الديمقراطية أمر يخص الشعب .. عن أي شعب يتحدثون

  • بكر أحمد
  • منذ 18 سنة - Tuesday 11 October 2005
الديمقراطية أمر يخص الشعب .. عن أي شعب يتحدثون

تصريح السفير الأمريكي حول توقف الديمقراطية في اليمن لم يكن يحمل مفاجأة لنا تستحق أن نفغر أفواهنا دهشة  لأجلها ، فحال الديمقراطية في البلاد يرثي لها وهي ليست متوقفة وحسب ، لأن التوقف يعني عدم منح الجديد مع المحافظة على

الموجود ، بل هي وفي حقيقة أمرها تتراجع وبشكل ملحوظ جدا وذلك   لأجل إعادة الحكم الشمولي القائم قبل الوحدة اليمنية ، وأنا شخصيا لا ألوم الرئيس صالح حين أراه يسعى بيديه وقدميه لإعادة الأمر إلى ما قبل إقرار الديمقراطية والتعددية ، فتلك الفترة تعد بالنسبة له من أروع الفترات وأكثرها صفاء ونقاء ، فالكل حينها هو راضي عنه ، والمنجزات في حالة نمو مطرد ، وأئمة المساجد يدعون له في النهار والليل وهو الفرد المتحكم بكل صغيرة وكبيرة ، وهذا وان كان الأمر يشبه الوضع الحالي بشكل كبير ، إلا أنه يغض مضجعه كثرة الصحافيين الذين يذكروه بأن هذا القابع على صدره يسمى وطنا يحتوى أطفالا وشيوخا ونساءً ويحمل في طياتهم أحلاما وردية ورؤى للمستقبل كأي إنسان آخر في هذا الكون ، وهذه الذكرى لا تروق لأي حاكم شمولي في العالم ، لأنها عقبة أمام نومه في القيلولة والمساء .

دائما ما يتم تجاهل الوضع الداخلي المأساوي  في اليمن ، وحين تذكر  فهي تكون فقط حول أنها مساعد مهم في الحرب ضد الإرهاب ، وربما  لا توجد دولة في العالم قبلت أن تدخل طائرة أمريكية وتقتل أحد مواطنيها ثم تعود سالمة دون أن تعترضها حتى كلمة شجب وإدانة .... هل هناك أكثر من هذا التعاون ضد الإرهاب !

دائما ما يتم تجاهل الوضع الداخلي المأساوي  في اليمن ، وحين تذكر  فهي تكون فقط حول أنها مساعد مهم في الحرب ضد الإرهاب ، وربما  لا توجد دولة في العالم قبلت أن تدخل طائرة أمريكية وتقتل أحد مواطنيها ثم تعود سالمة دون أن تعترضها حتى كلمة شجب وإدانة .... هل هناك أكثر من هذا التعاون ضد الإرهاب !

إذا ما هو سبب تذكر السفير الأمريكي المقيم في اليمن  لحالنا بعد كل هذه الفترة الطويلة من السنين العجاف ألتي مرت بنا  ، ليس نبيها من لم يسيء الظن بإدارة المحافظين المتربعة على حكم الولايات المتحدة الأمريكية ، فتلك الإدارة تمتدح ديمقراطية السعودية  و تتجاهل التضييق في الأردن ويعجبها  التعديلات الدستورية في مصر وتسكت عن ديكتاتورية برويز مشرف وترى أن وضع العراق " الجديد " الآن ينعم بالديمقراطية والأمن   ، ولا يعجبها الهامش وان كان ضيقا في اليمن ، وأنا حين أقول ذلك ، فهذا لا يعني أننا في اليمن قد أكلمنا الدورة الطبيعية في الديمقراطية ، فنحن وبعد خمسة عشر عام لم ننجز ما يستحق أن يذكر في هذا المجال وذلك بفضل الهيمنة الأسرية الحاكم ، ولكني أقر بالأفضلية النسبية  في هذا المجال مع الدول المتأخرة الأخرى والتي تحوز على رضى البيت الأبيض ، وذلك حتما بسبب المخلصين والشرفاء من أبناء اليمن الذين جعلوا أرواحهم على كف عفريت وبقوا متمسكين بكل ما يمكن التمسك به برغم كل وسائل النظام العنيفة ضدهم .

إذا السفير الأمريكي أبعد ما يكون عن مصلحة المجتمع المدني في اليمن وممارسته كامل حقوقه ، فهو ليس ابن عم لنا ولن يكون كذلك أبدا ، هو يمثل دولة عظمى بالعالم يهمها جدا أن تبقي هيمنتها أطول فترة ممكنة عبر استغلال الآخرين ، فالعالم المثالي الذي يوفر  لنا الخير والحب ليس موجودا في كرتنا الأرضية على الأقل . وربما ذاك التصريح الذي حتما سيؤرق الأسرة الحاكمة في صنعاء قد يجعلها أكثر ليونة أمام مطالب أمريكية أكثر نهما ، كتسليم مثلا شخصية دينية مهمة  لهم   ، وهنا يصير النظام الأسري في صنعاء في مأزق بين من يحميه فعلا وبين الإدعاء المضلل والمستمر بأنه مستقل في اتخاذ قراره ، مما ينتج في نهاية الأمر إحراج قليل مع شعب قلما أعترف بوجوده هذا النظام .

أكثر ما يثير الشفقة على تلك الأسرة الحاكمة وعلى المحيطين بها من متسلقي المصالح الفردية هو تذرعهم  الدائم بهذا الشعب وأن أمر الديمقراطية هو شأن خاص به ولا يحق لأي قوى في العالم أن تتدخل فيما بينهم ، أنها دعوة للاستفراد بالشاة   ، فعن أي شعب يتحدثون ، و هو ذاك المقموعة إرادته المقتول على الأرصفة حين خرج مفجوعا على لقمة أطفاله أم العاطل من العمل بلا سبب أم هو ذاك المشرد من منازله في صعده ، أم يا ترى المهان والمطعون في كرامته لأنه رفع قلما لا شيء غيره في وجوهكم .

ماذا يعني الشعب في قاموس نظام الحكم، هذا أن كان لديهم قاموس يرجعون له لغويا في تعريف الأشياء غير قاموس الهمجية والقوة الرعناء ضد العزل ثم التحول إلى نهج النعامة مع الدول الأخرى يصل إلى حد الإذلال والتنازل عن مساحات من الوطن وهتك سيادته .

 الديمقراطية أمر يخص الشعب ، أهو فعلا كذلك ؟!، هذا ما قاله المصدر الإعلامي في رده على تصريحات السفير الأمريكي ، إذا  ماذا لو قمت بعمل استطلاع شعبي  على مستوى اليمن حول الديمقراطية ، وماذا لو شاءت الصدف وحدها أن نخرج من هذا الاستطلاع بأنه لا يوجد شيء اسمه ديمقراطية حقيقية ، فهل ستنصتون لصوت الشعب وتغيروا نهجكم و تغادروا الحكم لمن هو أصلح منكم ؟ حتما انتم لستم فاعلون لأنه لا يوجد يا سيادة المصدر الإعلامي المسئول شيء في الوطن أسمه شعب في وعيكم الثقافي والإنساني ، فكفوا  عن التشدق به ووضعه شماعة حتى تمارسوا ساديتكم وجشعكم الذي لا نرى له من نهاية قريبة ، فلستم أهل بالتحدث باسمه ، ولستم أنتم من يدعي خوفا عليه أو خوفا على سيادة الوطن .

 إن كانت أمريكا كاذبة في إدعائها على خوفها على حريتنا ومدنيتنا وأن كان قلقها تمثيلية سخيفة ومملة ، فأن هذا من حقها ، كونها تبحث أولا عن مصلحتها ومصلحة شعبها وتؤكد ثانيا هيمنتها على التفرد في قيادة العالم ، لكن الغير مقبول نهائيا أن يتحجج البعض بأحقية الشعب لأجل رفض حقوق الشعب ، فتلك قمة المهازل وأم الكبائر .

 إن كانت أمريكا كاذبة في إدعائها على خوفها على حريتنا ومدنيتنا وأن كان قلقها تمثيلية سخيفة ومملة ، فأن هذا من حقها ، كونها تبحث أولا عن مصلحتها ومصلحة شعبها وتؤكد ثانيا هيمنتها على التفرد في قيادة العالم ، لكن الغير مقبول نهائيا أن يتحجج البعض بأحقية الشعب لأجل رفض حقوق الشعب ، فتلك قمة المهازل وأم الكبائر .