جمال عبد الناصر رسالة الى ثوار يناير

وأنا عمرى ما كنت أفكر ان احنا نمشى فى طريق الحكام، ولكن الطريق هو طريق الثورة، واليوم اللى ألاقى فيه ان قدرتى الثورية، أو الدفع الثورى عندى ضعف باقول لكم سلام عليكم، وأروح، ما أقعدش يوم أبداً؛ لأن العملية ماهياش عملية حكم، وأنا ما جيتش عن طريق الحكم ولكن عن طريق الثورة، والناس اللى قاموا بالثورة قاموا من أجل تحقيق أهداف هذا الشعب، ماقاموش من أجل مصالح ذاتية، وساروا فى طريق الثوار، ولم تؤخذ المسألة أبداً إنها مسألة حكم.

إذن الثورة مستمرة، الثورة إيه؟ ما هى الثورة يعنى نختار الطريق الصعب وما تختارش الطريق السهل، يوم ما نختار الطريق السهل نبقى ما بقيناش ثوار، وباقول لك الطريق السهل النهارده ان احنا ما نعملش خطة جديدة ونمشى على ما نحن عليه، واللى عايز يشتغل واللى مش لاقى يشتغل عنه ما اشتغل، وكل واحد حر، وماحدش... وكل واحد مسئول عن نفسه، دا الطريق السهل.. الطريق الصعب ان احنا نغير هذا المجتمع.. نغير المجتمع القديم؛ مجتمع الرجعية، إلى مجتمع جديد؛ مجتمع الكرامة، مجتمع الحرية، مجتمع الاشتراكية.

دا الطريق الصعب، الطريق الصعب ان احنا نقضى على العبودية اللى كانت توجدها الرجعية بين ربوع بلدنا، ونقيم فعلاً حياة حرة كريمة؛ إذن من صالح كل واحد فى هذا البلد أن تكون الثورة مستمرة، من صالح الشعب العامل، وقوى الشعب العاملة أن تكون الثورة مستمرة؛ لأن قوى الشعب العاملة لا أمل لها فى المستقبل، ولا أمل لها فى حياة أفضل لأولادها إلا باستمرار الثورة.

مين اللى يتمنى للثورة انها تنتهى والثورة تنقلب إلى حكم؟ الانتهازيون، المستغلون، المنحرفون اللى يجدوا فى الحكم الغير ثورى مجال لهم لكى يستغلوا، ولكى ينحرفوا؛ الثورة مستمرة والثورة باقية، بغير الثورة كل واحد من الشعب العامل، وكل واحد منا يشعر انه فقد مبرر وجوده، البلد مليانة باشوات سابقين، وبهوات سابقين، وفيها أمرا وأميرات، ويعنى فيه احتياطى؛ إذا كانت العملية حكم بنقول نرجع لهم الباشوية والبهوية والإمارة، ويتفضلوا لأن دا الجو اللى يناسبهم، ونرجع لهم أصحاب السمو وأصحاب السعادة.. إلى أخر الكلام دا.

ولكن العملية ماهياش حكم.. العملية ماهياش وجاهة، العملية مسئولية.. وتغيير وتحويل.. ولا يمكن للتغيير أن يتم ولا يمكن للتحويل أن يحدث إلا بالثورة.. دا كله يقتضى تكاليف وجهد كبير جداً.. ولكن ذلك طريق الثورة.. طريق التغيير، طريق الارتفاع بالحياة فوق الأمر الواقع، وتحقيق الأمل والمثل الأعلى بعد الأمل؛ مهما كانت العقبات، ومهما كانت التضحيات.