عادل عبدالمغني يكتب : الفســاد .. وبـاء اليـمن القـاتل

  • منذ 18 سنة - Wednesday 29 March 2006
عادل عبدالمغني يكتب : الفســاد .. وبـاء اليـمن القـاتل

لا ديمقراطية مع الفساد  .. ولا رخاء أو ازدهار معه .
لا تنمية تنتظر في ظل الفساد  ,ولا فائدة ترجى من نقد الصحافة ,أو تصريحات معارضي هذا التوجه لنظام يشرع للفساد ويحمي رموزه .
ومن وقت لاخر تقوى شوكة معاول الهدم والتدمير في البلد , وبنفس المعدل يمتد نفوذخم وسطوتهم .
ومثلما يتطور العالم إقتصاديا وتكنولوجيا يتطور الفساد في بلادنا ليصل الى مرافق سيادة هامه.
لم يعد الفساد محصورا فقط على المال العام واراضي الدولة والتلاعب بالوظيفة العامة ..افة الفساد وصلت اليوم الى ابار النفط وشركاته كما وصلت الى المنطقة الحرة بعدن كرافد اقتصادي هام .
وعلى طريقة المثل الشعبي "سارق مبهرر " يكيل حيتان الفساد جملة من الشتائم والاتهامات لكل من ينتقد ممارساتهم او يفصح عنها .
من يكتب اليوم عن الفساد يجرجر في المحاكم ويطعن في ولائه ووطنيته.
ومن يفضح ممارسات المتاجرين بخبز الفقراء عميل ومارق.
ولإن الحكومة هي قلعة الفساد واحدى مرتكزاته ,فإن كل اجهزتها الامنية والقضائية والرقابية والتشريعية ليست اكثر من ادوات تحمي الفساد وتشرع له.
لذا لا عجب ان يخاطبك فاسد بكل قوة وطلاقة وثقة بالنفس .
لا عجب ان يصرخ في وجهك من نهب الملايين من الدولارات ليقول لك إصمت .. صه .
شخصيا وصلت الى قناعة بان ما نكتبه عن ممارسات حيتان الفساد لم يعد اكثر من إسقاط للواجب ,وبراءة للذمة فضلا عن تعريف المواطنين بناهبي لقمة عيشهم ليعوا أن ما يصمهم به الإعلام الرسمي ليس اكثر من من دجل واضح واستخفاف بعقول البسطاء من الناس .
ما عدا ذلك فان كل الامال المرجوة من محاسبة ناهبي المال العام والمتاجرين باقتصاد البلد تصطدم بصخرة من يحاسب من ؟
فهل تحاسب الحكومة وزراءها التي تشكل معهم اخطبوط بشع يلتهم كل موارد البلاد وثرواتها؟!
ام نعقد امالنا على نيابة الاموال العامة التي لم نسمع يوما انها حققت مع احد رموز الفساد,او حجرت ممتلكاته التي كسبها اثناء توليه منصب ما بطرق ملتوية ؟!
وباستثناء التحقيق مع بعض صغار الموظفين التي تحاول من خلالهم اثبات وجودها - فان نيابة الاموال العامة والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ليس اكثر من مؤسسات بيروقراطية فاشلة لا تغني ولا تسمن من جوع .
وباستثناء بعض القضايا التي ترك فيها اعضاءه انتماءاتهم الحزبية لينتصروا للوطن فإن البرلمان هو الاخر وبحكم الاغلبية "الكسيحة" تحول الى مشرع للفساد واليد الاخرى للسلطة التي امتدت يوما ما الى افواه البسطاء لتسلبهم لقمة عيشهم حين وافقت الحكومة على رفع دعم الفقراء في يونيو الماضي.
وهي اليد التي تسرق كل عام فوارق اسعار النفط بجعلها اعتمادا إضافيا لموازنة الدولة .
القضاء ايضا لا يزال مقيدا بإملاءات الحاكم وتوجيهات رموزه .
القضاء كاهم مؤسسة دستورية في البلاد يحتكم للسياسة بدلا من الحكم عليها .
حتى الرجل الأول في الدولة لم يعد يسمع سوى صوته وزمرة حكمه الذين يحرصون على بقاء الوضع على ما هو عليه, حفاظا على مصالح شخصية يحققونها من وراء ذلك .
الامر الذي جعل الوطن أشبه بشركة إستثمارية مملوكة للسلطة ولكل متنفذ فيها اسهم تختلف من شخص لاخر يكسب منها ما استطاع ان يكسب كون الامر يعود الى حذاقته وقدراته في النهب كما يعود ايضا الى ممتلكات المؤسسة الحكومية التي يديرها .
ولإن الفساد في اليمن قد حقق ارقاما قياسية إن لم تكن فلكية ,فإن اصدقاء محسوبين على السلطة في المجتمع الدولي لم يجدوا إمامهم الا انتقاد هذا النهب الجائر للثروة والثورة , والتهديد بقطع مساعداتهم لليمن في حال عدم محاربة الفساد التي حاولت السلطة مرارا انكاره من خلال الحديث عن انجازات الوهم التي تحققت خلال العقود الماضية ,والتي لم يلحظها المواطنون الا عبر الاعلام الرسمي ولم يلمسها عدا المسؤولين وابنائهم .
وكم كان محقا جيمس وليفنسون - رئيس البنك الودلي - حين قال بالفم المليان ان السلطة في اليمن لم تفعل شيئ لمحاربة الفساد وانها تماطل في ذلك منذ اعلانها برنامج الاصلاحات منذ اكثر من عقد من الزمان ,وقال ايضا ان ان الفساد في اليمن اعاق حركة التنمية الاقتصادية وان اليمن لن يزدهر في ظل وجود هذه الافة .
كما لم ينس احدا اللهجة الحادة التي خاطب بها ولفنسون العام الماضي الحكومة اليمنيةبالقول "اذا وصلتم الى الهاوية فلا تنظروا احدا يمد يده لمساعدتكم " .
وفيما الوطن على مقربة من الهاوية هل تدرك السلطة معنى العبارة السابقة ؟!أم انها ترى في أرصدتها وممتلكاتها في الخارج امان لها من هاوية سحيقة لا تابه أن تلقي بالبلد فيها ؟!!.