اليمن في مواجهة الفساد والارهاب

  • الدكتور / مشعل الريفي
  • منذ 17 سنة - Monday 18 September 2006
اليمن في مواجهة الفساد والارهاب

لم يحمل قطاع النفط في اليمن منذ بداية الاكتشافات النفطية ومنذ بدأت ارقامه تظهر على قوائم الحسابات القومية وتقديرات الناتج المحلي الاجمالي وحتى يومنا هذا الفائدة الاقتصادية المأمولة ، ولم يلمس المواطن اليمني ثمار الثروة النفطية المتدفقة من باطن الارض طوال السنين الطويلة الماضية.
 والسبب في ذلك يرجع الى ضعف كفاءة ادارة القطاع وفشل الدولة في توجيه استثماراته وايراداته لتنمية القطاعات الاقتصادية الأخرى. فظل قطاعا معزولا عن بقية القطاعات ومنفصلا عن سوق العمل المحلية ، على نحو جعل اثاره التنموية محدودة للغاية.
ومن جانب آخر كان قطاع النفط أكثر القطاعات احتكارا من قبل الحكومة واقلها شفافية من حيث بيانات الانتاج والايرادات ، وهو ما جعله اكثر من غيره من القطاعات عرضة لانشطة الفساد المالي والاداري ، وحوداث الفساد في هذا القطاع المعروف منها فقط وبالأخص ماعرض منها على مجلس النواب كانت كارثية بكل المقاييس ، وكانت لوحدها كفيلة – لو اكتشفت في بلد ديمقراطي غير اليمن – بان يظهر الحزب الحاكم واحدا من احزاب المجلس الوطني للمعارضة في المنافسة الانتخابية الحالية.
 ما تعرض له هذا القطاع الحيوي من نهب وتدمير وسوء ادارة يتفوق فداحة وعلى نحو لايسمح بالمقارنة على ماصرحت به وزارة الداخلية من تعرض منشآت نفطية في حضرموت ومأرب لهجمات ارهابية بسيارات شاص مفخخة بحسب ماورد في البيان الامني. ومع ذلك فهذا لايعني ان الشارع اليمني لم يستقبل هذا الخبر المشئوم بكثير من القلق والترقب لما يحمله من ابعاد سلبية في هذا التوقيت بالذات.
 والمعلوم ان اليمن قد تعرضت لعدد غير قليل من الحوادث الارهابية في فترة حكم المؤتمر الشعبي العام ، حيث كان نشاط الارهابيين حاضرا طوال تلك الفترة وكانت الحكومة الحالية تظهر باستمرار وعلى أقل تقدير عاجزة امام الحوادث الارهابية. وفي أحيان عديدة كان المتابع يفاجأ بدلائل تظهر للعيان تشير الى امتداد تأثير ونفوذ الجماعات الارهابية الى داخل مؤسسات النظام الرسمي والعكس.
 المعارضة "أحزاب اللقاء المشترك" التي تنافس الحزب الحاكم اليوم في انتخابات رئاسة الدولة والمجالس المحلية كانت باستمرار عبر بياناتها ومواقفها و"وسائل اعلامها" تحذر السلطة في اليمن من مغبة غض الطرف عن الارهابيين وعدم تعاملها معهم بحزم كاف. وقد تكبدت اليمن الكثير من الخسائر وفقدت الكثير من فرص التطور وجذب الاستثمارات بسبب عدد من العمليات الارهابية الخطيرة التي تمت في عهد حكومة المؤتمر الشعبي العام وكان الخاسر الوحيد هو المواطن اليمني وسمعة اليمن عالميا.
 والحادث الارهابي الاخير اذا ما ثبت انه وقع فعلا فانه يأتي في فترة دقيقة تشهد تنافسا انتخابيا شديدا بين الحزب الحاكم وتحالف المعارضة "اللقاء المشترك" ، ويأتي تأكيدا للناخبين على فشل الحزب الحاكم في التعامل مع هذا الملف "ملف الارهاب" من منطلق وطني وعدم جديته في التوقف عن توظيفه سياسيا حسب مقتضيات الامور. هذا الفشل قد كلف اليمنيين الكثير وفوت عليهم فرص نمو وجذب للاستثمارات التي كانوا وما زالوا  في أمس الحاجة اليها للخروج من حالة الفقر والبؤس التي يعيشونها استثناءا عن سائر شعوب الاقليم.
 والملفت للانتباه ان يأتي هذا الحادث او الاعلان عنه في فترة تشتد فيها المنافسة الانتخابية و بعد تصاعد خطاب المرشح الحاكم في مهرجاناته الانتخابية وارتفاع حدة اتهاماته لمنافسيه بالتطرف والارهاب والانفصال والتخطيط للسطو على المرافق الايرادية ومن بينها قطاع النفط ، وعلى نحو يذكر باعلان الحكومة البريطانية عن افشالها لعملية ارهابية مزعومة واسعة كانت تستهدف مواطنيها ومواطني اميركا ابان الاعتداء الوحشي الاسرائيلي – المدعوم بريطانيا واميركيا- على لبنان الشقيق.
 الحزب الحاكم في اليمن لم ينتظر طويلا وسرعان ما حاول استثمار (خبر) الحادث الارهابي في ابتزاز مرشح الرئاسة المعارض عبر تصريح اصدره  وادعى فيه ان خطابات المرشح المنافس عن فساد الحكومة ونهبها للثروة النفطية قد يكون وراء العملية الارهابية. وفي الحقيقة فان ادنى مراتب الشعور بالمسئولية كانت تقتضي من الحزب الحاكم موقفاغير الموقف و تصريحا غير التصريح. وبدلا من اتهام منافس الرئيس بالتحريض ، رغم مايتصف به الرجل من ملامح التسامح والتحضر وماتتصف به خطاباته من هدوء ورصانة،   فمازال مطلوبا من الحزب الحاكم ان يكون موقفه مطمئنا ومشجعا للمواطنين والناخبين والاحزاب السياسية عبر تأكيده للجميع من منطلق مسئوليته بان اي أحداث ارهابية وعنف لن تنعكس باي شكل من الاشكال على المناخ الديمقراطي المتصاعد مهما كانت نتائجه واحتمالاته. مع التزامه بمتابعة مستمرة لمجريات التحقيق في الحادث وكشفها للرأي العام أولا بأول.
 هناك ممارسات خاطئة تسئ الي اليمن والتجربة الديمقراطية الحالية وتبث صورها للعالم عبر القنوات الاعلامية كما حصل من تصوير لتوزيع مبالغ مالية باسم الحزب الحاكم لجرحى مهرجان استاذ اب الرياضي وظهور من يطلق عليهم بعلماء دين المحافظات في مهرجانات مرشح الحزب الحاكم للرئاسة والقائهم للكلمات باسم علماء الدين. مثل هذه الممارسات ينبغي ان تتوقف او على الأقل الا يتم نقلها للعالم عبر وسائل الاعلام عملا بمبدأ اذا بليتم فاستتروا.
_________

ولاية بونا الهندية