عامان على "الحزم"و"الأمل"

  • الوحدوي نت -الشرق الأوسط
  • منذ 7 سنوات - Monday 27 March 2017
عامان على "الحزم"و"الأمل"

ليلة الخميس 26 مارس (آذار) من عام 2015، صفحة لافتة تضاف إلى تاريخ المنطقة، في تطور عسكري تاريخي لدول الخليج العربية بزعامة السعودية، حيث كانت الرياض رأس حربة في جمع كلمة 5 دول خليجية تحت مظلة الصمود السياسي لتشكل مع مجمع دول عربية أخرى (مصر والأردن والمغرب والسودان) تحالفاً عربياً لإعادة الشرعية لليمن. الوحدوي نت

تاريخ سابق قبل تلك الهبة الخليجية... عام 2011 نيران الثورات العربية وصلت إلى اليمن. يقف الخليجيون لتجنيب الجارة في حديقتهم الخلفية من سواد الحرب الأهلية. يوافق معها علي عبد الله صالح على التوقيع لمغادرة السلطة ونقل سلطاته إلى نائبه عبد ربه منصور هادي (الرئيس الحالي)، حدث ذلك في الرياض بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته.

* الأسباب... أشعلت العاصفة

تفاصيل تحدث، انتهز الحوثيون الأقلية الموالية مذهباً وسياسة إلى إيران، كل تلك التفاصيل، حاولوا الوصول إلى ما هو أبعد من محيط مكانهم، واستغلوا ظروف تهيئة البلاد إلى مستقبل جديد، كانت نيران إيران معهم لتدعيمهم عسكرياً، حتى تحقق لهم مشروعاً انقلابياً على سلطة الرئيس هادي، فسيطروا على العاصمة صنعاء في أواخر سبتمبر (أيلول) من عام 2014، وكان المشروع الانقلابي الأكبر في يناير (كانون الثاني) عام 2015، وخلاله كان هادي تحت الإقامة الجبرية، قبل أن يحاولوا تعزيز ذلك باتفاقيات وهمية مع أقطاب يمنية، أسهم علي عبد الله صالح في صياغتها على ظهر الورق وتفاصيل الميدان، حيث ألغوا الدستور والمؤسسات، قبل أن يبلغوا عدن في فبراير (شباط) من العام ذاته. حاول الخليجيون معالجة ذلك الأمر في بداياته عبر القنوات السياسية السلمية، لكن المناورة الحوثية ديدن يُصاغ في طهران التي تحركت لمحاولة استغلال الأحداث، فاعترفت بالانقلاب، قبل أن توقع مع الحوثيين على اتفاقيات اقتصادية، وأصبح التمادي على المسار الانقلابي إقامة الحوثيين يوم 12 مارس من عام الحزم، تمارين عسكرية في البقع على الحدود اليمنية - السعودية، حينها كان لا بد من اللجوء إلى الخطة التالية.

* العاصفة تنطلق

مع تولي الملك سلمان، حكم البلاد، كان مشروعه الأمني والسياسي واضحاً وجلياً. لم يدر في خلد الانقلابيين أن ينشغل الملك الجديد بترتيب كثير من الملفات في بواكير أشهره، لكن انطلاقته كانت متعددة في كل الاتجاهات، قبل «عاصفة الحزم» ببضعة أيام، أكد وزير الخارجية الراحل، الأمير سعود الفيصل، رحمه الله، محذراً: «إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي لأزمة اليمن، فإن دول المنطقة ستتخذ الإجراءات الضرورية من أجل حماية مصالحها بوجه العدوان»، وسرعان ما كان القول فعلاً، من عاصمة العرب الأولى التي قررت وحشدت في فترة وجيزة.

سياسة بوجه آخر؛ وجه المصلحة الإقليمية والقضاء على بواعث القلق الإيراني في المنطقة. الساعة الثانية عشرة مساء بتوقيت الرياض، بيان خليجي جمع الكل عدا سلطنة عمان، في طريقه للإعلان، بعد أن صاغته القوة الخليجية لردع الانقلابيين الحوثيين وتحقيق أمن اليمن، «قررنا ردع الحوثي والتنظيمات الإرهابية» بعد أن نفد صبر الخليجيين على تحقيق الأمن في اليمن بالطرق السياسية، وكشف البيان رسالة الرئيس عبد ربه منصور هادي للملك سلمان بن عبد العزيز، بعد أن تكشفت النيات الحوثية ومعها إيران من إجراء مناورات عسكرية بالأسلحة الثقيلة بالقرب من الحدود السعودية لتهديد أمن المنطقة. في مهمة أكبر، استطاعت القوات الضرب الإلكتروني أولاً والتشويش على أجهزة الرادارات الحوثية وألوية صالح، لتبدأ ساعة الصفر، بأمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، مع ساعات الفجر الأولى من يوم الخميس السادس والعشرين من مارس، وتستمر حتى الحادي والعشرين من شهر أبريل (نيسان).

* مهمة عسكرية... وتحرك سياسي

فاجأت «عاصفة الحزم» معسكر طهران، ليس فقط في القوة العسكرية، والسيطرة على الأجواء اليمنية، بل أيضاً درجة التنسيق العالية في تعدد الأطراف المشاركة في العاصفة، والجهود السياسية التي استطاعت أن تؤمّن لها غطاء عربياً واسعاً، وأن تضمّ إلى صفها عدة دول، واستطاع التحالف أن يحقق انتصاراته في وقت قياسي، عبر جبهات قتالية متزامنة؛ القوات الجوية على كامل اليمن.

في ضوء ذلك، إضافة إلى الحرب العسكرية التي تقودها الرياض وعصبة العرب القوية، ضد الحوثيين وموالي علي عبد الله صالح، كانت مهمة دبلوماسية تقودها غالبية الدول العربية على الجانب الدبلوماسي، تمخضت بموافقة مجلس الأمن الدولي على المشروع العربي المقدم، وإصدار القرار 2216، وهو ما يعد غطاءً قانونياً أمام المجتمع الدولي، وأيّد جهود دول الخليج ويدعم الرئيس اليمني هادي، وتنص أهم بنوده على سحب الحوثي قواته من جميع المناطق التي سيطروا عليها، والكف عن أعمال تعتبر من الصلاحيات الحصرية للحكومة اليمنية الشرعية، إضافة إلى الامتناع عن أي استفزازات أو تهديدات للدول المجاورة، بما في ذلك الاستيلاء على صواريخ أرض - أرض ومخازن أسلحة تقع في مناطق محاذية للحدود أو داخل أراضي دولة مجاورة.

* كيف تبدلت الصورة؟

اختلفت الصورة منذ البداية وحتى اللحظة. انهيارات تتوالى، وتحالف أمراء الحرب الوهمي (الحوثي وصالح) يتداعى بكثير من الخيانات ليسقط مع الانهيار شبه النهائي، بعد أن كانت خطابات عبد الملك الحوثي ما قبل بدء العاصفة الحازمة، مغرورة الكلمات، لكن اليوم اختلفت وأصبحت بلون الرماد بعد أن أخذ عملية الاحتراق كاملة.

كل ذلك كان نتاجه استمرار طلعات جوية للتحالف، وتصديات كثيرة لمحاولات التسلل الحوثي على الحدود السعودية، ومفاوضات وجولات مكوكية ليس هناك غرض منها كما تبينه الأيام، تترافق على الميدان بوقع عسكري أكثر فاعلية لتقريب الحل السياسي، مع تقدم قوات الشرعية اليمنية، باتجاه العاصمة صنعاء، مربط الفرس ومركز إعلان التطهير الشامل، حيث يقاتل الجيش اليمني اليوم، بقوة على مشارف العاصمة وتحديداً في مدن نهم وصرواح وليس آخرها مدينة مندبة في صعدة، حيث معقل الحوثيين، بعد أن تحررت عدن لتصبح العاصمة المؤقتة، ويتوالى فيها توافد أعضاء الحكومة الشرعية من حين لآخر بعد أشهر قليلة من قوة التحالف.

الحوثيون، فقدوا كثيراً من قوتهم، فالمال بعيد والعتاد العسكري في حكم القبضة السعودية التي منعت تسلله إلى أياديهم، حيث أحكمت القوات السعودية والتحالف على منافذ تهريب الإيرانيين للسلاح نحو الحوثيين، الأمر الذي أكده وزير الخارجية اليمني السابق رياض ياسين بأن الحملة العسكرية التي تشنها 10 دول عربية بقيادة السعودية نجحت في منع وصول طائرات إيرانية محملة بمعدات عسكرية إلى المقاتلين الحوثيين الذين استولوا على مناطق كبيرة في بلاده. ومعارك وضربات جوية في جميع أنحاء البلاد.

استمر الدور السعودي في دعم العمل السياسي لحل الأزمة اليمنية، مع تأكيد الملك سلمان تجديد الوقوف مع الجمهورية ضد محاولات الانقلاب الحوثي، بدعم عسكري يكسر كل المحاولات الحوثية من تحقيق آمالهم في فرض واقع سياسي يرفضه المجتمع الدولي، ولم يقف الدور السعودي عندها، حيث دعمت الجهود الدولية من أجل الحلول السياسية، تطبيقاً للقرار الأممي 2216 ودعمها لمشاورات الكويت التي استمرت متقطعة لأكثر من 3 أشهر، وجمعت الشرعية بالانقلابيين أملاً في التوصل السلمي تجنيباً للمدنيين من كوارث الميليشيات الحوثية، لكن الحوثيين ظلوا على تعنتهم، وأكدته الهدن المعلنة التي لم يلتزموا بها، بل استثمروها في مواصلة تنظيم الصفوف ومعاودة الاعتداءات.

«حملة الحزم»، و«إعادة الأمل»، أياً كانت الأسماء لها وجه قوة، وأيادٍ إنسانية وأخرى ضاربة ضد التنظيمات الإرهابية، تساندها لوجيستياً واستخبارياً دول حليفة أخرى، التي بدأت تتخذ مواقف أكثر جدية في سبيل التصدي والتطهير من العناصر الإرهابية، وهذا ما يعطي عاصفة الحزم بعداً دولياً في العزم السعودي وبقية دول التحالف العربي، فيما يتبقى تحقيق مجمل الأهداف الاستراتيجية للأزمة اليمنية التي لن تكون فقط على صعيد الحرب.