بدأت خروقات الحزب الحاكم ولجنة الانتخابات تنحو منحاً‮ ‬خطيراً‮ ‬للغاية،‮ ‬وباتت جرائم النظام الحاكم بحق الخصوم تهدد أمن البلد واستقراره

من التزوير‮..‬الى القتل والسجن والبلطجة

  • منذ 17 سنة - Thursday 31 August 2006
من التزوير‮..‬الى القتل والسجن والبلطجة

تجاوزات عدة وخروقات بالجملة وتواصل مستمر لدهس الدستور وكل القوانين النافذة‮ ‬يبديه بتعنت الحزب الحاكم في‮ ‬البلد من‮ ‬يوم لآخر‮.‬
وإن كان من الواضح أن المؤتمر الشعبي‮ ‬العام لم‮ ‬يعد مقتنعاً‮ ‬البتة بمسمى‮ »‬الديمقراطية‮« ‬فضلاً‮ ‬عن ممارستها،‮ ‬إلا ان الطرق التي‮ ‬يلجأ إليها للعودة باليمن الى عصور الشمولية والاستبداد لم تعد تجدي‮ ‬نفعاً،‮ ‬ومثلها أمر الديقمراطية التي‮ ‬صارت خياراً‮ ‬لا رجعة عنه انتهجه الشعب اليمني‮ ‬منذ أكثر من عقد ونيف من الزمان‮.‬

عادل عبدالمغني *

خلال الاسبوع المنصرم حفلت الساحة الانتخابية في‮ ‬عموم محافظات الجمهورية بعددٍ‮ ‬كبيرٍ‮ ‬من الخروقات والتجاوزات التي‮ ‬ارتكبها الحزب الحاكم بغطاء من اللجنة العليا ضد مرشحي‮ ‬أحزاب اللقاء المشترك للانتخابات الرئاسية والمحلية‮.‬
الخروقات هذه المرة لم تنحصر فقط في‮ ‬إطار الجرائم الانتخابية التي‮ ‬اعتاد الحزب الحاكم ولجنته العليا على ممارستها حتى صار خرق المألوف هو إقلاع الحاكم عن التزوير‮. ‬غير أن جرائم إنسانية بشعة ارتكبت خلال الأيام القليلة الماضية ضد أعضاء المشترك في‮ ‬اللجان الانتخابية ومرشحيه وصلت حد سفك الدماء‮.‬
وبعيداً‮ ‬عن حيثيات جريمة الجوف فإن تعنت الحزب الحاكم وتواطؤ اللجنة العليا للانتخابات هي‮ ‬وراء مذبحة الخميس الماضي‮ ‬التي‮ ‬راح ضحيتها رئيس اللجنة الإشرافية وممثل اللقاء المشترك بالجوف الشهيد مصلح مصلح شريان واثنين آخرين‮.‬
عقلية الاستبداد والتعنت وتحقير الآخر المعارض والاستقواء بالسلطة،‮ ‬هي‮ ‬التي‮ ‬دفعت أحد أقرباء خالد الشريف رئيس اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء الى إهدار دم رئيس اللجنة الإشرافية بالجوف بدم بارد بعد أن تحول وبسهولة مقر اللجنة العليا هناك الى ساحة إعدام وبوابة عبور لرصاصات الموت وسلاح الكلاشنكوف‮.‬
العقلية ذاتها وبشكل‮ »‬بلطجي‮« ‬تجسدت في‮ ‬إقدام صادق أمين أبو رأس وزير الإدارة المحلية الجمعة الماضية على تمزيق وإزالة صور المهندس فيصل بن شملان بالدائرة النيابية‮ (١٠١) ‬المركز‮ (‬هـ‮) ‬الدائرة المحلية‮ (٥) ‬بمديرية ذي‮ ‬السفال محافظة إب‮.‬
الوزير أبو رأس وهو الأمين العام المساعد للحزب الحاكم استفزته صور مرشح المشترك للرئاسة عندما كانت معلقة في‮ ‬الاماكن التي‮ ‬حددتها اللجنة العليا لتعليق صور مرشحي‮ ‬الرئاسة،‮ ‬أثناء مروره من أمام اللجنة الأصلية ليترجل عن سيارته وينزل ومرافقيه لتقطيع صور بن شملان وإزالتها بشكلٍ‮ ‬مستفز للغاية وبأسلوبٍ‮ ‬كان الأولى بوزير الإدارة المحلية أن‮ ‬يجنب نفسه الاتصاف به‮.‬
وقطعاً‮ ‬فإن أبو رأس‮ ‬يعلم جيداً‮ ‬أن عقوبه مثل هذا العمل هي‮ ‬السجن ستة أشهر بحسب القانون،‮ ‬إلا أنه‮ ‬يعلم أن هذا الأخير ليس أكثر من حبرٍ‮ ‬على ورق،‮ ‬خاصة عندما‮ ‬يتعلق الأمر بمسئولين في‮ ‬الحزب الحاكم‮.‬
تصرف الوزير أبو رأس وإن كان‮ ‬يسي‮ ‬للقلة القليلة من عقلاء الحزب الحاكم إلا أنه أمر اعتيادي‮ ‬بالنسبة لأبو رأس‮.‬
فسجل الرجل حافل بمثل هذه الممارسات،‮ ‬فهو نفسه من قام قبل بضعة أشهر بالاعتداء على مراسل صحيفة‮ »‬الثوري‮«‬،‮ ‬وتحطيم كاميرته عن طريق مرافقيه عندما قام مراسل الصحيفة بتصويره أثناء حضوره جلسة محاكمة أحد مقربيه بمدينة إب‮.‬

اختطاف

ولأن القتل صار أمراً‮ ‬اعتيادياً‮ ‬فإن ترشيح أحد أعضائه لعضوية المجلس المحلي‮ ‬اختيار موفق في‮ ‬أجندة المؤتمر الذي‮ ‬ربما أنه لم‮ ‬يُرَ‮ ‬من مزايا في‮ ‬أحد مرشحيه بمحافظة عمران‮ ‬غير تهمة القتل ليختاره مرشحاً‮ ‬باعتباره‮ »‬أحمر عين‮«.‬
وهو ما دفع أبناء مديرية مسور بمحافظة عمران للاعتصام الخميس الماضي‮ ‬أمام دار الرئاسة بصنعاء،‮ ‬مطالبين بالقبض على مرشح الحزب الحاكم للمحليات بالمركز‮ »‬س‮« ‬بعزلة التام والمتهم بقتل المواطن محمد عبدالله الجابري‮.‬
وفيما مرشح الحاكم المتهم بقضية قتل‮ ‬يسرح ويمرح في‮ ‬دائرته بعمران،‮ ‬اختطفت عناصر تتبع أمين عام المجلس المحلي‮ ‬بمديرية الضحي‮ ‬بمحافظة الحديدة ورئيس فرع المؤتمر بالمديرية أحد مرشحي‮ ‬المجالس المحلية هناك قبل أن تتمكن مجاميع قبلية بالمحافظة من الإفراج عنه بعد ‮٢١ ‬ساعة من الاختطاف‮.‬
المرشح المستقل محمد حسن عتبل لم‮ ‬يقتل أحداً‮ ‬ليُخطف،‮ ‬كما لم‮ ‬يرتكب جرماً‮ ‬آخر ليقدم مسئولي‮ ‬الحزب الحاكم بالحديدة على ارتكاب هذا الجرم البشع‮.‬
كل ذنب الرجل أنه مارس حقه المكفول دستورياً‮ ‬ورفض الانسحاب من الترشيح أمام مرشح المؤتمر ليقوم عتاوله المؤتمر باختطاف المرشح وحجزه داخل منزل أمين عام المجلس المحلي‮ ‬بعزلة الكون،‮ ‬قبل أن‮ ‬ينقلوه الى منزل رئيس فرع المؤتمر هناك حيث عثرت عليه مجاميع قبلية وحررته‮.‬
وبين الترغيب بالمال العام والترهيب بالقمع العام،‮ ‬أيضاً‮ ‬يمارس مسئولي‮ ‬المؤتمر الشعبي‮ ‬العام في‮ ‬مختلف محافظات البلاد ضغوطاً‮ ‬شديدة للانسحاب أمام مرشحيه في‮ ‬الانتخابات المحلية‮.‬

تواطؤ

كل تلك الممارسات والتجاوزات تتم أمام مرأى ومسمع من اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء التي‮ ‬تحولت الى لجنة دائمة للمؤتمر الشعبي‮ ‬العام‮.‬
اللجنة التي‮ ‬أكدت علناً‮ ‬أنها تتلقى توجيهات من الأجهزة الأمنية والعسكرية،‮ ‬كما حصل في‮ ‬منع مرشح المشترك من إقامة المهرجان في‮ ‬ميدان السبعين،‮ ‬فإنها أيضاً‮ ‬تنصب نفسها خصماً‮ ‬لدوداً‮ ‬ضد أحزاب المشترك‮.‬
ليطلب‮ »‬الجندي‮ ‬عبده‮« ‬من المشترك عدم استخدام مكبرات الصوت أثناء توجهها في‮ ‬ساحات مهرجاناتها الخطابية باعتباره مخالفة للقانون،‮ ‬متعامياً‮ ‬عن السيارات الحكومية والأهلية التي‮ ‬تجوب شوارع العاصمة وتصم الآذان بالأغاني‮ ‬والأناشيد المؤيدة لمرشح الحزب الحاكم،‮ ‬ناهيك عن صوره المنتشرة في‮ ‬الأماكن العامة والسيارات الحكومية بصورة مخالفة للقانون‮.‬
اللجنة العليا للانتخابات التي‮ ‬أثبتت أنها لا تستطيع أبداً‮ ‬أن تكون محايدة استكثرت على المهندس فيصل بن شملان دقائق قليلة في‮ ‬الفضائية اليمنية لبث لقطات من مهرجان صنعاء الجماهيري‮ ‬الحاشد‮.‬
ليأتي‮ ‬الوالي‮ ‬بعد ذلك ويهب مرشحي‮ ‬الرئاسة هذا الحق في‮ ‬اسكتش مفضوح لم‮ ‬يحسن خبير حملة مرشح المؤتمر للرئاسة في‮ ‬إعداده وإخراجه بالشكل الذي‮ ‬كان‮ ‬يريده‮.‬
وإن كانت وسائل الإعلام الحكومية تحت إشراف اللجنة العليا حسب اتفاق المبادئ،‮ ‬إلا أن الأخيرة أعطت لمصوري‮ ‬الفضائية اليمنية ومنتجيها حق العبث والتلاعب بصور ولقطات المهرجانات الخطابية لبن شملان والتي‮ ‬وقف مصورو الفضائية عاجزين عن إظهار فراغات في‮ ‬ساحات المهرجانات لإبرازه في‮ ‬التلفزيون بسبب الالتفاف الجماهيري‮ ‬الواسع حول بن شملان وهو ما‮ ‬يؤدي‮ ‬يوماً‮ ‬بعد‮ ‬يوم الى هيجان النظام الحاكم‮.‬
وعلى عكس ذلك فإن كل امكانيات الدولة مسخرة لخدمة مرشح المؤتمر الشعبي‮ ‬العام علي‮ ‬عبدالله صالح‮.‬
حتى منازل المواطنين ومحلات عملهم صارت مكاناً‮ ‬لتعليق صور الحاكم وبالقوة،‮ ‬وكذلك أماكن إقامة المهرجانات الخطابية لمرشحي‮ ‬الرئاسة والتي‮ ‬لا تخلو من صورة مكبرة لمرشح المؤتمر في‮ ‬خرق واضح للقانون‮.‬
وفيما الجندي‮ ‬قائد مثنى مهدي‮ ‬من محافظة الضالع لايزال محتجزاً‮ ‬بسبب رفض أحد اقربائه تعليق صورة مرشح المؤتمر في‮ ‬بقالة الجندي،‮ ‬احتجزت مجموعة من أفراد الأمن بمديرية رغوان بمحافظة مأرب الاخ علي‮ ‬عبدالله الحواني‮ ‬بسبب إزالته دعاية انتخابية وضعت على جدار منزله‮.‬

هستيريا

هذه فقط نماذج مختصرة لخروقات بالآلاف‮ ‬يرتكبها متنفذو الحزب الحاكم في‮ ‬طول البلاد وعرضها‮.‬
ندرك أن النظام الحاكم لم‮ ‬يتعود من قبل أن‮ ‬يدخل انتخابات رئاسية أمام منافس قوي،‮ ‬ويحظى بقبولٍ‮ ‬جماهيري‮ ‬كبير،‮ ‬كما هو الحال بـ بن شملان‮.‬
وندرك أيضاً‮ ‬مدى الخوف والقلق الذي‮ ‬يعيشهما الحزب الحاكم والذي‮ ‬يزداد‮ ‬يوماً‮ ‬بعد‮ ‬يوم،‮ ‬فقد معهما ثقته بالفوز خاصة وهو‮ ‬يرى ذلك الالتفاف الجماهيري‮ ‬الكبير حول المهندس فيصل بن شملان من صنعاء إلى حضرموت‮.‬
لكن ذلك ليس مبرراً‮ ‬لممارسات الحزب الحاكم وحالة الهستيريا التي‮ ‬يعيشها‮.‬
كما أن ذلك أيضاً‮ ‬لا‮ ‬يعني‮ ‬أن‮ ‬يظل النظام الحاكم‮ ‬يتعامل بتلك العقلية الاستبدادية العتيقة دون الارتقاء الى مستوى ما‮ ‬يفرضه الواقع وعوامل أخرى‮ ‬يعرفها جيداً‮.‬

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[email protected]