الرئيسية الأخبار عربي ودولي

شهادة «جمـــال حمـــــاد» عن العصر مــــردود عليها بوثيقــــــة واحدة.. بخط يده شخصياً

  • الوحدوي نت - عبد الله السناوي
  • منذ 15 سنة - Saturday 21 February 2009
شهادة «جمـــال حمـــــاد» عن العصر مــــردود عليها بوثيقــــــة واحدة.. بخط يده شخصياً

شهادة «جمـــال حمـــــاد» عن العصر مــــردود عليها بوثيقــــــة واحدة.. بخط يده شخصياً، سوف يباغت ـ قبل غيره ـ بأنها مازالت فى الحفظ والصون.. وفى مأمنها.. رغم أن عمرها (47) عاماً.
كاتب التقارير:
عبدالناصر لم يثق فيه بصورة كبيرة لأنه كان يعرف حقيقة الاتهامات المنسوبة إليه عندما كان ملحقاً عسكرياً فى دمشق ولأنه كان يدرك طبائع شخصيته لم يول البلاغ الذى قدمه ضد زملائه الضباط أدنى اهتمام مدركاً أنها وسيلة لا تنتسب للكرامة الإنسانية بأكثر التعبيرات تهذباً للتقرب من الرئيس.
للوثائق كلمتها النافذة فى كشف حقائق وخفايا التاريخ، ومعرفة معادن الرجال وطبائع النفوس. وللوثائق كلمتها الأخيرة عندما تكون بخط يد أصحابها، الذين يشهدون على العصر بأهواء الثأر والانتقام، فالعصر يقرأ فى وثائقه، لا فى نوبات حمى الافتراء على الفضائيات، التى اعتبرت ثورة يوليو -بذاتها- «جريمة كبرى» فى التاريخ المصرى، ليتها لم تقم، و«جمال عبدالناصر» شخصية «حاقدة» يسيطر عليه «الغل» (!)
وقد أوغل اللواء «جمال حماد» على مدى تسع حلقات مطولة بثتها محطة «الجزيرة» فى برنامج «أحمد منصور» «شاهد على العصر» فى النيل من ثورة يوليو، والتطاول على زعيمها جمال عبدالناصر، بصورة تجاوزت النقد والحق فيه لتجربة سياسية وإنسانية غيرت من وجه الحياة فى مصر ومحيطها العربى إلى نزع أية قيمة سياسية أو أخلاقية عن هذه الثورة وقيادتها، ونفى أية إيجابية عنها(!)
كل شيء تقريباً جرت محاولة تحطيمه، زعامة يوليو ومعاركها وقضاياها وأدوارها، يوليو ذاتها «عصابة»، كأن المقصود أن تكفر مصر بعروبتها، وأن تنفض يدها من تاريخها، وأن تنظر إليه بغضب، كأن تضحياتها وحروبها كانت رهاناً على الوهم(!)
فى تلك المشاهد التليفزيونية بدت حفلات الشتائم «بلا حدود»، وافتقد المذيع -كعادته- الحد الأدنى من المهنية أو احترام قواعد العمل الاعلامى.. وعلت وجهه علامات كراهية عميقة لـ «يوليو» ولكل ما له علاقة بها، وتجلت سافرة الأجندة التى يتبناها فى برنامجه، التى تعبر عن أكثر تيارات الإسلام السياسى تخلفاً.
و.. رغم ذلك كله، فلا يصح الرد على الشتم بمثله، فذلك خروج من ميادين التاريخ إلى خناقات الحارات الشعبية.
و.. شهادة «جمـــال حمـــــاد» مــــردود عليها بوثيقــــــة واحدة.. بخط يده شخصياً، سوف يباغت ـ قبل غيره ـ بأنها مازالت فى الحفظ والصون.. وفى مأمنها.. رغم أن عمرها (47) عاماً.
.. فى صباح يوم (24) سبتمبر عام (1962) دخل العميد «جمال حماد» مكتب «سامى شرف» سكرتير الرئيس عبدالناصر للمعلومات، بدا مضطربا، وعوامل القلق طاغية عليه، فهو يعتقد ان الرئيس غاضب منه، وأنه اكتشف لتوه ـ قبل يومين فقط ـ أنه قد تعرض لمؤامرات أدت إلى إحجام الرئيس عن أن يلتقيه، ولو مرة واحدة، لمدة خمس سنوات كاملة.
أودع العميد «جمال حماد» لدى «سامى شرف» مذكرة خاصة مرفوعة للرئيس «عبدالناصر».. من (4) صفحات بخط واضح ومتأنق، يبدو أنه بذل مجهوداً كبيراً فى كتابتها فى الليلة السابقة -(32) سبتمبر.
وقد ألح «حماد» على «شرف» أن يرفع المذكرة فوراً للرئيس، متمنياً أن يقابله.. وكتب حرفياً فى الوثيقة الخطيرة: «ولا ألتمس من سيادتكم سوى أمنية واحدة ظللت أنشدها طوال السنوات الخمس الماضية، وسأظل أنشدها مدى الحياة، وهى أن تسبغوا عليّ شرف لقائكم، وأشعر حقاً بأننى موضع ثقتكم وتقديركم وان الظلام الذى كان يكتنفنى قد انقشع»، ولكن «عبدالناصر»، الذى اطلع على مذكرة «حماد» فى نفس اليوم، ووضع خطوطاً تحت بعض عباراتها، رفض أن يقابله.. أو أن يرد عليه عبر «سامى شرف»، فقد كان غضبه شديداً على التصرفات المنسوبة لـ«جمال حماد» وقت أن كان ملحقاً عسكرياً فى دمشق، والتى تنال من سمعة القيادة المصرية فى منطقة الشام الفوارة بالتحولات والانقلابات، وقلوبها تتجه إلى القاهرة.
أبلغ «جمال حماد» «سامى شرف» فى ذلك الصباح البعيد أن فى حوزته معلومات خطيرة - بالأسماء والتفاصيل- عن تصرفات لضباط في القوات المسلحة هم من زملائه ومقربيه!.. وأنه يريد ان يضعها تحت تصرف الرئيس وحده.
و.. بخط يد «سامى شرف»، فى مذكرة مرفقة على أوراق سكرتارية المعلومات برئاسة الجمهورية كتب الكلمات الخطيرة التالية:
مذكرة:
«حضر لمقابلتى اليوم العميد جمال حماد، وسلمنى الرسالة المرفقة لسيادتكم، وأبلغنى انه يلتمس ان تكون ثقة سيادتكم فيه باقية، وانه يود لو سمحتم سيادتكم بمقابلته حيث لديه معلومات وافية عن تصرفات فى القوات المسلحة وأسماء ضباط على شاكلة زغلول عبدالرحمن (رفض أن يذكر لى أى أسماء).. وقد سافر اليوم الى غزة، وأبلغنى انه رهن أوامر سيادتكم».
سامى 42/9
وقد يفاجأ الأستاذ «سامى شرف» أن تلك الوثيقة التى كتبها قبل (47) عاماً مازالت -أيضاً- فى الحفظ والصون.. وفى مأمنها. وهذه الوثيقة تكشف جانباً جوهرياً فى شخصية «جمال حماد»، فهو -هنا- يتطوع للإبلاغ عن زملائه فى القوات المسلحة، ويحاول أن يوحي للرئيس بأن هناك مؤامرة على النظام، وأن إخلاصه يستدعى تلك الوشايات، متصوراً أن اللجوء إلى هذا الأسلوب، الذى كتب بنفسه ما يؤكد أنه بارع فيه، يمكن أن يستعيد به ثقة الرئاسة، وأن يغنم مناصب جديدة من وشاياته، التى لم يطلبها منه أحد، ولا تدخل فى طبيعة وظيفته فى ذلك الوقت. ولكن الطبع يغلب التطبع، وهو بنفسه ـ وبخط يده فى الرسالة إلى الرئيس ـ يؤكد أنه محترف فى كتابة التقارير عن زملائه وبعض الذين يثقون به.
وفيما يبدو أن «عبدالناصر» كان يدرك طبائع شخصيته، ولم يول البلاغ الشفهى الذى قدمه ضد زملائه الضباط أدنى اهتمام، مدركاً أنها وسيلة، لا تنتسب للكرامة الإنسانية بأكثر التعبيرات تهذباً، للتقرب من الرئيس.
عبدالناصر لم يصدقه، ولا طلب من المخابرات العسكرية أن تبحث وتستقصى فيما لديه، كان لا يثق فيه بصورة كبيرة، لأنه كان يعرف حقيقته، وحقيقة الاتهامات المنسوبة إليه عندما كان ملحقاً عسكرياً فى دمشق.
فى سبتمبر (1952) وصل «جمال حماد» إلى العاصمة السورية دمشق ليتقلد منصب الملحق العسكرى المصرى فيها، منقولاً من منصب أهم وأرفع هو «مدير مكتب اللواء محمد نجيب»، رأس النظام الجديد، والمثير للالتفات أن «حماد» استبعد سريعاً من موقعه بجوار «نجيب» بعد أقل من شهرين من قيام الثورة، وقبل اشتعال الصراع بين «ناصر» و«نجيب»، وبدا الأخير مرحباً بإبعاد «حماد»، فهو بدوره كانت عنده تحفظات عليه.
وفى دمشق توالت مرة بعد أخرى انتقادات لمستوى أداء «حماد» مست أحياناً سلامة تصرفاته.. وبعد إبعاده بـ (5) سنوات من منصبه الدمشقى يحاول فى رسالته للرئيس أن يدافع عن نفسه، وأن ينفى أنه تورط فى تصرفات تسيء إلى الثورة وقيادتها،  وهناك روايتان حول تصرفات جمال حماد فى دمشق:
الرواية الأولى ، رواها بنفسه وبخط يده فى مذكرته للرئيس.. يقول فيها إنه قد أوقفت سيارته فى الجمارك السورية، وهى عائده بعائلته من بيروت، وأن الواقعة قد استخدمت فى الصحافة اللبنانية للتشهير به، مبرراً الحملة عليه بأنها لدواعى الانتقام من دوره فى كتابة التقارير عن «محمود وأحمد أبو الفتح»، والتى كانت أساس الاتهام فى محاكمة عسكرية أدت تداعياتها الى اغلاق جريدة «المصري»، وقد سمحت السلطات المصرية - فى ذلك الوقت - بنشر تقارير «جمال حماد»، لأنه كان يتعين أن يطلع عليها المحامون.
والرواية الثانية سجلها «سامى شرف»، فى الجزء الثانى من كتابه: «أيام وسنوات مع عبدالناصر» الصادر عام (2005). يقول «سامى شرف»:
«إنه فى بداية الخمسينيات ضبطت مهربات على احدى طائرات القوات الجوية التى كانت قادمة من دمشق، وكان يقودها سعد الدين الشريف (كبير الياوران فيما بعد).. كان جمال حماد صاحبها، لكن بعد ما كشف الأمر تنصل من الموضوع، وادعى انه لا يعرف عنها شيئا، وقد حفظ الموضوع - بتدخل من عبدالحكيم عامر- حتى لا يساء إلى الملحق العسكرى المصرى فى دمشق بحجة ان صاحب المهربات مجهول».
الواقعة الأولى قال «حماد» إن خصومه حاولوا بها أن ينالوا منه لدواعى الانتقام.. والواقعة الثانية تجاهل الحديث فيها أوالدفاع عن نفسه فى معرض شهادته على العصر(!)
الوثيقة -التى بين أيدينا الآن- تؤكد أن صاحبها كاتب تقارير محترف.. يعترف - بخط يده - أن من يحيكون المؤامرات ضده.. «أدرى الناس بمدى خبرتى فى تلك الأمور» ـ قاصدا الوشاية بمن يثقون فيه وكتابة التقارير التى تحرض السلطات عليهم.
فى تلك الوثيقة اعتراف صريح بأنه هو الذى أوشى بأصحاب «جريدة المصري» (محمود وأحمد أبوالفتح)، وأن تقاريره أدت إلى إغلاق الجريدة، وأن المعلومات التى حصل عليها من بيروت أوائل الخمسينيات كانت المستند الرئيسى فى المحاكمة العسكرية التى جرت لـ«آل أبوالفتح».
ويلاحظ -هنا- أن تلك التقارير كتبت قبل الصدام بين الثورة وأصحاب «المصري»، ويبدو أنها اصطنعت فجوة خطيرة أدت تالياً إلى اندفاع «آل أبوالفتح» فى الصدام إلى حدود خطيرة من التعاون مع الاستخبارات الفرنسية والبريطانية أثناء العدوان الثلاثى على مصر- وهذه خطيئة لا تغتفر نالت على نحو يصعب ترميمه من الدور البارز الذى لعبته هذه الصحيفة فى التاريخ المصرى خلال حقبة الأربعينيات، أو عند مقدمات يوليو.
يبدو جمال حماد فى مذكرته للرئيس متحاملاً على مساعده السابق المقدم «زغلول عبدالرحمن» عندما كان ملحقاً عسكرياً فى دمشق.. فقد أسند إلى «زغلول» كل ما نسب إليه من تجاوزات تمس سلامة تصرفاته.
«حماد» -هنا- ماهر حقاً فى كتابة التقارير، وتوظيف الأجواء المستجدة وضغوطها على صانع القرار فى تصفية الحسابات.. فهو يدرك تماماً أن الرئيس به جرح غائر من ضرب الوحدة المصرية السورية، وما جرى بعد الانفصال فى سبتمبر (1961) من تعريض بالدور المصرى فى مؤتمر «شتورا» بلبنان، وقد كان للمقدم «زغلول عبدالرحمن» الملحق العسكرى المصرى فى ذلك الوقت ببيروت دور خطير فى هذا المؤتمر، فـ«هو شاهد من أهلها» - على ما يقولون. وقد ذهب إلى هذا المؤتمر فى سيارة السفير السعودى، وبتحريض من خاله «أحمد أبوالفتح»، وبدت تلك سقطة كبرى فى حياته ندم عليها فيما بعد طويلاً وكثيراً عندما استشعر فى أوروبا أن الأطراف التى التقته ربما تكون إسرائيلية، أو أن الشخصيات البريطانية التى التقاها -عن طريق أقاربه فى عائلة «أبوالفتح»- مهتمة بالسؤال عن الصواريخ المصرية.. فعاد بمحض اختياره إلى مصر وتقبل مصيره فيها، فهوقد أخطأ، ولكنه ليس خائناً.
وقد حاول «جمال حماد» أن يستخدم صلة القرابة بين «زغلول عبدالرحمن» و«آل أبوالفتح»، للقول بأن الحملة عليه هدفها الانتقام من التقارير التى أودت بـ«المصري» واندفعت بأصحابها إلى أحضان الاستخبارات البريطانية والفرنسية. 
والحقيقة أن «زغلول عبدالرحمن» شخصية درامية، خان «جمال عبدالناصر» فى شتورا، ثم أمضى عمره يبكيه، ويصفه أصدقاؤه بأنه «وطنى غلبته مثالبه الشخصية من إدمان لعب القمار، فأصبح من الممكن السيطرة عليه، بديونه المتراكمة، ومخاوف أن يجرى فضحه». وهكذااستدرج إلى فخ «شتورا» والتشهيربـ(عبدالناصر)، ومع ذلك أعاد كل ما كان فى عهدته من أموال إلى السفارة المصرية عبر ممثل الجامعة العربية، خشية أن يتهم بالسرقة..
ومع تعاقب الأيام واختلاف العصور، وحتى رحيله قبل فترة قصيرة، ظل «زغلول عبدالرحمن» يقول لأصدقائه ومقربيه: «كيف سمحت لنفسى أن أخون فى شتوراأعظم رجل أنجبته مصر».. ولكن فى الأجواء التى أعقبت الانفصال كانت الفرصة أمام «جمال حماد» سانحة لاستخدام اسم «أبوالفتح» وخطيئة «شتورا» لإبراء تصرفاته المطعون عليها أمام الرئيس، فالذين يتآمرون عليه يستهدفون الانتقام من تقاريره التى أودت بالعائلة الصحفية الشهيرة، وهم أنفسهم الذين تآمروا على الرئيس فى شتورا(!)
كانت لعبة كاتب التقارير الماهر والمحترف أنه: مادام «آل أبو الفتح» خونة ـ بحسب ألفاظه وبخط يده، وان ابن شقيقتهم «زغلول عبدالرحمن» من أذنابهم الخونة، فلابد انه بريء مما هو منسوب إليه من اتهامات خطيرة.
ولا نظن أن اللواء السابق الذى يقول فى مذكرته الخطية إنه «جندى لجمال عبدالناصر يفتديه بحياته»، مستعد الآن ان يصف «آل أبو الفتح» بأنهم خونة، رغم ان هناك وثائق ثابتة حول تورطهم فى علاقات استخباراتية مع فرنسا وانجلترا، فمادام الهجوم -الآن -على عبدالناصر، «الحاقد الأكبر» الذى دمر مصر، ولا تحسب له فضيلة واحدة من جناب المؤرخ، فلابد ان يكون جميع خصومه من الملائكة الأبرار(!)
ولمدة ثمانى سنوات تالية على كتابة مذكرته للرئيس، طالباً أن يمن عليه بلقاء شخصى، وحتى رحيل
«عبدالناصر»، لم يحقق اللواء السابق أمنيته، فالرفض كان حاسماً، ويروى «حماد» أنه ذهب بنفسه عام (1966) إلى مطار القاهرة الدولى لاستقبال الرئيس لدى عودته من إحدى زياراته الخارجية.. ليتمكن من مقابلة المشير «عبدالحكيم عامر»، لشأن شخصى وعائلى، اعتبر ان قول عبدالناصر له: «انت أصبحت لواء يا جمال؟» تعبير عن حقده وغله من ان يحصل على هذه الرتبة العسكرية الرفيعة، رغم ان أى طفل يمكنه ببساطه أن يعرف انه كان بوسع عبدالناصر عزله بإيماءة من رأسه، ولكنها الصغائر عندما تتحكم فى الأهواء، فيتبارى معه «أنيس منصور» فى كلام صغير عن حقد عبدالناصر وغل قلبه!
فى المذكرة الخطية للرئيس يكشف «جمال حماد» أسباب غضب «عبدالناصر» عليه فهو مطعون عليه فى سلامة تصرفاته، وان أمله ـ كما كتب بخط يده: «ان أزيل من نفس قائدى وزعيمى الذى أفتديه بحياتى أى شائبة قد تكون عالقة فى نفسه من ناحيتى نتيجة لهذه الحملات التشهيرية الحاقدة»، غير أن ما يسميه بالحملات التشهيرية الحاقدة تحولت -الآن- إلى الرجل الذى كتب إنه يفتديه بحياته(!)
وإذا كان هناك من خطأ لـ«جمال عبدالناصر» - فى هذا السياق- فهو أنه أسند - تالياً- لرجل ليست لديه ثقة كبيرة فيه منصب محافظ كفر الشيخ مع بداية إقرار نظام الحكم المحلى. و.. ولكنه أقاله من هذا المنصب بعد فترة قصيرة لأسباب يعرفها اللواء السابق، ولا تدخل فيها على أى نحو - من قريب أو بعيد- ما قاله لمحاوره
«أحمد منصور» من أنه قد أقيل لأنه رفض أن يكون من الحاشية التى تبايع الرئيس (!).
فهذه مزحة تجاوزها «أحمد منصور» سريعاً، ولم يسأله عما نشره «سامى شرف» فى كتابه: «أيام وسنوات مع عبدالناصر» من أن الدكتور «سالم محمد شحاتة» الأمين العام للاتحاد الاشتراكى فى «كفر الشيخ» كان قد تقدم بمذكرة مستفيضة للرئيس «عبدالناصر» وكبار المسئولين، دعمها فى ذلك الحين بوثائق صحيحة، عن محاضر تكهين محتويات استراحة المحافظ وتبديد محتوياته الثمينة.
وقد تدخل «عبدالحكيم عامر» و«شمس بدران» - مرة أخرى- للإبقاء عليه، فهو محسوب تقليدياً على شلة المشير، ووثيق الصلة بـ«صلاح نصر»، الذى يصفه فى رسالته لـ«جمال عبدالناصر» بـ«الصديق»
وقد أخطأ عبدالناصر- مرة أخرى- بقبول طلب المشير إعطاء «جمال حماد» فرصة ثالثة ونقله محافظاً لـ«المنوفية»، إلا أن نقطة مرور صغيرة على الطريق ـ كما يروى «سامى شرف» ـ وضعت يدها على محتويات سيارة نقل تابعة لديوان محافظة المنوفية مليئة مفروشات وعفش، اتضح انها منقولة الى منزل المحافظ بالقاهرة. عند هذه الواقعة تقرر إحالة اللواء السابق الى التقاعد، وهذه المعلومات تجنب «جمال حماد» الإشارة إليها، أو الاقتراب منها، أو حتى نفيها، وتكرار مثل هذه الاتهامات، مرة بعد أخرى، من دمشق وبيروت إلى كفر الشيخ والمنوفية، يرجعها اللواء السابق إلى مؤامرات عليه(!). ويبدو أنه لم ينس لـ«عبدالناصر» عدم ثقته فيه، ودخل لسنوات طويلة فى لعبة تصفيات الحساب مع ثورة يقول إنه هو الذى كتب بيانها الأول(!).. غير أن تلك قصة أخرى.
 
عبدالله السناوي:
رئيس تحريرجريدةالعربي المصرية.

*****     *****     *****    *****     *****     *****
نص مذكرة ـ بخط يد اللواءجمال الدين حماد ـ مرفوعة إلى السيد الرئيس جمال عبدالناصر، وقد نشرت صحيفةالعربي المصرية في عددها(1145) تاريخ 15/2/2009صورةعن رسالة اللواءجمال حمادإلى عبدالناصربخط يده.
أنت قائدى وزعيمى الذى أفتديه بحياتي!
سيدى الرئيس:
أتشرف بتقديم هذه المذكرة إلى سيادتكم لإيضاح موقفى القديم أمامكم بعد أن تكشفت لى أخيرا بعض الحقائق التى دلت بجلاء على أننى كنت ضحية حملة مدبرة ظالمة من التشهير استهدفت سمعتى ونزاهتى فى عام 1957.. وأدركت الآن فقط سر المعاملة التى أحسست أنها غير عادية عقب عودتى من دمشق فى العام المذكور بعد خدمة مشرفة لمدة خمس سنوات ملحقا عسكرياً ومديرا للقيادة المشتركة أديت فيها واجبى بكل إخلاص وتفان.
لقد أمضيت السنوات التالية لعودتى نهباً للحيرة لعدم اهتدائى إلى سر هذه المعاملة التى لم أكن أتوقعها إلى درجة أننى أرسلت إلى سيادتكم رسالتين بهذا المعنى والتمست فيهما أن أحظى بمقابلتكم علِّى أزيل فى هذه المقابلة أى شائبة تكون قد علقت بى لأظل على الدوام موضع ثقتكم ومحل تقديركم.
ولقد شاءت إرادة المولى الكريم أن أعرف (منذ يومين فقط) بعض ما ألقى الضوء وكشف الستار عن ذلك السر المبهم الذى ظل مغلقا أمامى طيلة السنوات الخمس الماضية.
فقد حدث أن مررت على بيروت يوم 15 / 8 / 1962 فى طريق عودتى إلى الوطن بعد زيارة رسمية للدول الإسكندنافية (خاصة بعملي) وأثناء مشاهدتى للكازينو الكبير بصحبة ابن شقيقتى إبراهيم الخربوطلى الموظف ببنك مصر لبنان فوجئت برؤية زغلول عبدالرحمن جالسا على إحدى موائد القمار وما كاد يلمحنى حتى ارتبك وتوارى حتى لا أراه وشاهدته من بعيد يتنقل من مائدة إلى أخرى وعيناه زائغتان، يطل منهما بريق الجشع والإدمان وقد روى لى ابن شقيقتى بقية القصة حين قابلته يوم21 / 9 /1962 بالقاهرة عقب حضوره فى مأمورية فقد روى لى أن زغلول عبدالرحمن حضر إليه ذات يوم إلى بنك مصر ببيروت وذلك قبل التجائه إلى سوريا بفترة قصيرة وسأله عن الصلة التى تربطه بى ولما ذكر له ابن شقيقتى حقيقتها هز رأسه بطريقة ذات معنى وذكر لابن شقيقتى بطريقة تدل على الحقد والشماتة أن تقريرا خطيرا قدم إلى المسئولين بالقاهرة عام 1957 عن تصرفاتى وأخطائى حين كنت ملحقا عسكريا فى دمشق، وانه لولا هذا التقرير لكان لى اليوم شأن آخر ومنصب خطير فى الدولة ولما استوضحه ابن شقيقتى عما ورد فى هذا التقرير مضى زغلول عبدالرحمن يسرد ما ادعاه من تهم فقال اننى جمعت ثروة طائلة بطرق غير مشروعة وانها بلغت 74 ألفا من الجنيهات
(كما ورد بالضبط فى التقرير) ثم مضى فى ادعاءاته فذكر أننى كنت أستغل منصبى فى الاشتغال بالأمور التجارية وأننى نقلت كميات ضخمة من البضائع والصناديق المقفلة فى الطائرات الحربية من دمشق إلى القاهرة للاتجار فيها علاوة على قيامى بعمليات كبيرة لتهريب العملة والاتجار بالنقد.
ولست أود أن أضيع وقت سيادتكم الثمين فى الرد على هذه المفتريات التى تستطيع أى جهة لديها أقل جهاز للتحريات أن يتضح لها أنها أكاذيب وأباطيل وأين هذه الثروة الطائلة التى أملكها وكيف استطعت إخفاءها طوال هذه المدة؟ وأين هى البضائع التى أرسلتها ومن هم التجار الذين أتعامل معهم؟
ولقد بادرت بمقابلة السيد صلاح نصر مدير المخابرات العامة يوم 22 / 9 / 1962لكى أخطره بما بلغنى نقلا عن زغلول عبدالرحمن وأوضحت لسيادته ردى على كل دعوى من هذه الادعاءات بالتفصيل لكى يتحقق بنفسه من مدى ما تحمله هذه الافتراءات من ظلم وبهتان.
ولقد كان لما لمسته من الصديق صلاح نصر من ثقة بى وإيمان تام بنزاهتى وإخلاصى ما أدخل السكينة إلى قلبى وجعل الإيمان يملأ نفسى أن هذه الأباطيل إذا صدق زغلول عبدالرحمن فى أنها قد قدمت حقا إلى المسئولين عام 1957 فإن الله جلت حكمته أراد أن يهيئ لى هذه الفرصة الآن لكى أتولى بنفسى الرد عليها وإثبات زيفها وبهتانها.
سيدى الرئيس:
إن هذه ليست أول المؤامرات ضدى، وأنتم يا سيادة الرئيس أدرى الناس بما استهدفت له من مؤامرات وتيارات منذ توليت منصبى فى دمشق فى سبتمبر عام 1952 فقد اعتبرنى المواطنون العرب فى سوريا ولبنان والأردن والعراق مندوبا للثورة بل ممثلكم الشخصى فى هذه البلاد كما كانت الصحف والإذاعات العربية تردد دائما. وهكذا أصبحت الهدف المباشر لجميع أعداء الثورة فى هذه المنطقة العربية واشترك فى التآمر ضدى فى طى الخفاء كل من انكشف سترهم الآن من أعداء الجمهورية العربية المتحدة، وهم فئة السياسيين الرجعيين فى سوريا وجماعة الإخوان المسلمين وبعض المصريين الخونة الذين يسمون أنفسهم جماعة مصر الحرة.
لقد هال فئة السياسيين الرجعيين اتصالاتى الوثيقة بضباط الجيش السورى الأحرار وعلى رأسهم الشهيد عدنان المالكى وأزعجتهم جهودى المثمرة فى تعزيز العلاقات المصرية السورية وإنشائى النادى المصرى السورى بدمشق وهالهم إخلاصى فى عملى ونشاطى الدائب وولائى للثورة وزعيمها من أعماق قلبى وعقدى للمؤتمرات الصحافية فى العواصم العربية لشرح أهداف الثورة وتفنيد مزاعم أعدائها. لقد اعتبرت هذه الفئة الرجعية نشاطى خطرا يقلق مضاجعهم، وأصبح وجودى يملأ عيونهم، فعقدوا العزم على ضرورة التخلص منى وسرعان ما شاركهم فى هدفهم فئة من المصريين يملأ قلوبهم حقد هائل ضدى وهم آل أبوالفتح ومن يلوذ بهم من أذناب، فلقد أثرت نقمتهم حين كشفت نشاطهم المعادى للثورة فى لبنان حين كانوا لا يزالون يدبرونه فى طى الخفاء. وتسبب تقريرى عنهم إلى المخابرات فى إغلاق جريدتهم وتقديمهم إلى محكمة الثورة فمضوا مع حلفائهم من السياسيين الرجعيين يدبرون لى الدسائس والمؤامرات، وساعدهم الحظ بتعيين ابن شقيقتهم مساعدا لى فى دمشق، وقد اتضح الآن بجلاء عقب فرار زغلول عبدالرحمن وانضمامه إلى أقربائه الخونة حقيقة مشاعره نحو الرجل الذى يعتبره آل أبوالفتح سبب نكبتهم، فكان العدو فى ثياب الصديق، وأتاحت له فرصة اتصاله الوثيق كمساعدى أن يهيئ سبل الانتقام لأقربائه من هذا العدو الذى يملأ قلوبهم الحقد عليه.
ولعلكم يا سيادة الرئيس لا تزالون تذكرون طرفا مما أحكموا تدبيره ضدى خلال وجودى بدمشق ومعظمه ثابت بالوثائق الرسمية، وقد استهلوه بحادث إيقاف عربتى فى الجمارك السورية وهى عائدة بزوجتى من بيروت لكى يصادروا ما معها من مشتروات تافهة (لم تزد قيمتها وقتئذ على عشرين جنيها) رغم ما تتمتع به العربة من حصانة سياسية وما يتمتع به أعضاء السلك السياسى من إعفاء جمركى، لكى تتخذه صحفهم المأجورة حملة مسعورة للتشهير بى ما أثار وقتئذ شعور الرأى العام السورى ضدهم لفرط انحطاطهم إلى هذا المستوى. ولقد اطلعت سيادتكم عقب الحادث بمكتبكم بمبنى رئاسة مجلس الوزراء وقتئذ ـ على الإيصال الرسمى الذى دونت فيه الجمارك السورية المشتروات المصادرة، ولازلت أذكر تعليق سيادتكم على أن أهم المشتروات كان (سوتيان حريمى ولعبة للأطفال)، وانتهى الموضوع بإعادة هذه المشتروات إليّ بعد اعتذار قدمه لى وزير الخارجية السورية شخصيا.
وفوجئت مرة بدخول زمرة من الصحافيين السوريين واللبنانيين إلى مكتبى من أعوان أبوالفتح، وأبلغنى أحدهم وهو زهير عسيران أن معهم نص التقرير الذى أرسلته للمخابرات عن نشاط محمود وأحمد أبوالفتح فى بيروت، ونظراً لما ورد فى التقرير من تعرض لشخصيات سياسية لبنانية وذكر لمقابلته مع آل أبوالفتح ـ التى كانت تحت رقابتى ـ فقد هددنى زهير عسيران ومن معه من الصحافيين بنشر تقرير فى الصحف وفضح تحرياتى السرية فى لبنان إلا إذا استجبت إلى طلبهم وهو الاتصال بحكومتي والحيلولة دون تقديم آل أبوالفتح للمحاكمة، فرفضت الاستمرار فى النقاش معهم، وطلبت منهم أن يفعلوا ما يريدون وفعلا صار نشر التقرير فى بعض الصحف اللبنانية والسورية الموالية لهم عقب حكم محكمة الثورة على محمود أبوالفتح مع حملة شعواء بضرورة طردى من لبنان لقيامى بالتجسس فيها.
وقد أبديت اعتراضى وقتئذ فى المخابرات على وصول هذا التقرير إلى أيدى الصحافيين اللبنانيين، ولكن الرد أوضح لى أن هذا العمل لم يكن منه بد، فقد كان تقريرى هو أساس الاتهام فى القضية، ولذا ضم إلى وثائق المحاكمة التى اطلع عليها المحامون وأمكن عن هذا الطريق تسرب التقرير إلى لبنان.
وفى المرة التالية ساعد أعدائى وأعداء الثورة ضابط مصرى ـ مع الأسف ـ هو محمد روحى الحسامى الذى حاول فصم العلاقة الوثيقة التى تربطنى بالشهيد عدنان المالكى بمحاولة الدس والوقيعة وإفهامه أننى لست موضع ثقتكم وأنكم على وشك سحبى من منصبى وحاول إغراءه بأن أبدى استعداده لنقل جميع أسرار مصر إلى السلطات السورية إذا طلبوا من مصر تعيينه ملحقا عسكريا فى دمشق بدلا منى على اعتبار أنه سورى الأصل ويكون أقدر على توثيق العلاقات. وقد رفض الشهيد عدنان المالكى هذا العرض الدنيء من هذا الضابط الخائن وبادر بإخطارى بهذه الوشاية وهو يرتجف غضبا وقد تصادف وجود اللواء عبدالعزيز فتحى مدير مصلحة السواحل وقتئذ فى مأمورية رسمية فى دمشق فاستمع بنفسه إلى القصة بأكملها من فم الشهيد عدنان المالكى الذى لم يكتف بذلك بل أصر على كشف هذه الوشاية لسيادتكم شخصيا فحرر خطابا خاصا إلى سيادتكم ضمنه التفاصيل وحمله اللواء عبدالعزيز فتحى بنفسه إليكم. وسرعان ما ورد ردكم وبخط يدكم إلى الشهيد عدنان المالكى تحذرونه فيه من روحى الحسامى وتؤكدون له أن جمال حماد هو ممثلكم الشخصى وموضع ثقتكم. ولم أسعد فى حياتى قدر ما سعدت بوصول هذا الخطاب الذى ملأ قلبى اطمئنانا وإيمانا ولم أبصر الشهيد عدنان المالكى هانئا مسرورا قدر ما رأيته وهو يتلو خطابكم الذى تشيدون فيه بإخلاصه ووطنيته. ولم يلبث أعداء العروبة أن صوبوا رصاصهم الغادر إلى قلب الشهيد عدنان المالكى فسقط يتضرج بدمائه أمامى وعلى بعد خطوتين منى وقد كان آخر حديث له فى هذه الدنيا هو حديثه معى ونحن نشهد مباراة الكرة سوياً.
هذا ولم تكف الفئة الرجعية فى دمشق عن محاولاتها الدائبة للتنكيل بى طوال فترة عملى بدمشق، وأعتقد أن سيادتكم أدرى الناس بما كانوا يبذلونه من محاولات كبيرة لسحبى من دمشق، وبلغ الأمر إلى حد توسيط بعض السياسيين اللبنانيين لإبلاغ رغبتهم بل أمنيتهم إلى المسئولين بالقاهرة، واشتد هذا الضغط إلى أقصى حد حين خيل إليهم وقتئذ أن مصر تعتزم تعيينى سفيرا لها فى دمشق، وكان محور شكواهم دائما هى صلاتى الوثيقة بالضباط السوريين، فراحوا يثيرون الشائعات، ويجهرون بالشكوى فى كل مكان أننى لا أكف عن تدبير الانقلابات العسكرية ضدهم، ووصل الأمر إلى حد أن السيد على صبرى استدعانى فى مكتبه بمنشية البكرى حين كان نائبا لمدير المخابرات العامة، وأبلغنى أن مسئولا أمريكيا كبيرا (لا أذكر اسمه الآن) وكان يزور المنطقة وقتئذ شكا للسيد الرئيس من أن لديهم معلومات وثيقة بأننى أتولى تدبير انقلاب عسكرى ضد حكومة صبرى العسلى بالاشتراك مع بعض القادة السوريين (وخاصة أمين النفوري). بل إن الأمير فيصل ولى عهد السعودية لم يكد يرانى فى القاهرة للمرة الأولى فى حياته حتى بادرنى مندهشا بالسؤال عن سر هذه الشكاوى المستمرة من جانب السياسيين السوريين بشكل لم يسبق له مثيل. 
ولم ينس آل أبوالفتح حقدهم على حتى بعد أن تركت منصبى فى دمشق فمن الطريف أن تهب ضدى حملة مسعورة من محطة إذاعة بغداد فى عهد نورى السعيد فى أواخر عام 1957 وأنا أقدم المعلمين بالكلية الحربية بالقاهرة، وليس لى أدنى علاقة بالسياسة العربية ولكننى أدركت الآن سرها إذ أن المفتريات التى كانت تذيعها محطة إذاعة بغداد ضدى تتفق تماما مع ما ذكره زغلول عبدالرحمن من ادعاءات قال إنها وردت فى التقرير الذى قدم للمسئولين ضدى ما يثبت أن آل أبوالفتح ظلوا يتابعون حملة التشهير ضدى بصفة شخصية من محطة الإذاعة التى كانت تربطهم بها وقتئذ أوثق الصلات، لأن غرضهم لم يكن إبعادى عن دمشق فحسب بل هو الانتقام منى والحرص على ألا تقوم لى قائمة مرة أخرى حتى لا أفضح أساليبهم، وأكشف وسائلهم ـ ذات يوم ـ وهم أدرى الناس بمدى خبرتى فى تلك الأمور.
سيدى الرئيس:
إن ما أوردته فى مذكرتى هذه هو بعض ما واجهته من مؤامرات دنيئة من هذه الفئة الغادرة بسبب إخلاصى فى عملى وتأدية واجبى بتجرد وإيمان غير عابئ بما يثيره ذلك من تآلب الأعداء وخطرهم على، وإننى إذ أرفع إلى سيادتكم هذه المذكرة لا أستهدف من ورائها منصبا، ولا أبتغى مطلبا، فإننى قانع ـ بفضل رضائكم ـ بوضعى الحالى، وكل ما أبتغيه هو أن أزيل من نفس قائدى وزعيمى الذى أفتديه بحياتى أى شائبة قد تكون عالقة فى نفسه من ناحيتى نتيجة لهذه الحملات التشهيرية الحاقدة، ولا ألتمس من سيادتكم سوى أمنية واحدة ظللت أنشدها طوال السنوات الخمس الماضية، وسأظل انشدها مدى الحياة، وهى أن تسبغوا عليّ شرف لقائكم لكى تعود لى ثقتى القديمة بنفسى، وأشعر حقا أننى موضع ثقتكم وتقديركم، وأن الظلام الذى كان يكتنفنى قد انقشع وفى انتظار تحقيق هذه الأمنية الغالية سأظل كما عهدتمونى دائما الجندى المخلص للثورة وزعيمها إلى آخر رمق فى الحياة والسلام عليكم ورحمة الله، والله ينصركم.