تمزيق صور ولي العهد السعودي الذي غادر بدون تغطية إعلامية وقطع زيارة مقررة لعدن .. المكلا تشهد أسوأ خاتمة لمفاوضات القضية الحدودية الملتهبة بين صنعاء والرياض

  • الوحدوي نت
  • منذ 17 سنة - Monday 05 June 2006
تمزيق صور ولي العهد السعودي الذي غادر بدون تغطية إعلامية وقطع زيارة مقررة لعدن .. المكلا تشهد أسوأ خاتمة لمفاوضات القضية الحدودية الملتهبة بين صنعاء والرياض

شهدت مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت اليمنية (850 كيلومترا شرق صنعاء) أسوأ خاتمة للمفاوضات اليمنية ـ السعودية حيال قضية الحدود بينهما، بسبب الخلل الذي سادها وعدم التوازن في نتائج هذه المفاوضات التي جاءت جميعها لصالح الجانب السعودي فيما لم يحقق الجانب اليمني أي مصالح حقيقية. هذه النتائج السلبية برزت من خلال رفض الجانب السعودي لأي دعم حقيقي لليمن وفي مقدمة ذلك المشروع الاستراتيجي للطرق السريعة الذي تقدمت به صنعاء ويربط بين كل من محافظات عمران (60 كيلومترا شمال صنعاء) ومحافظات صنعاء، ذمار، إب، تعز وعدن والذي يبلغ طوله نحو 490 كيلو مترا ويعتبر هذا الطريق بشكله البدائي الحالي من أكثر الطرق اليمنية ازدحاما وخطرا. وعلمت القدس العربي أن صنعاء تقدمت بمشروع هذا الطريق مرارا للجانب السعودي طلبا لتمويله كأحد بنود المفاوضات الحدودية وكنوع من ثمراتها ومن علامات حسن النوايا لدي الجانب السعودي، غير أن هذا الأخير كان يرجئ قراره بشأن تمويل هذا المشروع للمرحلة القادمة ووعد في الاجتماعات الأخيرة لمجلس التنسيق الأعلي اليمني ـ السعودي المنعقد في جدة العام الماضي بتمويل هذا المشروع في الاجتماع الدوري المقبل المقرر انعقاده في اليمن والذي انعقد يومي الخميس والجمعة الماضيين في المكلا. المرحلة الأخيرة للمفاوضات بين صنعاء والرياض بشأن القضية الحدودية أغلقت ملف هذه القضية بالتوقيع علي الخارطة النهائية للحدود بين اليمن والسعودية يوم الجمعة الماضي بالمكلا بعد إتمام الترسيم الحدودي بينهما خلال الفترة الماضية، وفقا للمعاهدة الحدودية بينهما الموقعة في جدة عام 2000 لتضع حدا نهائيا لقضية ملتهبة بين اليمن والسعودية استمرت لأكثر من ستين عاما. المفاوضات سادها الكثير من التوتر والاضطراب بسبب موقف الجانب السعودي المفاوض برئاسة ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي فاجأ الجانب اليمني المفاوض برئاسة رئيس الحكومة عبد القادر باجمال، بهذا الرفض غير المتوقع والذي كان الجانب اليمني يعتبره أمرا مفروغا منه. وبسبب هذا التفاوت الكبير في المكاسب التي تحققت للجانبين من وراء التوقيع علي الخارطة الحدودية والذي سجل تقدما للمكاسب السعودية وتراجعا للمكاسب اليمنية تعرّض أعضاء الجانب اليمني المفاوض لانتقادات شديدة اللهجة من قبل الرئيس علي عبد الله صالح الذي قام برعاية المفاوضات من بعيد دون المشاركة فيها أو التدخل في مسارها، ولكنه حاول إنقاذها بعد أن كانت قاب قوسين أو أدني من الانهيار.
وبدت علي وجوه الموقعين اليمنيين علي الخارطة النهائية للحدود علامات البؤس والوجوم أثناء عملية التوقيع، كمؤشر علي عدم رضاهم بما يفعلون، ولكن لم يشاءوا ان يرجعوا الضيف الكبير الزائر لبلادهم بخفي حنين، علي الرغم من أنه كان ضيفا ثقيلا ولم يقدم لهم المكاسب التي كانوا يطمحون إليها.
أجواء التوتر لم تبدأ مع بدء المفاوضات اليمنية ـ السعودية ولكنها بدأت منذ اختيار الجانب السعودي لمدينة المكلا بحضرموت اليمنية كمقر لعقد اجتماعات مجلس التنسيق اليمني ـ السعودي الذي يختتم بالتوقيع علي الخرائط النهائية للحدود، ما خلق نوعا من الامتعاض لدي الجانب اليمني لتدخل الآخر في خصوصياته، خاصة مع الإصرار الشديد علي تحديد هذا المكان، وهو ما أعطي تفسيرات بعيدة لدي الجانب اليمني وإيحاءات غريبة باهتمام الحكومة السعودية بـ(محافظة حضرموت) التي ينتمي إليها اغلب التجار وأصحاب رؤوس الأموال السعوديين علي حساب اليمن كبلد متكامل البنية الجغرافية في جميع الاتجاهات.
وأكد هذه المخاوف اليمنية تركيز الجانب السعودي علي تمويل مشاريع تنموية في محافظة حضرموت أكثر من أي مكان آخر، واصطحاب ولي العهد السعودي للكثير من رجال المال والأعمال السعوديين الذين يتحدرون من محافظة حضرموت اليمنية، كما أن زيارته الوحيدة خارج القصر الرئاسي في المكلا كانت لمنزل رجل الأعمال السعودي من أصل حضرمي عبد الله بقشان، الذي بدا خلال زيارة ولي العهد السعودي للمكلا وكأنه دولة داخل دولة من خلال نشاطه الإعلامي والسياسي الواسع الذي أزعج السلطات اليمنية.
وكان المركز الإعلامي للتاجر بقشان المزود بأحدث التقنيات قام بطباعة صور ترحيبية لولي العهد السعودي وثبّتها في نطاق واسع في لوحات إعلانية ضوئية في أغلب شوارع المكلا، وكتب تحت الصور (حضرموت ترحب بكم) بدلا من (اليمن ترحب بكم) وكأن حضرموت مقاطعة أو إمارة تابعة للسعودية أو بلدا مستقلا عن اليمن، وليست محافظة يمنية، وهو ما أثار حفيظة الجانب اليمني ودفعه إلي تمزيق صور الأمير سلطان بن عبد العزيز قبل وصوله إلي المكلا.
ومن العلامات البارزة لسوء خاتمة المفاوضات الحدودية اليمنية ـ السعودية وعدم رضا الجانب اليمني عنها، عدم صدور بيان رسمي في ختامها علي خلاف المعتاد في مثل هذه المناسبات، وامتناع مسؤولي الجانبين عن الإدلاء بأي تصريحات صحافية لوسائل الإعلام المحلية والدولية التي تقاطرت إلي المكلا لتغطية الحدث، كما قطع الأمير سلطان زيارة مقررة لمدينة عدن، كانت ضمن برنامج زيارته لليمن، ولم تنشر وسائل الإعلام الرسمية اليمنية خبر مغادرته لليمن، كنوع من التعبير عن الامتعاض منه ومن وجوده. 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلا عن القدس العربي