الرئيسية الأخبار عربي ودولي

28 سبتمبر.....ماذا بعد ؟!

  • سامي شرف
  • منذ 17 سنة - Saturday 30 September 2006
28 سبتمبر.....ماذا بعد ؟!

أستطيع أن أقول بضمير مرتاح أن قوميتنا العربية لم تهزم ولن تهزم لأنها قومية إنسانية غير عنصرية تعترف بالآخر وتحترم حقه فى الحياة وفى التعبير . .
والذين هزموا ـ إذا جاز التعبير ـ هم بعض دعاة هذه القومية
. .
لقد حمل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر مشعل القومية العربية صادقا وسار به نحو تحقيق أهداف محددة واضحة أما الآخرون فقد عملوا على تحقيق مصالحهم و أغلبها ذاتية ولذا فقد جاهدوا ليضعوا العراقيل أمامه فكانوا وبالا على الأمة العربية و ربما أكثر أثرا عليها من الأعداء الخارجيين
. .

هزم عبد الناصر فى معركة لإخلاصه ولكنه لم يسقط ، و هم تساقطوا لأنانيتهم ، أما الأصولية فهزيمتها طبيعية لهزال فكرها ومنشأها وليس لقوة أعدائها
. .
إننا لن نهزم لو قاد هذه الأمة رجال مخلصين يوفقون بين قوميتنا وبين ديننا
. .
رجال ذوى إرادة حرة قوية ، يؤمنون بالحرية والاستقلال لأمتهم من المحيط إلى الخليج . . لا يستسلمون لقوى وضغوط أجنبية . . لا يفرطون فى ذرة من أرض أوطانهم تحت أى مبرر أو أى عذر أو ادعاء بالتزام بمعاهدة أو اتفاق فرض على الشعب فى ليلة ظلماء
.
رجال يحترمون أنفسهم قبل أن يحترموا الأصول والدستور والقوانين والأعراف والأخلاق فيلتزموا ولا يتحايلون ولا يزوّرون من أجل البقاء على كراسى الحكم
. .
رجال لا يغمضوا أعينهم عن فساد أو إفساد يزداد انتشارا بشكل وبائى وفى بعض الأحيان بطريقة منظمة أو مستوردة من الخارج ومغلف بالبراءة
. .
رجال لا يخشون فى الحق لومة لائم ولا يكذبون على شعوبهم
. .
رجال لا يرتعشون ولا يخافون
. .
رجال لا يتوهمون ويعبدون أمريكا من طرف واحد ليروجوا بضاعة خاسرة وشراكتها يرددونها ببغاويا وهم فى الواقع ليسوا إلا أجراء ووكلاء ثانويين . . وهذه العلاقة التى هى من طرف واحد لا تقوم على الاحترام المتبادل وهى فى نفس الوقت ليست واجبة أو مطلوبة فى الوقت الراهن الذى تتبع فيه أمريكا سياسات معادية تماما للمصالح العربية منحازة بشكل أعمى للصهيونية وكيانها العنصرى ثم بممارسة سياسة استعمارية وتحتل أجزاء عزيزة من الوطن العربى وتندد علنا باتخاذ نفس السياسة مع بلدان عربية أخرى بالرغم من مئات المليارات من الدولارات التى تودعها هذه البلاد كحكومات وأفراد فى دورة الاقتصاد الأمريكى ، ورغم كل المساعدات والتسهيلات العسكرية التى قدمتها هذه الدول العربية طواعية لواشنطن ، ورغم البترول العربى المقدم لهم بأسعار زهيدة . . كل هذا لم يكف لشراء صداقة أمريكا التى لا تتردد فى الإعلان عن حقها فى فرض ما تراه على أمتنا متجاهلة عن عمد تردى الأوضاع فى هذا الجزء من العالم لأنها هى التى خلقت وأنشأت كيانا عنصريا زرع فى قلب الأمة العربية
. .
ولعلنا لا ننسى أن بريطانيا وفرنسا سبق أن استعمرتا مصر وسوريا ولبنان والعراق والجزائر وغيرها وفرضتا ديموقرطيتهما على هذه البلاد وتحت ظل هذه الديموقراطية الاستعمارية ضاعت فلسطين وأقاموا الكيان العنصرى المسمى إسرائيل بدلا عنها
.
ولا يفوتنى هنا أن أٌنوه بأنه ليس بإمكان أمريكا أن تنشىء إمبراطورية كما قال أحد المفكرين الأمريكيين ، رغم أنها تمتلك الجيش الأول فى العالم لكن اقتصادها ضعيف ، والاقتصاد الضعيف لا يمكن أن يصنع إمبراطورية
.
رجال يسقطون نهج كامب دافيد والمشاريع الشرق أوسطية القديمة والجديدة الدموية منها والغير دموية ، الذى أهدر قدرات 22 دولة عربية متكاملة تمتلك كل المقومات السياسية والاقتصادية ومن قبلها العقول البشرية ، وتحتل أهم موقع جغرافى فى العالم وتمتلك أهم ثروة ـ البترول ـ ذات تراث حضارى لا تملكه أمة أخرى ورغم ذلك لا تستطيع أن توحد هدفها وصفها لتحمى نفسها من الهيمنة الصهيو أمريكية
. .
رجال يحترمون رغبات الشارع العربى ـ وهى معلنة ولا تحتاج لأجهزة قياس الرأى العام ـ وإذا تعارضت مصالحهم مع ما يطالب به الشارع فليرحلوا قبل أن تجتاح الشوارع ثورة الجياع و الفقراء وأصحاب المصلحة الحقيقية
. . .
ولو تمت استفتاءات حقيقية نظيفة و سليمة الآن فى كل انحاء العالم العربى فسيختار الناس أصلح العناصر لحكمهم ولن تزيد نسبة الخطأ ـ من وجهة نظرى ـ عن15% أو 20% وهذه تعتبر بداية معقولة لتفعيل إرادة التغيير ولو كخطوة عملية أولى على الطريق
. .
رجال يضعون قضية الأمن القومى العربى بمفهومه الحقيقى نصب أعينهم ويعملون على تحقيقه مهما كانت التضحيات لأن التفريط فيه سيعنى أن لا نكون
. .
رجال يؤمنون بحق المجتمع المدنى فى أن تكون له الكلمة الفصل فى مختلف القضايا الحياتية من تداول للسلطة و التمثيل النيابى الحقيقى و حرية الرأى والنشر والأحزاب والتظاهر وضبط الشارع العربى والفساد وإلغاء القوانين السالبة للحريات
. .
والآن
. .
من نحن ؟

إن الذين أشرف بأن أتحدث معهم الآن هم زبدة المجتمعات العربية من سياسيين واستراتيجيين واقتصاديين وأساتذة جامعات و مثقفين وأدباء وفنانين وشخصيات عامة لهم تاريخهم المشرف ولهم وزنهم واحترام المجتمع لهم
. .
لماذا أطرح هذا السؤال ؟

أجيب فأقول

هل دورنا هو أن نحزم حقائبنا ونسافر لنصل إلى أى مكان لنجتمع ونسمع تقارير ثم يقوم بعضنا ليتكلم ونتكلم ثم نتكلم ثم نقترح وبعد ذلك نستنكر ثم نشجب وبعد ذلك نعتقد أنه كان من الواجب أن . . ثم نأكل ونشرب ونتواعد على لقاءات قادمة وهكذا ينفض مجلسنا إلى أوراق ومكلمة
. .
إذا كان هذا هو واجبنا والمطلوب منا ان نقدمه لأمتنا العربية فلنفضها سيرة وكل واحد يروح لحاله

لكن إذا كان لنا دور . . فلماذا لا نعلن قيام لجان القومية العربية المتحدة من هنا والآن وليكن لها هياكل تنظيمية فى الأقطار العربية تفعل وتنشط العمل القومى العربى ولنبدأ بقضايا محددة نعمل كلنا من اجل تحقيقها وهى تفعيل المقاطعة الأمريكية بشكل مكثف ( المطاعم ـ السجائر ـ المشروبات الغازية ـ الملابس ـ . . الخ
)
تفعيل مبدأ المقاومة بكافة أشكالها سواء على المسرح العراقى أو الفلسطينى أو اللبنانى وباقى الأمصار ، فهذه المقاومة لو فعّلت فلسوف تكون قد ضربت المثل و لتقف وحدها دون عون او مساعدة من أحد ولا يجرؤ أى نظام عربى حاكم على مساندتها حتى ولو بافتتاح مكتب سياسى أو إعلامى لها ورغم ذلك سوف تفقدت أمريكا وغيرها هيبتها أمام هذه المقاومة ، وللأسف فإن الصوت العالى للمقاومة الآن هو صوت وفعل التيار السلفى . . أين التيار القومى الأقوى والأفعل ؟ نحن على الأقل لنا برامج ورؤى واضحة محددة تمثل احلام جماهير عريضة جدا من الأمة ولكننا متشرذمين . . اهدافنا واضحة ومتفق عليها ولايختلف علبها اثنين ولكننا فى تيه . . أين العلة ؟ وكيف العلاج ؟

لابد أن نحسم أمرنا الآن ، وإلا فسيستطيع التيار السلفى ومعه قوى الرجعية التى تدعمه بالسيطرة على الأوضاع . . الشىء الذى يحقق للصهيو أمريكية المبرر والدافع للسيطرة على امتنا العربية تحت ستار الإرهاب وتحقق مشروعها فى الشرق أوسطية
.
وللتذكرة فقد كان هناك وقت كانت مصر تقوم بتقديم المساعدات ـ فى كافة المجالات المعنوية والإعلامية والعسكرية والمادية ـ لحركات التحرر فى الجزائر و فلسطين واليمن واليمن الجنوبى ـ قبل الوحدة ـ ومنطقة الخليج العربى وإفريقيا على اتساعها . لقد كانت ثورة يوليو سباقة فى تفعيل مبدأ المقاومة ضد قوات الاستعمار البريطانى فى منطقة قناة السويس ثم تجلت هذه المقاومة خلال العدوان الثلاثى 1956 وكانت مقاومة متعددة الأوجه عسكرية ومدنية واقتصادية رفضت الاستسلام بالرغم مما قامت به بريطانيا وفرنسا وإسرائيل وبالرغم مما قاله جون فوستر دالس " لابد من إجبار ناصر على أن يتقيأ قناة السويس ـ التى تدر اليوم أكثر من الثلاثة مليارات والنصف مليار من الدولارات سنويا . . بمعدل زيادة سنوى يقرب من الثلاثمائة مليون دولار بعد أن كانت تحصل مصر على مليون دولار فقط قبل التأميم ، و كان الجنيه المصرى فى ذلك الوقت يساوى أكثر من ثلاثة دولارات
.
ولقد كانت ثورة يوليو 52 هى المثل لتأكيد الارادة الحرة وتفعيل الاصرارعلى المقاومة وإعادة البناء عسكريا وتنمويا عقب رفض الشعب عدوان 1967 وقادت حرب الاستنزاف التى مهدت لنصر اكتوبر 1973 تحقيقا لمبدا ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة وتاكيد اللاءات الثلاثة ، لا صلح ، ولا تفاوض ، ولا اعتراف ، التى أقرت فى مؤتمر الخرطوم سنة 1967 ، أى لا للإستسلام ، وفى الوقت نفسه تحقق نمو اقتصادى بمعدل 6ر6% سنويا ووفر فى الموازنة تخطى ال250 مليون دولار
.
لقد اثبتت المقاومة اللبنانية الشريفة بقيادة حزب الله ومن قبلها المقاومة العراقية للمحتل وأعوانه من العملاء ان ثابت ومبدأ المقاومة هو الفاعل الوحيد الناجز والناجح مهما كانت قوة العدو وامكاناته ومهما كانت امكانات من يسانده بمال وسلاح وإعلام
.
و اقترح أن يقوم الإخوة القانونيين بدراسة اعتبار كل من جورج بوش وتونى بلير وآرئيل شارون واولمرت وعصابته مجرموا حرب ونتبنى هذا العنوان لو أقره القانونيين . . وحيث أنى تعرضت لهذه القضية فإننى لا أستطيع ان اتفادى توجيه نفس الاتهام لإسحق رابين الذى كان اول من اصدر الأوامر بتفتيت عظام الجنود المصريين فى سيناء سنة 1956

كما اقترح أن تبدأ حملة قومية من جميع هيئات المجتمع المدنى العربى يكون هدفها محددا من أجل تعديل دساتير وقد يكون من الأفضل تشكيل لجان شعبية منتخبة فى جميع الأقطار العربية لعمل دساتير جديدة كاملة بدلا من الترقيع والتفصيل و يكون من اهم موادها بالنسبة لرئاسة الدولة مدتين فقط كل من خمسة سنوات ، ولا يسمح أبدا مهما كانت الأسباب والمبررات لتعديل هذه المادة , وان تتم انتخابات الرئاسة بين أكثر من مرشح ولا يسمح بإجراء استفتاءات فى هذا المجال بالذات ، بل يكون صندوق الانتخاب الزجاجى واللجان القضائية وليست الإدارية أو الشرطية تحت أى مسمى ، هى الفيصل فى الاعتراف بالنتائج وبدون تنفيذ هذا المطلب الجماهيرى فلن يكون هناك تغيير ، وليس هناك داع للكلام عن إصلاح أو تغيير فى ظل الأوضاع العربية الحالية . وبالنسبة للملكيات فقد يكون من المناسب تمشيا مع تفعيل إرادة التغيير أن تعدل دساتيرها لتكون ملكيات تملك ولا تحكم كما هو حادث فى المملكة المتحدة مثلا

وهناك جانب غاية فى الأهمية بالنسبة لمستقبلنا كأمة عربية يتمثل فى ضرورة تعديل السياسة التعليمية على المستوى القومى لإعادة إحياء الثقافة والفنون العربية الأصيلة من أجل خلق إرادة عربية حرة مستقلة من جديد وفى هذا المجال فإنه ليس هناك أبدا أى تناقض بين المصرية والعروبة ، بين الوطنية والقومية ، بل إن مراعاة خصوصيات الأقطار سيثرى التجربة وستكون متعددة الأبعاد وهذا يقويها ويخلق المجال للتنافس من اجل الوصول إلى الأفضل لصالح الأمة العربية كلها
.

سامى شرف

مواطن مصرى قومى عربى