ثورة 23 يوليو تنعش الحياة الفنية والروح الابداعية في مصر

  • الوحدوي نت - متابعات
  • منذ 6 سنوات - Sunday 23 July 2017
ثورة 23 يوليو تنعش الحياة الفنية والروح الابداعية في مصر

لم تكن السينما المصرية بعيدة يومًا عن الأحداث الاجتماعية والسياسية ، ونقل نبض الشارع من خلال ”الشاشة الفضية”، وتصوير مشاهد فرح وحزن ومعاناة وانتصار الشعب المصري عبر ذاكرة السينما والفن . الوحدوي نت

وأدركت ”ثورة يوليو” تأثير الفن على وعي وحس الشعب المصري ، وسعت لتدعيم صلتها ونشر إنجازاتها من خلال الأعمال الفنية المتنوعة ومن أبرزها ”السينما”؛ فالإنتاج السينمائي المصري تميز بالغزارة الشديدة ، وجودة الإنتاج في القرن الماضي ”عصر السينما الذهبي”، وقدمت عدة أفلام تمجد في الثورة ودورها وأهدافها ، وتنتقد ”العصر البائد” والظلم الواقع على الأمة المصرية خلاله .

ولعبت السينما المصرية دوراً مهماً في تأريخ ثورة 23 يوليو 1952 ومنذ اندلاعها وتولي الضباط الاحرار الحكم ، ونفي آخر ملوك مصر الملك فاروق شهدت مصر خاصة والعالم العربي عامة أوضاعاً سياسية أفرزت الكثير من الاحداث والمواقف التي تناولتها الافلام المصرية .

هناك العديد من الروائع الفنيه التي ابرزت هذا الحدث بكل إيجابياته وسلبياته ؛ حيث أن ثورة يوليو فجرت الإبداع في جميع المجالات ، وأتاحت الفرصه للكتاب والمبدعين لرصد ما حدث في تلك الثورة ؛ فأبدعت السينما المصريه بعد مرور ثلاثة أعوام من الثورة فيلم “الله معنا”، الذي أشار إلى إرهاصات الثورة ، من إخراج أحمد بدرخان وقصه إحسان عبد القدوس ، وبطولة عماد حمدي ، فاتن حمامة.

بادرت الثورة بالسماح بعرض افلام كانت ممنوعة من العرض في الحقبة الملكية ، كان في مقدمتها ”لاشين”، وفيلم ”مصطفى كامل” والذي يحكي قصة كفاح الزعيم المصري مصطفى كامل.

وشهد عام 1957 عرض فيلم الثورة الأبرز في ذاكرة المصريين ”رد قلبي” قصة ”يوسف السباعي”، وإخراج ”عزالدين ذوالفقار”، وإنتاج ”آسيا”، بطولة شكري سرحان ، مريم فخر الدين ، صلاح ذو الفقار، حسين رياض ، زهره العلا ، هند رستم ، وأحمد مظهر ، الذي تحول بمرور الأيام إلى وثيقه عن ثوره 23 يوليو ، كاشفا عن الإرادة الحرة والاستقلالية .

ومن الأفلام التي انتجت عن الثورة أيضا فيلم “بداية ونهاية”، إخراج صلاح أبو سيف وقصه نجيب محفوظ ، عام 1960، بطولة عمر الشريف ، أمينة رزق ، وسناء جميل ، وفيلم “القاهره 30” إخراج صلاح أبو سيف قصه نجيب محفوظ ، بطولة سعاد حسني ، أحمد مظهر، وكذلك فيلم “غروب وشروق” للمخرج كمال الشيخ ، كما أنتج فيلم “في بيتنا رجل” لإحسان عبد القدوس وإخراج هنري بركات ، وبطولة عمر الشريف ، رشدي أباظة ، زبيدة ثروت ، وفيلم “أرض الأبطال” لنيازي مصطفي عام 1953 ، و”جميلة بوحريد” الذي يروي أحداث الثورة الجزائرية.

وفيما بعد بدأت السينما تنتج أفلاماً تتناول منجزات الثورة ، خاصة موضوع الاصلاح الزراعي ، وتحديد الملكية الزراعية وتوزيع الارض علي الفلاحين.. فيلم “الأرض الطيبة” اخراج محمود ذو الفقار عام 1954 ، وفيلم “أرضنا الخضراء” اخراج أحمد ضياء الدين عام 1956، “صراع في الوادي” ليوسف شاهين عام 1954 ، وهي موضوعات لم تكن السينما تناقشها قبل الثورة ، وكذلك أفلام مثل “المارد” لسيد عيسي 1964 ، و”أدهم الشرقاوي” لحسام الدين مصطفي في العام نفسه وأيضا سلسلة أفلام “اسماعيل يس في الجيش ، في الاسطول ، بوليس حربي ، في الطيران”، وكلها من اخراج فطين عبدالوهاب ، والتي أبرز خلالها بروح الكوميديا جوانب حياة الجيش والعسكرية المصرية في إطار فكاهي مجتمعي. وأفلام اخري مثل “شياطين الجو” لنيازي مصطفي، و”وداع في الفجر” لحسن الامام عام 1956 .

 

كما أُنتِجَ فيلم “لا وقت للحب” فى عام 1963 ، وهو عن رواية ليوسف إدريس ، وحمل توقيع المخرج الكبير ورائد الواقعية صلاح أبو سيف ، بطولة فاتن حمامة ، رشدى أباظة ، فيلم “بورسعيد” عام 1956 ، واشترك فيه فريد شوقى ، هدى سلطان ، وفيلم “الباب المفتوح” عام 1963 ، عن قصة للأديبة لطيفة الزيات إخراج هنرى بركات ، وبطولة فاتن حمامة، صالح سليم، محمود مرسى ، وأيضًا فيلم ”شيء من الخوف”، بطولة شادية ومحمود مرسي ويحيى شاهين ، أنتج مباشرة بعد نكسة 67 ، ويحكي ثورة قرية بقيادة فؤادة رمز مصر على عتريس رمز الطغيان والجبروت.

ذكر الناقد علي أبوشادي إحصائية عن أفلام القطاع العام في مصر فى الفترة من 1963 إلي1971 حيث تم انتاج 153 فيلما بدأت بفيلم المخرج محمد سالم (القاهرة في الليل) وانتهت بفيلم (جنون الشباب) لجلال الشرقاوي كما قدم القطاع العام خلال تلك الفترة 21 مخرجا جديدا من الشباب يخرجون لأول مرة.

أغانى ثورة 23 يوليو

تعد الأغنية الوطنية مكونا أصيلا وموروثا ثقافيا حاضرا مع كل الأحداث التي مرت بها مصر وكانت ثورة 23 يوليو 1952 التى حولت مصر من الحكم الملكى إلى الحكم الجمهورى عن طريق تنظيم الضباط الأحرار الذى كان يتزعمه اللواء محمد نجيب و جمال عبد الناصر من أهم المحطات لانطلاق الأغانى الوطنية .

” عبد الحليم حافظ مطرب الثورة”.. شهادة ميلاده سطرت في احتفالات عيد الثورة ، وغنائه الأول كان أمام ”ناصر وحكيم” ووفد من الضباط الأحرار بحديقة الأندلس بالقاهرة ، وخلال مسيرته قدم عشرات الأغنيات للاحتفال بالثورة وعبد الناصر والجيش ، تضمنت قيما ثورية مثل العروبة والسد العالي والمصانع وحرب اليمن و القومية العربية ، كما غنى للنكسة ”عدى النهار” و”أحلف بسماها وبترابها”.. كما كانت أم كلثوم هي القاسم المشترك في أغلب المناسبات والحفلات الرسمية ، التي كان يحضرها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ومنحها قلادة الجمهورية في عيد العلم ، ووجه إليها الشكر عدة مرات بسبب مساعدتها في تسليح الجيش ، حيث تبرعت بمبلغ 10 آلاف جنيه ، وهو رقم كبير وقتها.

وفي عام 1967 كانت أم كلثوم من أوائل المطربين الذين سارعوا بإقامة الكثير من الحفلات داخل مصر وخارجها ، للتبرع بأرباحها للمجهود الحربي ، وقدمت وقتها أغنيتها الشهيرة “أصبح عندي الآن بندقية”، قبل أن تقدم أغنية “يا حبيب الشعب” بعد قرار الزعيم بالتنحي وعودته مرة أخرى إلى الحكم ، وحمل عبد الوهاب على عاتقه تأليف ”الأوبريتات والاناشيد الوطنية”، ومن أهمها الوطن الأكبر ، وقدم عدد كبير من المطربين هذا الأوبريت الغنائى الكبير عام 1960 احتفاءً بالمدّ القومى ، والاتجاه إلى الوحدة الذى كان يقوده الزعيم جمال عبد الناصر ، من كلمات الشاعر أحمد شفيق كامل ، كما قام موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بغناء أوبريت “ناصر كلنا بنحبك” لتهنئة الزعيم جمال عبد الناصر بالحكم ، وبطلب من الرئيس ”عبد الناصر” تعاون لأول مرة مع ”أم كلثوم” ليخرج لقاء السحاب بأغنية ”أنت عمري”، ويصفها البعض بأنها ”الثورة ذات نفسها”.

العصر الذهبي للمسرح المصري

شهد المسرح المصري نهضة حقيقية ، والسنوات التي أعقبت قيام الثورة من عام 1952 إلي عام 1967 تعد العصر الذهبي للمسرح المصري والعربي علي حد سواء وفي تلك الفترة تأسست العديد من الفرق المسرحية ولمعت عشرات الأسماء لكتاب ومخرجين وممثلين أفذاذ تركوا بصماتهم الواضحة في تاريخ فن المسرح في مصر أمثال عبد الرحمن الشرقاوي ، ويوسف إدريس وصلاح عبد الصبور ، وألفريد فرج ، وكبار النقاد أمثال رجاء النقاش ، ومحمد مندور ، ولويس عوض وغيرهم.. نجحت الثورة في تفريخ كوكبة من كتاب المسرح المصري الذين تأثروا إلي حد كبير بالمناخ الثوري الذي أشعلته الثورة ، والذين كشفوا النقاب عن أوجاع الوطن من خلال مؤلفاتهم التي عبرت عن مدي تفاعلهم مع روح وأفكار ثورة يوليو ، إلى جانب تأثرهم بالحركات المسرحية العالمية .

من مسرحيات تلك الفترة : “علي جناح التبريزي وتابعة قفة”، و”سقوط فرعون” لألفريد فرج ، وأعمال الكاتب الراحل “سعد الدين وهبة” التي جسدت العديد من الواقع المصري ، ومدي تأثيرها علي الفقراء والبسطاء ومنها مسرحية “السبنسة- كبري الناموس- كفرالبطيخ” ، وأعمال الراحل “نعمان عاشور” التي اتجهت نحو النقد الاجتماعي للظواهر الاجتماعية السلبية في قالب كوميدي ساخر مثل مسرحية “الناس اللي تحت” وعيلة الدوغرى ، والأعمال المسرحية للأديب الراحل “يوسف إدريس” ومنها “المخططين” التي تناول فيها رؤيته للنظام السياسي ، إلى جانب تألق العديد من الوجوه المسرحية البارزة في تلك الحقبة مثل سعد أردش ، وكرم مطاوع ، كما تألق المسرح الشعري علي يد صلاح عبد الصبور ، وعبد الرحمن الشرقاوي ، ونجيب سرور وغيرهم.

أما من حيث الفرق المسرحية ، فقد كان هناك ثلاث فرق قبل الثورة ، اثنتان تحت إشراف الحكومة هما : “الفرقة المصرية للتمثيل” وتقدم الهزليات والميلودراما والمسرحيات الشعرية ، والفرقة الثانية “فرقة المسرح الحديث”؛ وكانت تسير على نفس النهج ، وبعد الثورة ضُمت الفرقتان تحت اسم “المسرح المصري الحديث” بإدارة يوسف وهبي حتى 1956.

انشاء التليفزيون ومسرح التليفزيون

يعد انشاء التليفزيون المصرى أبرز إنجازات الثورة في مجال الإعلام ، و أنشئ في عام 1959 بقرار من الرئيس عبدالناصر ، ليكتمل البناء في 21 يوليو 1961 ، إلا أن البث بدأ في 21 يوليو 1960 في الاحتفالات بالعام الثامن للثورة بساعات بث بلغت (5 ساعات) يوميًا ، ويصبح اسمه ”التليفزيون العربي”.

مشروع مسرح التلفزيون الذي بدأ تأسيسه مع بدايات النهضة الثقافية بعد ثورة 23 يوليو يعدالأب الروحي لمعظم الفرق المسرحية التي ساهمت في خلق مناخ مسرحي غير مسبوق في مصر بالإضافة الي أن مسرح التلفزيون هو صاحب الفضل في تقديم معظم النجوم الكبار من الرعيل الأول والثاني من ممثلين ومخرجين وكل العناصر الفنية التي قدمها مسرح التلفزيون للجمهور المصري والعربي ومنهم علي سبيل المثال لا الحصر عبد المنعم مدبولي وعبد المنعم ابراهيم وأبو بكر عزت ومحمد رضا ومحمد عوض وزوزو ماضي وفؤاد المهندس ونور الدمرداش ، وكرم مطاوع وعبد الرحيم الزرقاني وسعد أردش.

الاهتمام بالمتاحف والآثار

كان من منجزات ثورة يوليو الاهتمام بالآثار المصرية ، ووضع حجر الأساس لمجموعة متاحف تعدمن أعظم المتاحف المصرية الى الآن ، وتقديم عروض الصوت والضوء وإقناع المؤسسات الدولية في العمل على إنقاذ معبدي فيلة وأبو سمبل والآثار المصرية في النوبة حفاظًا عليها من الضياع أثناء بناء السد العالي .

وبعد مرور هذه السنوات يبقي الآن استلهام روح ثورة يوليو وانجازاتها وتنفيذ مبادئها بعد تطويرها حتي تتفق واحتياجات العصر واحتياجات مصر والأمة العربية”والواقع الذى نعيشه.