات الطائفية البشعة التي‮ ‬تقوم بها بعض الأجهزة الحكومية،‮ ‬وفي‮ ‬مقدمتها أجهزة وزارة الداخلية،‮ ‬في‮ ‬مناطق ومحافظات عدة من العراق‮. ‬وليست أزمة تشكيل الحكومة بعد أزيد من أربعة شهور عن الانتخابات،‮ ‬سوى حلقة في‮ ‬سلسلة أزمات حادة قادمة تضع الهندسة السياسية الأمريكية لمستقبل العراق في‮ ‬مأزق حاد لن تخرج منه إلا بخروج قوات الاحتلال من هذا البلد،‮ ‬واستعادة شعبه استقلاله وسيادته،‮ ‬وإعادة بناء دولته وكيانه الوطني‮ ‬ومؤسساته الدستورية‮.‬ وإذ‮ ‬يتوجه المؤتمر بالتحية الى قوى المقاومة الوطنية العراقية على استبسالها في‮ ‬الدفاع عن الوطن والعمل على تحريره ودحر قوات الاحتحلال؛ وإذ‮ ‬يهيب بكل القوى الشعبية والرسمية العربية والإسلامية،‮ ‬وكل أحرار العالم،‮ ‬دعم نضال الشعب العراقي‮ ‬ومقاومته الباسلة،‮ ‬من أجل انتزاع حريته واستقلاله وسيادته،‮ ‬وتوفير حاضنة قومية وإقليمية لنضاله ولحركته الوطنية،‮ ‬يستنكر بشدة عمليات القتل التي‮ ‬تستهدف المدنيين العزل،‮ ‬والتفجيرات التي‮ ‬تستهدف الكنائس والجوامع والحسينيات والمستشفيات وسواها من المرافق الاجتماعية،‮ ‬ويعتبرها أفعالاً‮ ‬إجرامية لا وظيفة لها سوى تشويه سمعة المقاومة وتزوير هويتها الوطنية،‮ ‬واستدراج العراقيين الى الفتنة والاقتتال‮.‬ وقد توقف المؤتمر باعتزاز أمام التداعيات المذهلة والمتسارعة التي‮ ‬يفرزها فعل المقاومة العراقية من تفاعلات مثيرة داخل المجتمع والإدارة الأمريكية،‮ ‬وتفاقم المأزق العسكري‮ ‬والأمني‮ ‬والمالي‮ ‬والأخلاقي‮ ‬لإدارة الاحتلال بما انعكس تدهوراً‮ ‬في‮ ‬شعبية الرئيس الأمريكي،‮ ‬وضغوطاً‮ ‬متصاعدة ضد رموز إدارته،‮ ‬وتفككاً‮ ‬في‮ ‬قوى التحالف العدواني،‮ ‬وازدياداً‮ ‬في‮ ‬الكلام عن خطط الانسحاب وجداول انسحابه،‮ ‬ومزاعم متواصلة حول مفاوضات‮ ‬غير صحيحة مع فصائل المقاومة،‮ ‬وكلها أمور تشير الى أن احتمالات الانسحاب باتت موضع جدل ونقاش داخل الولايات المتحدة نفسها‮.‬ ومن هنا تبرز ضرورة الاهتمام بمبادرات تضغط لخروج الاحتلال،‮ ‬وترسم ملامح العراق بعده،‮ ‬وخلال فترة انسحابه،‮ ‬كالمبادرة التي‮ ‬أطلقها الأمين العام السابق للمؤتمر د‮. ‬خير الدين حسيب،‮ ‬بعد التشاور مع قوى وفصائل وطنية وإسلامية عراقية،‮ ‬وتتضمن أفكاراً‮ ‬سبق أن عرضتها برامج وآراء العديد منها‮. ‬وإذ أكد المؤتمر على ضرورة اعتبار المقاومة العراقية المسلحة والسياسية بكل مستوياتها وأشكالها،‮ ‬هي‮ ‬الممثل الشرعي‮ ‬والوحيد للشعب العراقي،‮ ‬فإنه شدد على ضرورة قيام إطار تنسيقي‮ ‬موحد لفصائل المقاومة،‮ ‬وجبهة وطنية عريضة من القوى المناهضة للاحتلال تتجاوز كل جراح الماضي‮ ‬وحساسياته،‮ ‬وتنطلق من مراجعة جريئة وصادقة مع الذات للتخلص من شوائب وثغرات رافقت تجاربها،‮ ‬وتسعى لإحاطة المقاومة المسلحة بسياج شعبي‮ ‬واسع،‮ ‬وبسلسلة من التحركات السياسية والجماهيرية الداعمة،‮ ‬وبمناخ وطني‮ ‬جامع‮ ‬يضع حداً‮ ‬لكل المحاولات والجهات العرقية والطائفية والمذهبية التي‮ ‬تسعى الى إشعال الفتنة وتدمير الوحدة الوطنية العراقية،‮ ‬وقد باتت اليوم الاحتياطي‮ ‬الرئيسي‮ ‬لمشروع الاحتلال المأزوم على‮ ‬غير صعيد‮.‬ وإذ‮ ‬يجدد المؤتمر مطالبته بجلاء قوات الاحتلال عن بلاد الرافدين دون قيد أو شرط،‮ ‬وبتمكين الشعب العراقي‮ ‬من استعادة استقلاله وبناء مؤسساته الوطنية والديمقراطية على أنقاض المؤسسات‮ ‬غير الشرعية التي‮ ‬أقامها الاحتلال،‮ ‬والتي‮ ‬يتعين على الحكومات العربية عدم التعامل معها،‮ ‬يطالب الدول العربية بتحمل مسؤولياتها تجاه العراق وما‮ ‬يتهدد وحدته وعروبته من أخطار،‮ ‬ويحذر من مغبة التمادي‮ ‬في‮ ‬تجاهل خطورة الموقف فيه،‮ ‬وما‮ ‬يمكن أن‮ ‬ينجم عن تفاقمه من تبعات ستأتي‮ ‬على استقرار المنطقة وعلى وحدة أقطارها برمتها،‮ ‬وفي‮ ‬هذا الإطار‮ ‬يؤكد المؤتمر موقفه الثابت من رفض مخططات التقسيم والتجزئة وخلق الكيانات المصطنعة،‮ ‬والتصدي‮ ‬لذلك انطلاقاً‮ ‬من حتمية العمل من أجل الوحدة العربية الشاملة‮.‬ ويقف المؤتمر بإجلال أمام التضحيات الكبيرة للشعب العراقي،‮ ‬ويحيي‮ ‬المعتقلين من أبنائه وأبناء الأمة في‮ ‬سجون الاحتلال الأمريكي‮ -‬البريطاني،‮ ‬ويدين ما‮ ‬يتعرضون له من انتهاكات وجرائم تشكل أحد أبشع أشكال الجرائم ضد الإنسانية،‮ ‬ويطالب المجتمع الدولي‮ ‬بالعمل على الإفراج عنهم ومحاكمة مرتكبي‮ ‬هذه الجرائم في‮ ‬حقهم‮.‬ كما‮ ‬يؤكد المؤتمر إدانته لما‮ ‬يتعرض له معتقلو‮ ‬غوانتانامو مما‮ ‬يتعارض مع كل المبادئ الأخلاقية والإنسانية والشرع الدولية‮.‬  ‮٤- ‬السودان  أكد المؤتمر نظرته الى السودان باعتباره جزءاً‮ ‬لايتجزأ من الأمة العربية،‮ ‬وهو‮ ‬يشكل باتساعه الجغرافي‮ ‬مركزاً‮ ‬للاتصال والتواصل والانتشار الحضاري‮ ‬والعربي‮ ‬والإسلامي‮ ‬في‮ ‬مناطق الجوار الأفريقي‮ ‬شرقاً‮ ‬وغرباً‮ ‬وجنوباً،‮ ‬وهو البلد الرافد كسلة لغذاء الوطن العربي‮ ‬في‮ ‬زمن أصبحت فيه الأمة مستهدفة في‮ ‬أمنها الغذائي‮ ‬والمالي‮ ‬والنفطي،‮ ‬وفي‮ ‬تماسكها السياسي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬والثقافي‮.‬ يقع السودان في‮ ‬دائرة الاستهداف الأمريكي‮ -‬الصهيوني‮ ‬منذ اشتداد الصراع بين الجنوب والشمال وتفاقم أزمة دارفور بهدف تبديل هوية السودان وضرب دوره العربي‮ ‬والإسلامي‮ ‬والأفريقي،‮ ‬والعمل على تقسيمه‮.‬ وفي‮ ‬إطار المخطط الأمريكي‮ -‬الصهيوني‮ ‬لتفكيك الوطن العربي‮ ‬دولة في‮ ‬أثر دولة،‮ ‬يأتي‮ ‬الإجهاز على السودان عبر حملة إعلامية مغرضة تسعى الى إقناع المجتمع الدولي‮ ‬بأن تدويل الأزمة‮ ‬ينهي‮ ‬مزاعم التطهير العرقي‮ ‬والإبادة الجماعية‮.‬ ومن منطلق سعيه الى أن‮ ‬يبقى السودان ثابتاً‮ ‬في‮ ‬هويته العربية والإسلامية والأفريقية،‮ ‬ومحافظاً‮ ‬على وحدة أرضه ووحدة شعبه،‮ ‬يؤكد المؤتمر أن استهداف السودان هو جزء من استهداف الوطن العربي‮ ‬وعمقه الأفريقي،‮ ‬وأنه قوة استراتيجية للأمن القومي‮ ‬العربي‮ ‬والإسلامي‮ ‬والأفريقي،‮ ‬ولذلك فإن حمايته من الوقوع تحت الوصاية الدولية مسؤولية عربية مشتركة،‮ ‬وينبغي‮ ‬أن تحظى بأولويات العمل العربي‮ ‬المشترك‮. ‬ويؤكد المؤتمر أن احترام التنوع في‮ ‬السودان وحسن إدارته بالحوار والتفاهم بين مختلف مكوناته،‮ ‬أمران لايتعارضان مع وحدته في‮ ‬ظل نظام ديمقراطي‮.‬ ويعلن تأييد المفاوضات الجارية حالياً‮ ‬لايجاد حلول سلمية لأزمة دارفور،‮ ‬واعتبار الحوار هو المنهج لحل النزاعات المماثلة‮.‬ وفي‮ ‬السياق نفسه‮ ‬يؤكد المؤتمر أن ما‮ ‬يتعرض له الصومال‮ ‬يدخل في‮ ‬إطار المخطط الأمريكي‮ -‬الغربي،‮ ‬ويتطلب دعماً‮ ‬عربياً‮ ‬شاملاً‮. ‬كما‮ ‬يؤكد المؤتمر دعمه لشعب جزر القمر في‮ ‬نضاله من أجل التحرير والوحدة‮.‬  ‮٥- ‬لبنان  جدد المؤتمر تحذيره من المحاولات الصهيونية والاستعمارية الرامية الى استغلال جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري‮ ‬ورفاقه والجرائم الأخرى المتصلة بها،‮ ‬وإلى استغلال مختلف الأخطاء والخطايا التي‮ ‬شهدتها العلاقة بين لبنان وسوريا في‮ ‬العقود الثلاثة الماضية،‮ ‬من أجل إحداث انقلاب جذري‮ ‬يسعى الى الانتقال بلبنان العربي‮ ‬الديمقراطي‮ ‬الموحد المقاوم،‮ ‬من موقع المواجهة في‮ ‬الصراع مع العدو الصهيوني،‮ ‬الى موقع الالتحاق بمخططات العدو وحلفائه في‮ ‬الإدارة الأمريكية وبعض الحكومات الغربية‮.‬ ولقد اتخذت هذه المحاولات عنواناً‮ ‬لها هو القرار ‮٩٥٥١ ‬الذي‮ ‬يحاول إقامة جدار عازل بين اللبنانيين أنفسهم من جهة،‮ ‬وبين اللبنانيين وأشقائهم السوريين والفلسطينيين من جهة ثانية،‮ ‬عبر تدويل شامل لكل جوانب الحياة اللبنانية،‮ ‬أمناً‮ ‬وقضاء،‮ ‬سياسة واقتصاداً،‮ ‬وعبر وصاية دولية‮ ‬يمارسها سفراء دول كبرى عبر تدخلهم اليومي‮ ‬في‮ ‬الشؤون الداخلية اللبنانية،‮ ‬وعبر مبعوثين دوليين‮ ‬يجعلون من القضية اللبنانية قضية دائمة في‮ ‬جدول أعمال الأمم المتحدة على نحو‮ ‬يسمح لدول الوصاية،‮ ‬وخصوصاً‮ ‬الإدارة الأمريكية،‮ ‬أن تمارس ابتزازها وضغوطها على لبنان وسوريا لتحقيق أغراض‮ ‬غير لبنانية،‮ ‬ومشاريع لا علاقة لها بملف الجرائم والتفجيرات المستنكرة التي‮ ‬شهدها لبنان‮.‬ ومن هنا فإن المؤتمر‮ ‬يؤكد تضامنه مع سوريا،‮ ‬ودعمه لصمودها في‮ ‬مواجهة كل التهديدات الخارجية‮.‬ وإذ‮ ‬يبدي‮ ‬ارتياحه لتصميم القوى اللبنانية على مواصلة الحوار الوطني‮ ‬لحل كل المشكلات العالقة بينهم،‮ ‬ويشدد على أهمية كشف الحقيقة في‮ ‬جريمة اغتيال الحريري‮ ‬وكل الجرائم المتصلة بها،‮ ‬فإنه‮ ‬يجدد دعمه لمقررات المؤتمر العربي‮ ‬العام الرابع لدعم المقاومة الذي‮ ‬انعقد في‮ ‬بيروت في‮ ٠٣ ‬آذار/مارس ‮٦٠٠٢‬،‮ ‬تحت عنوان‮ »‬سلاح المقاومة شرف للأمة‮«‬،‮ ‬ويرى أن سلاح المقاومة في‮ ‬لبنان هو ضمانة لتحرير ما تبقى من الأرض المحتلة،‮ ‬وللإفراج عمن بقي‮ ‬في‮ ‬الاعتقال من الأسرى والمعتقلين،‮ ‬وفي‮ ‬مقدمتهم بطل عملية جمال عبدالناصر عميد الأسرى سمير القطنار،‮ ‬وللكشف عن مصير المئات من المفقودين على‮ ‬يد قوات الاحتلال وعملائهم،‮ ‬ولردع العدوان الصهيوني‮ ‬المتواصل في‮ ‬انتهاكه للسيادة اللبنانية،‮ ‬بالإضافة الى أن سلاح المقاومة اللبنانية‮ ‬يشكل مع السلاح الفلسطيني‮ ‬عنصراً‮ ‬ضاغطاً‮ ‬لتطبيق القرار ‮٤٩١ ‬القاضي‮ ‬بحق العودة للاجئين الفلسطينيين الى ديارهم ومنع توطينهم في‮ ‬لبنان أو تهجيرهم منه،‮ ‬ناهيك عن أن السلاح الفلسطيني‮ ‬هو ضمانة لأمن المخيمات الفلسطينية بعد أن ثبت بالملموس في‮ ‬صبرا وشاتيلا‮ (‬عام ‮٢٨٩١) ‬وفي‮ ‬اقتحام سجن أريحا‮ (‬عام ‮٦٠٠٢)‬،‮ ‬سقوط ما‮ ‬يسمى بالضمانات الدولية‮.‬ وعلى صعيد العلاقات اللبنانية‮ -‬السورية التي‮ ‬تشهد تأزماً‮ ‬وتوتراً،‮ ‬في‮ ‬بعض المستويات والمجالات،‮ ‬فقد شدد المؤتمر على أهمية تعزيزها وتطويرها وإخراجها من سوق الابتزاز والضغوط الدولية لأغراض‮ ‬غير لبنانية،‮ ‬والعمل الجاد على تخليصها من كل ما انتابها من ثغرات وشوائب كانت مدخلاً‮ ‬لأعداء البلدين،‮ ‬وأعداء العروبة،‮ ‬كما هي‮ ‬ضمانة لاستمرار التواصل بين البلدين على قاعدة التكامل والتكافؤ والاحترام المتبادل بين البلدين‮.‬ ويرى المؤتمر أن بعض الدعوات التي‮ ‬يشهدها لبنان باسم فصل قضيته عن قضية الصراع العربي‮ -‬الصهيوني،‮ ‬إنما‮ ‬يؤدي‮ ‬بالمقابل الى ربط الوضع اللبناني‮ ‬بالأزمات الإقليمية والدولية كافة،‮ ‬فيما أن وضوح الموقف من العدو الصهيوني‮ ‬يشكل بالإضافة الى بعده القومي،‮ ‬الضمانة الرئيسية لوحدة لبنان وأمنه واستقراره‮.‬  ‮٦- ‬في‮ ‬البرنامج النووي‮ ‬الإيراني  أكد المؤتمر على حق إيران بامتلاك التكنولوجيا النووية والسلمية،‮ ‬ورأى في‮ ‬التهديدات الأمريكية والغربية لها مثالاً‮ ‬جديداً‮ ‬على استعداء الشعوب،‮ ‬ومنعها من بناء قدراتها الذاتية،‮ ‬وعلى ازدواجية المعايير والمقاييس،‮ ‬خصوصاً‮ ‬لجهة الصمت المطبق،‮ ‬والتشجيع المستمر لامتلاك الكيان الصهيوني‮ ‬ترسانة نووية حربية،‮ ‬ولخروجه عن كل الاتفاقيات والمنظمات المتصلة بالشأن النووي‮ ‬الصهيوني‮. ‬علماً‮ ‬أن قرار مجلس الأمن رقم ‮٧٨٦ ‬الصادر عام ‮١٩٩١‬،‮ ‬والواقع تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة،‮ ‬والمتصل بقضية العراق آنذاك،‮ ‬قد نص بشكل واضح على ضرورة تجريد المنطقة كلها من أسلحة الدمار الشامل بعد التأكد من خلو العراق من هذه الأسلحة‮.‬ وإذ شدد المؤتمر على ضرورة وقوف كل أحرار الأمة والعالم مع حق كل دولة بالتخصيب النووي‮ ‬ذي‮ ‬الأهداف السلمية،‮ ‬فإنه‮ ‬يدعو القيادة الإيرانية الأخذ بعين الاعتبار معلومات وملاحظات تريدها شرائح واسعة من أبناء الشعب العراقي،‮ ‬الى مراجعة جذرية وجريئة لسياسات وممارسات مدانة جرت وتجري‮ ‬في‮ ‬العراق وأفغانستان،‮ ‬وعلى‮ ‬يد أجهزة وجماعات متصلة بها،‮ ‬ضد شرائح واسعة من أبناء الشعب العراقي،‮ ‬بما‮ ‬يسهم حسب هذه الشرائح،‮ ‬في‮ ‬تعميق جو الفتنة،‮ ‬وبما‮ ‬يخدم مخطط الاحتلال الأمريكي،‮ ‬ويشوه الوجه العربي‮ ‬للعراق،‮ ‬ويضرب وحدته باسم الفيدرالية،‮ ‬وهو أمر‮ ‬يحول دون أوسع تعبئة شعبية عربية وإسلامية ضد المخططات الأمريكية والصهيونية الرامية الى ضرب دول المنطقة،‮ ‬الواحدة تلو الأخرى،‮ ‬وإلى تجريدها من كل مقومات القدرة والقوة لمجابهة التحديات الخارجية والداخلية‮.‬  ‮٧- ‬الدولة والمجتمع  من أبرز الإشكاليات التي‮ ‬تصدى لها المؤتمر إشكالية العلاقة بين الدولة والمجتمع في‮ ‬الوطن العربي‮. ‬وفي‮ ‬هذا الإطار أكد المؤتمرون أن الدول العربية بمجملها‮ ‬يغلب فيها مفهوم السلطة على مفهوم الدولة،‮ ‬خصوصاً‮ ‬الدولة الحديثة التي‮ ‬تقوم فيها مؤسسات الحكم الديمقراطي‮ ‬السليم،‮ ‬وبخاصة مؤسسة العدالة التي‮ ‬عنوانها القضاء المستقل الفاعل والنزيه،‮ ‬ومؤسسات المراقبة والمحاسبة،‮ ‬والمشاركة الشعبية عبر الآليات الديمقراطية في‮ ‬اختيار الحكومات‮.‬ وفي‮ ‬هذا السياق توقف المؤتمر عند العلاقة السلبية بين الدولة والمجتمع،‮ ‬فكان من الضروري‮ ‬أن‮ ‬يرصد الدور الذي‮ ‬يقوم به قضاة مصر من أجل استقلالهم في‮ ‬عملهم،‮ ‬ومن أجل حماية سيادة القانون وحماية الحريات،‮ ‬رغم التضحيات التي‮ ‬تتجلى في‮ ‬التحقيق مع بعضهم،‮ ‬وما‮ ‬يتعرضون له من مضايقات‮.‬ وإذ‮ ‬يكبر المؤتمر مواقف هؤلاء القضاة،‮ ‬يتطلع الى تعميم تجربته في‮ ‬الوطن العربي‮ ‬في‮ ‬اتجاه قيام دولة الحق والقانون‮.‬ ومن منطلق هذا الفهم‮ ‬يرى المؤتمر أن الدولة والمجتمع في‮ ‬الوطن العربي‮ ‬هما في‮ ‬أزمة انفصال ومواجهة،‮ ‬فلا الدولة تعبر عن مصالح المجتمع وإرادة أبنائه،‮ ‬ولا المجتمع‮ ‬يجد نفسه مشاركاً‮ ‬في‮ ‬اختيار الحكومات ورسم السياسات‮.‬ لذلك‮ ‬يرى المؤتمر أن قاعدة حل الأزمة القائمة بين الدولة والمجتمع هي‮ ‬الإصلاح بمفهومه الشامل،‮ ‬بدءاً‮ ‬بالإصلاح السياسي‮ ‬القاضي‮ ‬بدسترة القوانين،‮ ‬باحترام حقوق الإنسان والحريات الخاصة والعامة،‮ ‬بالتعددية السياسية والحزبية،‮ ‬بإدارة التنوع وفق قواعد الحوار وأصول المشاركة الديمقراطية،‮ ‬والتداول،‮ ‬وتعزيز الحياة البرلمانية،‮ ‬وإلغاء قوانين الطوارئ وسائر القوانين التي‮ ‬تنتهك حقوق الإنسان التي‮ ‬كفلتها الشرائع السماوية والمواثيق الدولية،‮ ‬والمحاكم الاستثنائية ذات الطابع السياسي‮ ‬والمدني،‮ ‬والإفراج عن معتقلي‮ ‬الرأي،‮ ‬وتوفير الضمانات اللازمة لحماية حق المواطن في‮ ‬المساواة وتكافؤ الفرص والعيش الكريم والصحة والتعليم والسكن والعدالة القانونية والاجتماعية‮.‬ وفي‮ ‬هذا السياق‮ ‬يرى المؤتمر أن قاعدة الإصلاح الشامل هو المواطنة المتساوية بين الناس،‮ ‬فلا تمييز ولا تمايز أمام القانون في‮ ‬الحقوق والواجبات‮.‬ إن الأولوية هي‮ ‬للإصلاح السياسي‮ ‬لإزالة أنظمة الاستبداد الداخلي‮ ‬التابعة لأنظمة الهيمنة الخارجية الحامية والداعمة لها تأميناً‮ ‬لمصالح الخارج في‮ ‬الداخل‮.‬ إن مشروع الإصلاح الشامل‮ ‬يجب أن‮ ‬يتحرر من ثنائية الاستبداد الداخلي‮ ‬والهيمنة الخارجية،‮ ‬فلا قبول للاستبداد تحت شعار مواجهة الهيمنة الأمريكية‮ -‬الصهيونية،‮ ‬ولا قبول للهيمنة والاستقواء بالخارج تحت شعار مقاومة الاستبداد،‮ ‬إذ أن مقاومة الاستبداد‮ ‬يجب أن تكون جنباً‮ ‬الى جنب مع مقاومة الهيمنة،‮ ‬ورفض ربط مشروع الإصلاح الوطني‮ ‬القومي‮ ‬بما‮ ‬يعرف بالمشروع الأمريكي‮ ‬للديمقراطية،‮ ‬وتوسيع هامش التحالفات بين كل تيارات الأمة المعادية للاستبداد والهيمنة الأمريكية‮ -‬الصهيونية‮.‬ والإصلاح السياسي‮ ‬كذلك‮ ‬يحرر السلطة من قوى الاحتكار والفساد،‮ ‬فاحتكار السلطة وشيوع الفساد أمران متلازمان،‮ ‬والقضاء على أحدهما‮ ‬يحتم القضاء على الآخر‮.‬ الإصلاح السياسي،‮ ‬كما‮ ‬يراه المؤتمر،‮ ‬حاجة عربية ذاتية،‮ ‬أظهرها وأثارها في‮ ‬العديد من بياناته منذ مؤتمراته الأولى،‮ ‬وهو‮ ‬ينبه الى ضرورة التفريق بينها كحاجة ذاتية‮ ‬يصر المؤتمرون على تحقيقها،‮ ‬وكشعار خارجي‮ ‬يطرح لتغليف مشاريع السيطرة وإثارة الفتن في‮ ‬المجتمع العربي،‮ ‬وفي‮ ‬بعض قطاعات المجتمع المدني‮ ‬ومثقفيه،‮ ‬يحذر المؤتمرون من السير في‮ ‬أضاليله والوقوع في‮ ‬شبكات تمويله‮.‬  ‮٨- ‬الثقافة والتربية والتعليم  شدد المؤتمر على ضرورة اهتمامه بالتعليم وجودته وتعميمه لأنه حق أساسي‮ ‬للإنسان،‮ ‬وعلى ضرورة تأمين تربية أصيلة ومعاصرة تستجيب لعالم‮ ‬يتغير بسرعة،‮ ‬وإيجاد مواطن صالح،‮ ‬محافظ على هويته،‮ ‬متمسك بتراثه الحضارزي،‮ ‬مؤكداً‮ ‬أن المعرفة والإبداع والثقافة هي‮ ‬جزء من تراثنا ورسالتنا،‮ ‬وهي‮ ‬بالنسبة لنا حركة تاريخية لاتتوقف للتجدد والنهوض والخلق‮.‬ وإذ حذر المؤتمر من مخاطر الغزو الإعلامي‮ ‬الذي‮ ‬تنبغي‮ ‬مواجهته بإعلام عربي‮ ‬يفضح التضليل المفاهيمي‮ ‬في‮ ‬المصطلحات،‮ ‬وفي‮ ‬التغطية على جرائم الإرهاب الأمريكي‮ -‬الصهيوني‮ ‬الذي‮ ‬ذهب ضحيته عشرات الإعلاميين،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن الاعتقالات والمضايقات المتمادية بحقهم،‮ ‬أكد المؤتمر إدانته الشديدة لهذا الإرهاب الفكري‮.‬ كما حذر المؤتمر من المحاولات الخطيرة الرامية الى اختراق مناهج التربية والتعليم في‮ ‬وطننا،‮ ‬وتدمير مقومات وحدتنا الثقافية،‮ ‬وفي‮ ‬مقدمتها اللغة العربية،‮ ‬ودعا الجهات المعنية بشؤون الإعلام والتربية والتعليم والثقافة،‮ ‬الى التنبه لهذه المحاولات،‮ ‬ودراستها بشكل معمق،‮ ‬واستنباط الوسائل العلمية والتقنية القادرة على تحصين مجتمعاتنا بوجه هذه الاختراقات،‮ ‬والارتقاء بمناهجنا الى المستوى اللائق بأمتنا،‮ ‬والمواكب لروح العصر وإنجازاته‮.‬ وفي‮ ‬عصر حوار الحضارات والثقافات والأديان تؤكد العروبة على قدرتها الذاتية واحترامها للآخر،‮ ‬وانفتاحها وتواصلها،‮ ‬وتقديم ذاتها طليعة العاملين من أجل تعزيز حوار الحضارات والثقافات والأديان للعيش معاً‮ ‬بأخوة ومحبة وأمان وسلام،‮ ‬خصوصاً‮ ‬أن الحضارة العربية الإسلامية التي‮ ‬يدعو المشروع النهضوي‮ ‬الحضاري‮ ‬العربي‮ ‬الى تجددها،‮ ‬هي‮ ‬صنع ثقافات وأديان وأعراق تساكنت في‮ ‬هذه المنطقة على مدى القرون،‮ ‬ورسمت معاً‮ ‬معالم حياتها المشتركة‮.‬  ‮٩- ‬التنمية  تناول المؤتمر التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستقلة بمفهومها الواسع الشامل،‮ ‬بوصفها أحد المبادئ الستة التي‮ ‬يقوم عليها المشروع النهضوي‮ ‬العربي،‮ ‬وبوصفها عملية إصلاحية شاملة لايمكن تحقيقها إلا في‮ ‬ظل إصلاح شامل‮ ‬يحقق المشاركة السياسية الواسعة والاستقرار السياسي‮.‬ ولما كانت التنمية تحتاج الى سوق واسع،‮ ‬فإن المؤتمر‮ ‬يرى أن الحاجة باتت ملحة الى تحقيق السوق العربية المشتركة،‮ ‬ذلك أن التنمية الحقيقية تفترض توفر السوق ذات الحجم الكبير‮.‬ لذلك‮: ‬يحذر المؤتمر من سياسات التنمية المشبوهة التي‮ ‬تفرضها المؤسسات الدولية تحت عناوين الإصلاح وإعادة الهيكلية،‮ ‬ويدعو الى تعزيز التوجهات القومية للتنمية بالتركيز على تكامل الاقتصادات العربية،‮ ‬وتحقيق انسياب طبيعي‮ ‬للموارد الاقتصادية والبشرية،‮ ‬وتحقيق اتساع السوق ووحدتها،‮ ‬وإقامة المشروعات العربية المشتركة‮.‬ وفي‮ ‬السياق نفسه‮ ‬يؤكد المؤتمر ضرورة تحسين مؤشرات التنمية البشرية انطلاقاً‮ ‬من الاهتمام بالتربية والتعليم والبحث العلمي،‮ ‬والقضاء على الأمية،‮ ‬وتعزيز قيم المجتمع الحضارية والأخلاقية‮.‬ أما الهدف من كل ذلك فهو تحويل المجتمعم العربي‮ ‬من مجتمع استهلاكي‮ ‬الى مجتمع إنتاجي‮ ‬عبر آليات منها توفير الشروط المناسبة للاستثمار الإنتاجي،‮ ‬والقضاء على مظاهر الفساد والإفساد،‮ ‬وتفعيل آليات المساءلة والمحاسبة‮.‬ ولعل مكامن الخطر في‮ ‬سياسات التنمية الراهنة هي‮ ‬في‮ ‬الاعتماد على الاقتصاد القطري‮ ‬الريعي‮ ‬المتمثل بالثروة النفطية،‮ ‬لذلك‮ ‬يرى المؤتمر أن فتح الاقتصاديات العربية على بعضها البعض ضرورة قومية وقطرية ملحة،‮ ‬تفترض تحرير التجارة وإلغاء الرسوم والقيود على التبادل السلعي،‮ ‬والارتقاء بالاقتصادات العربية الى مستوى التكامل،‮ ‬وتسهيل انسياب رؤوس الأموال العربية،‮ ‬والاهتمام بتبادل المعلومات،‮ ‬وإنشاء مراكز البحوث العلمية والاقتصادية المشتركة،‮ ‬ومقاطعة البضائع الأمريكية والصهيونية،‮ ‬وتعطيل مصالحها في‮ ‬مفاصل الاقتصاد العربي‮.‬ ويشدد المؤتمر في‮ ‬هذا السياق على أهمية تمكين المرأة ومشاركتها في‮ ‬عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية،‮ ‬ما‮ ‬يقضي‮ ‬بضرورة العمل على الارتقاء بأوضاع النساء العربيات اجتماعياً‮ ‬وثقافياً،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن معالجة شؤون الشباب ومشاكل الهجرة،‮ ‬واسترجاع العقول العربية المهاجرة‮.‬ ويوصي‮ ‬المؤتمر الأمانة العامة بتوفير شروط إبراز نموذجية التعاون العربي‮ ‬من أجل تنمية مستدامة،‮ ‬وذلك عبر خلق آليات للتواصل وتبادل المعلومات والخبرات،‮ ‬وخاصة في‮ ‬مجال التعليم والبحث العلمي‮ ‬والصحة والمشاريع الاقتصادية‮.‬ وفي‮ ‬الختام،‮ ‬إذ‮ ‬يعبر المؤتمر عن ارتياحه لنجاح دروته السابعة عشرة في‮ ‬التأكيد على استمرارية هذا الإطار القومي‮ ‬الديمقراطي‮ ‬الحواري‮ ‬الشامل واستقلاليته،‮ ‬فإنه‮ ‬يشدد على ضرورة أن‮ ‬يشارك أعضاؤه جميعاً‮ ‬من خلال مواقعهم الفاعلة في‮ ‬أقطارهم ومراكز تجمعاتهم جميعاً،‮ ‬في‮ ‬تحويله الى إحدى أبرز مرجعيات الفكر والنضال في‮ ‬الأمة،‮ ‬وفي‮ ‬إبقائه إطاراً‮ ‬لدعم إرادة المقاومة والممانعة في‮ ‬الأمة بكل مستوياتها وصورها،‮ ‬وفي‮ ‬سعيه الى تحويل المشروع الحضاري‮ ‬النهضوي‮ ‬العربي‮ ‬كموجه لكل برامج العمل الوطني،‮ ‬وكمحرك لآلياته،‮ ‬وكملهم لنضالاته‮.‬ كما‮ ‬يجدد المؤتمر شكره لكل من ساهم بإنجاحه من داخل المغرب وخارجه،‮ ‬من شخصيات وقوى سياسية ونقابية ووسائل إعلامية،‮ ‬لاسيما اللجنة التحضيرية للمؤتمر في‮ ‬المغرب التي‮ ‬استطاعت،‮ ‬وبإمكانات ذاتية متواضعة،‮ ‬أن توفر نجاحاً‮ ‬مميزاً‮ ‬لهذه الدورة،‮ ‬وتأكيداً‮ ‬على قدرة المجتمع على بناء مؤسساته وتطويرها بالاعتماد على النفس،‮ ‬مع تجديد الشكر أيضاً‮ ‬للتسهيلات الكريمة التي‮ ‬قدمتها السلطات المغربية لكل أعضاء المؤتمر بالدخول الى المغرب دون أية عراقيل‮.‬  

 الدورة السابعة عشرة للمؤتمر القومي‮ ‬العربي‮ - ‬الدار البيضاء ‮٥-٨ ‬أيار‮ / ‬مايو ‮٦٠٠٢‬م