محنة المعاقين .. الوجه الأخر للحرب

  • الوحدوي نت - سامية العنتري
  • منذ 7 سنوات - Friday 27 January 2017
محنة المعاقين .. الوجه الأخر للحرب

لا يوجد منتصر في الوطن

لكن أطرف الحرب اثبتو قدرة فائقة على استهداف المدنيين الأبرياء واللحاق الهزائم المتتالية بهم وإعاقة حياتهم ماديا ومعنويا. بالنسبة للمدنيين الذين تعرضت حياتهم للإعاقة المعنوية فهم الأوفر حظً في حين تتكشف المأساة في الإعاقة المادية. فقد تسبتت الحرب في اصابة الآلاف من الأبرياء بإعاقات حركية وذهنية جراء وجودهم في امنازلهم الامنه ومقرات أعمالهم والطرقات والمدارس وهي اهداف غير عسكرية!.

الوحدوي نت

خلفت الحرب المندلعة في اليمن منذ مارس 2015 الالف المعاقين، فمنهم من بترت اطرافهم واخرين فقدو قدرتهم على الحركة والبعض فقدو حاسه السمع ومثلهم البصر او كليهما.

لقد اظهر المتقاتلين حماساً عالياً في توسيع محنه المدنيين اليمنيين من خلال رفضهم وتمنعهم للوصول الى تسوية سياسية لوقف الحرب، ومع كل يوم جديد تستمر فيها المعارك يزادد عدد الضحايا الابراياء منهم القتلى والجرحى فضلاً عن اتساع رقعة النزوح، لكن المأساة في ازدياد اعداد الملتحقيين في صفوف المعاقيين اليمنيين الذين كان عددهم كبيرا حتى قبل اندلاع الحرب.

وفقا للاحصائيات الرسمية فإن عدد الذين اصيبو بأعاقات مختلفة جراء الحرب الحالية يزيد عن 7000 شخص، بينهم نساء وأطفال، وهذا الرقم في تصاعد كلما استمر القتال.

قبل اندلاع الحرب كان سجل المعاقين مثخن بارقامهم وكانت اليمن في امس الحاجه لمعالجة هذه المأساة التي خلفتها الحروب السابقة، لا مضاعفة اعدد الضحايا، فالاحصائيات ذاتها تقول ان عدد المصابين بالاعاقات قبل اندلاع الحرب يزيد عن 2 مليون معاق وهو قم يفصح عن حجم المأساة التي خلفتها الحروب.

 وتلفت التقديرات الدولية الى أن نسبة الإعاقة في بلادنا تتراوح من 13-10% ، وتعد هذه من أعلى النسب في العالم، حيث تسببت الحروب التي شهدتها اليمن سابقا وحاليا الى مايقرب من 3 مليون اعاقة.

 وتشير الاحصائيات الدولية إلى ان نسبة المعاقين في البلدان النامية تصل إلى 80% من اجمالي الاعاقات في العالم الذي بلغ عددها 500 مليون معاق في العالم، أغلبهم يعيش في مجتمعات ريفية، وفي الوطن العربي يتجاوز عدد ذوي الاحتياجات الخاصة أو المعاقين، بحسب منظمة العمل العربية الى 20 مليون معاق، معظمهم بحاجة إلى التعليم والتدريب والتأهيل والرعاية الصحية والاجتماعية والنفسية والمهنية لتمكينهم من المساهمة الفاعلة في تنمية المجتمع.

وعلى الرغم من ان اليمن احدى الدول الموقعة على الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية الخاصة بشريحة ذوي الإعاقة، إلا أن المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة ، حسب المعنيين بشريحه ذوي الاحتياجات الخاصة، لم يحرك ساكنا ازاء ازدياد اعداد الضحايا الملتحقين بطابور الاعاقة بسبب الحرب كما انه لم يتخذ اي موقف حاسم تجاه استهداف مقراتهم من قبل اطراف الصراع كما حصل مع مركز النور للمكفوفين في العاصمة صنعاء الذي استهدف في 5 يناير 2016.

قبل اندلاع الحرب كانت ترتكز مشكلة ذوي الاحتياجات الخاصة في امكانية توفير الحد المتوسط من الخدمات الصحية والنفسية والتعليمية لهؤلاء المعاقين اما الان فقد تسببت الحرب في زيادة عددهم وحرمانهم جميعا من هذه الخدمات وفي ظل هذا المشهد الماساوي لهؤلاء اليمنيين لا احد من اطراف الحرب او اللاعبين السياسيين التفت الى هذه الشريحه العاجزة عن الاستغناء عن دور رسمي لتبني احتياجاتهم وتخفيف معاناتهم.

مؤسسات اعيقت رعاياها ..

للحرب مفاعيلها غير العسكرية، فبسبب الحرب والحصار وتدهور الاقتصاد وشحت الموارد اجبرت 300 مؤسسة معنية بتقديم خدماتها لذوي الاحتياجات الخاصة على وقف نشاطها مما تسبب في حرمان الالاف من المعاقين من تلقي الخدمات التعليمية والتأهيلية والاجتماعية التي كانو يتلقونها من هذه المؤسسات. ونسب تقرير صحفي نشرته احدى الصحف اليمنية تصريحات ل "حسن إسماعيل" رئيس المنتدى اليمني لذوي الإعاقة القول بان هناك الآلاف من ذوي الاحتياجات الخاصة حرموا من الحصول على الخدمات الصحية والأدوية والسبب فيها يعود إلى ضعف موارد صندوق رعاية وتأهيل المعاقين، وأصبحت حياة الكثيرين منهم معرضة للخطر بسبب انعدام العلاجات الضرورية، وضعف الخدمات التي من المفترض أن تقدمها المؤسسات الخاصة بهم، ما ألحق أضراراً كبيرة في حق مليوني شخص من ذوي الاعاقات المختلفة السمعية والبصرية والذهنية والحركيه. وفي ذات التقرير افاد "محمود الحسني" رئيس اتحاد المعاقين بالحديدة، أن استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية في بلادنا، انعكس سلباً على حياة الأشخاص ذوي الإعاقة. ولفت إلى أن استمرار الحرب والحصار على البلاد ألحق بالأشخاص ذوي الإعاقة ضرراً كبيراً يحتاج إلى سنوات لتجاوز آثار تلك الأضرار، معربا بأن الجهود التي تقدم بهذا الصدد باتت مشلولة، وبأن الجهات المختصة اصبحت تقدم الحد الأدنى من الرعاية لذوي الإعاقة. كما طالب "الحسني"، الجهات المختصة التظر الى مشكلة المعاقين بعين الاعتبار وصرف مرتباتهم كونهم لا يجدون مصادر دخل أخرى.

ظروف استثنائية.. لشريحة استثنائية

وداد ابراهيم. احدى المعاقات حركيا، تقطن مع اسرتها في حي شعبي بمحافظة الحديدة ورغم انها لم تلتحق بالمدرسة الا في عامها ال15 الا انها ثابرت وواصلت تعليمها وصولاً الى المرحلة الاعدادية لكن الحرب وضعت حداً لاحلامها.

"وجدت صعوبة كبيرة في الالتحاق بالتعليم منذ الطفولة، حيث حرمت من التعليم بسبب مفهوم خاطئ بأن المعاقين لا يفترض تعليمهم" قالتها بصوت متحسر واضافت "بعد بلوغي الخامسة عشر من عمري، وبعد جهود كبيره استطعت اقناع اسرتي على الالتحاق بالمدرسة القريبه من الحي الذي اقطنة"، واداد ثابرت وتقدمت في دراستها وصولا الى المرحلة الاعدادية حينها اندلعت الحرب. وبنبره عديم الحيلة قالت "منذ بداية الحرب توقفت المساعدة التي كنت اتلقيها من صدوق المعاقين ، بالاضافة الى عدم قدرة اسرتي على تحمل المصاريف التي احتاجها للذهاب إلى المدرسة والعودة بسبب اعاقتي، ولهذا لم اواصل تعليمي".

في الظروف العادية ( قبل الحرب ) اكتفت الاستراتيجية الخاصة بالإعاقة للفترة من 2014 إلى 2018م، بالتشريعات الموجودة في اليمن التي ركنت على المساعدة الاجتماعية أو الخيرية لهذه الشريحة من اجل ادماجهم في المجتمع. ولكن في الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، أصبح الوضع أكثر تعقيداً، مما يجعل ذلك النهج غير ممكن تحقيقه خصوصا في ظل انصرف جميع المعنيين عن ملف المعاقين ما تسبب في حرمانهم من الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية أو غيرها من الخدمات التي لاتستقيم حياة هذه الشريحه إلا بتوفيرها.

يوسف الشراعي. مدرس الرياضيات والفيزياء للطلاب (الصم والبكم)، قال بأنه:" خلال العام الدراسي 2016م، تراجع اعداد الطلاب من شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة عن الالتحاق بالصفوف الدراسية بسبب ظروفهم الصحية، موضحا انهم يعانون من صعوبة انتقالهم من منازلهم إلى المدرسة ثم العودة الى منازلهم، واضاف : في 2014 توقفت المخصصات المالية لدعم تعليم هذه الشريحة رغم يسره والتي كان يصرفها صندوق رعاية وتأهيل المعاقين بالحديده، كل نصف عام دراسي، ومن حينها تفاقمت مشكلة مواصلة افراد هذه الشريحه تعليمهم وجاءت الخرب للقضاء على اي امل في استئنافهم لدراستهم .

 الى الدعم المالي اكد الاستاذ يوسف ان نقص الكوادر المؤهلة هي من أكبر العوائق التي تواجه، فضلا عن عدم وجود منهج موحد خاص بذوي الاعاقة مطبوع من قبل الوزارة، بما يتناسب مع وسائل التعليم الخاصة بكل فئة من فئات هذه الشريحة من المجتمع، موضحاً ان عملية اعداد المناهج التي يتم تدريسها تمت بجهود ذاتية من قبل المدرسين والمدرسة .

التفتو الى ضحاياكم ..

لم يكن وضع شريحه المعاقين افضل حالاً قبل اندلاع الحرب لكنه الان اكثر ماساوية وتعد هذه الشرائح الاكثر تضررا من جميع المتضررين من هذه الحرب واكثر المحتاجين حاجةً للمساعدة واكثر المعانيين عناء ، انهم بحاجة الى اسناد حقيقي من الجميع بعيدا عن حساسيات وحسابات اطراف الحرب ومناورات السياسيين .

انهم وحيدين وعاجزين عن البقاء والعيش دون مد يد العون لهم

* نشر بالتنسيق مع المركز اليمني لقياس الرأي