إسرائيل لا تقاتل حزب الله فحسب بل تحارب المدنيين اللبنانيين

  • الوحدوي نت - تقرير - د.محمد النعماني
  • منذ 17 سنة - Tuesday 01 August 2006
إسرائيل لا تقاتل حزب الله فحسب بل تحارب المدنيين اللبنانيين

كشفت ازفستيا" صحيفة روسيه بان يفغيني بريماكوف، وهو خبير روسي معروف في شؤون الشرق الأوسط وكان رئيسا لوزراء روسيا، كان يتوقع أن تفعل إسرائيل شيئا ما للتهرب من تنفيذ خطة خريطة الطريق لاسيما وإن رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد ايهود اولمرت أعلن استعداده لرسم حدود إسرائيل من جانب واحد.
كما توقع بريماكوف أن تفعل إسرائيل شيئا ما لإبطال حركة حماس بعد أن وصلت الأخيرة إلى الحكم خاصة وان وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني قالت له (بريماكوف) إن إسرائيل لن تجري أي محادثات مع "القتلة الذين يرغبون في القضاء عليها".
واعتبر بريماكوف أن فكرة "حماس" كانت أن يدفع خطف جندي إسرائيلي إسرائيل إلى الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين. وقدم حزب الله بدوره طلبا مماثلا بخطف جنديي إسرائيل وقتل ثلاثة آخرين.
ويقول بريماكوف في حديث له لصحيفة "ازفستيا" إن ما تفعله إسرائيل الآن، وإن كانت مرغمة، يخرج عن نطاق محاربة الإرهاب من حيث أن إسرائيل لا تقاتل حزب الله فحسب بل تحارب المدنيين اللبنانيين.
ويتابع قائلا: من السذاجة الظن أن لبنان قادر على نزع أسلحة حزب الله، فالجيش اللبناني ضعيف.. وكثيرا ما تستشهد إسرائيل بقرار مجلس الأمن الدولي 1559 الذي دعا إلى خروج القوات السورية من بيروت ونزع أسلحة جميع الميليشيات اللبنانية. غير أن ما يميز لبنان هو أن لكل حزب فيه فصائله المسلحة. وفي ما يخص حزب الله يوجد له ممثلون في البرلمان اللبناني. ومضى حزب الله في تعزيز النفوذ في لبنان خطوة خطوة بما في ذلك من خلال قصف إسرائيل.. والآن هناك حرب حقيقية.. "ولست أول من يرى المخرج في إرسال قوات كافية إلى جنوب لبنان لتحفظ السلام. ويرى رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي أن الأمر يتطلب وجود قوات لا يقل حجمها عن ثمانية آلاف شخص".
لا يظن الأكاديمي الروسي يفغيني بريماكوف، وهو خبير معروف في شؤون الشرق الأوسط، أنه وقفت إيران وراء مهاجمة أعضاء حزب الله وحماس لجنود إسرائيل.
ويقول لصحيفة "ازفستيا": أصبحت إيران في وضع بالغ الصعوبة بعد أن باتت الدول الخمس أعضاء مجلس الأمن الدولي، بما فيها روسيا والصين، وألمانيا تقف يدا واحدا في التعامل مع المسألة النووية الإيرانية. وليس معقولا أن يستعين قادة إيران بحزب الله في تحويل الأنظار عن برنامجهم النووي فهذا ما من شأنه أن يزيد قلق الرأي العام إزاء هذا البرنامج.
وفي ما يخص سوريا - والكلام ما زال لبريماكوف - أعرف أن سوريا لم تكن في يوم من الأيام تريد محاربة إسرائيل وجها لوجه. ولكن تخشى سوريا الآن بعد أن بدأت إسرائيل العملية على الأرض أن يتحرك الجيش الإسرائيلي إلى الحدود السورية، وهو ما ينذر بوقوع مواجهات مباشرة.
ويتساءل بريمكوف: لماذا لا يدعو الأمريكيون إلى وقف فوري لإطلاق النار؟ ويقول: ربما يتطلع الأمريكيون إلى جذب سوريا وإيران إلى الحرب ويريدون أن تضرب إسرائيل إيران؟.. ولا يظن بريماكوف أن الأمريكيين يتصرفون من منطلق أن تدمير لبنان سيؤدي إلى زوال حزب الله.
على أي حال فإن بريماكوف يأمل في عدم انجرار سوريا وإيران إلى القتال وهو ما يمكن أن يحدث، نظريا، إذا تم ضرب سوريا.
ويقول إن السبيل إلى حل أزمة الشرق الأوسط هو رسم الحدود بالتوافق نتيجة للمحادثات.. وسوف يصار إلى الخروج من الأزمة إذا وضع الوسطاء الأربعة - روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة - خطة ذكية تأخذ في الاعتبار مصالح إسرائيل والبلدان العربية. وينبغي فرض خطة كهذه على الأطراف المتنازعة التي ستكون في النهاية مستعدة لهذا وإلا فلن تستمر في هذا العالم.
وحمّل رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي قسطنطين كوساتشوف إسرائيل المسؤولية كاملة عن تصعيد العنف في منطقة الشرق الأوسط.
وقال كوساتشوف في حديث لوكالة نوفوستي في تعليقه على الأحداث الأخيرة في لبنان: "إن هذه المأساة (ما حدث في قانا) غير مسبوقة حتى في منطقة الشرق الأوسط التي تعودت على العنف".
ويرى كوساتشوف أن ما حدث في قانا يؤكد من جديد على أن مكافحة الإرهاب من خلال تنفيذ عمليات عسكرية واسعة النطاق يعطي نتائج معكوسة. وأكد على أن استخدام القوة بشكل مفرط وبغير دقة لا يؤدي إلى موت الكثير من الأبرياء فحسب، بل ويعزز صفوف الإرهابيين بدماء جديدة.
ويذكر أن الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفت في ليلة الأحد بلدة قانا في جنوب لبنان مما أدى إلى مصرع 60 مدنيا نصفهم من الأطفال.
ودعا مجلس الأمن الدولي إلى وقف العنف في جنوب لبنان.
وقال رئيس مجلس الأمن الدولي في بيان له صدر في ساعة متأخرة من مساء  يوم امس الأحد إن مجلس الأمن يعبر عن قلقه من تصعيد العنف ويدعو إلى وقفه ويؤكد ضرورة تأمين وقف ثابت لإطلاق النار لمدة طويلة.
وقال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين للصحفيين إنه من الهام بمكان أن مجلس الأمن لفت إلى خطورة الوضع الإنساني في منطقة النزاع ودعا إلى وقف أعمال العنف.
وأشار إلى أن مجلس الأمن أكد نية بدء العمل على إعداد قرار من شأنه وضع إطار سياسي لتسوية النزاع في جنوب لبنان.
وأضاف أن "الكثيرين بمن فيهم نحن سنستمر في المطالبة بوقف إطلاق النار ربما دون الانتظار إلى أن يصدر قرار كهذا".
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها إن إسرائيل وافقت على تعليق الغارات الجوية لمدة 48 ساعة.
وتتوقع وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة في لبنان على أساس قرار للأمم المتحدة في هذا الأسبوع.
وحددت رايس في مؤتمر صحفي عقدته في القدس اليوم ثلاثة مبادئ أساسية يجب أن تتضمنها وثيقة التسوية حسب رأيها، وهي وقف إطلاق النار، وتوفير الظروف المناسبة لتحقيق تسوية طويلة الأمد، ونشر قوات تحت إشراف الأمم المتحدة في منطقة النزاع.
وترى رايس أن القوات المسلحة اللبنانية يجب أن تتواجد في منطقة الخط الأزرق في حين يتعين على القوات الدولية تنسيق خطواتها مع العسكريين اللبنانيين. وأكدت على ضرورة خلو منطقة النزاع من أية تنظيمات مسلحة، وحظر تزويد تلك التنظيمات بالأسلحة.
ويرى الجنرال اللبناني المتقاعد أمين حتيت أن عامل الوقت في الحرب مع إسرائيل يصب في مصلحة حزب الله.
وذكر الجنرال اللبناني المتقاعد في حديث لوكالة نوفوستي أن الأدلة على ذلك كثيرة، بما فيها ازدياد التأييد لحزب الله في لبنان بمرور الوقت. وأضاف أن نسبة المؤيدين لحزب الله وسط المواطنين اللبنانيين ارتفعت من 40-45 في بداية العملية العسكرية إلى 80-85 في الوقت الحاضر. وأشار إلى أن "الشارع العربي" يقف بأكمله إلى جانب حزب الله في حين يتسع التأييد العربية للمقاومة اللبنانية، وتتصاعد الاحتجاجات في العالم على العملية العسكرية التي تنفذها إسرائيل في لبنان.

وأكد أمين حتيت على تنامي دور حزب الله في الحياة السياسية في لبنان حاليا. وأشار إلى أن الاحتلال المحتمل لجنوب لبنان من قبل إسرائيل يصب في مصلحة حزب الله أيضا لأن ذلك سيؤكد على ضرورة المقاومة المسلحة للاحتلال، ويضفي طابعا شرعيا على سلاح حزب الله الذي يطالب قرار مجلس الأمن الدولي 1559 بنزعه.

وقال الخبير العسكري اللبناني أن حزب الله يتفوق على الجيش الإسرائيلي بمعنوياته. وأضاف أن إسرائيل أعلنت أنها تهدف إلى تدمير حزب الله كقوة عسكرية، ولكنها فشلت في تنفيذ هذه المهمة إلى حد الآن. واستبعد احتمال نجاح إسرائيل في تحقيق هذا الهدف. وأشار إلى إمكانية نزع سلاح حزب الله في حالتين: أولا، إذا اتخذت قيادة الحزب قرارا سياسيا بذلك. ثانيا، في حال حصول تغييرات جيوبوليتيكية جذرية في المنطقة، بما فيها إزالة تأثير إيران كقوة إقليمية.

وقالت المعلقة السياسية لوكالة نوفوستي ماريانا بيلينكايا عقد اللقاء الدولي الخاص بالشرق الأوسط في مدينة روما في السادس والعشرين من هذا الشهر حيث تضمن بيانه الختامي تأكيدا على ضرورة الوقف السريع وليس الفوري لإطلاق النار كما أصرت على ذلك الولايات المتحدة. وهذا يعني أن إسرائيل ستستمر باستدعاء وجبات أخرى من قوات الاحتياط.
وربما كان وزير الخارجية الإيطالي ماسيمو داليما قد أعطى التقييم المناسب للقاء الذي عقد في روما عندما قال: "نحن أردنا أن يتوقف إطلاق النار منذ يوم أمس، ولكن المشكلة تكمن في مدى واقعية المطالبة بذلك في الوقت الراهن".
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا: متى ستنتهي الحرب؟. ومما لا شك فيه أن إسرائيل لن توقف عمليتها العسكرية في لبنان إلى أن تقدم الحكومة الإسرائيلية لمواطنيها نتائج ملموسة لتلك العملية. وهنا لا بد أيضا من طرح هذا السؤال: ما هي طبيعة الهدف النهائي لإسرائيل من هذه العملية؟ يرى عدد من المراقبين السياسيين أن إسرائيل ترمي إلى تحقيق بعض الأهداف التكتيكية، بما فيها إبعاد حزب الله عن الحدود، وإنشاء منطقة أمنية على الحدود مع لبنان، وتدمير ما يسمى بـ"البنى التحتية للإرهاب في جنوب لبنان". ونرى أن كل ذلك يرمي إلى منع تكرار ضرب المناطق الإسرائيلية، وتقليل تأثير حزب الله في لبنان إلى أدنى حد. ويتساءل البعض عن الحد الذي سيتوقف عنده الجيش الإسرائيلي، سواء كان ذلك بيروت أو أبعد منها.
ويعطي الإسرائيليون الذين يتمتعون بخبرة كبيرة في العمليات العسكرية تقييمات متشائمة للأحداث الحالية لأنهم يرون أن الحرب إذا استمرت بهذه الوتيرة فلن تنتهي قريبا. ويؤكد البعض على أن الحرب ستستمر لبضعة أشهر لأن الجيش الإسرائيلي يتفادى وقوع ضحايا وسط السكان المدنيين. ومع ذلك يزداد عدد الضحايا من المدنيين سواء في لبنان أو في إسرائيل من يوم إلى آخر كما هو الحال بالنسبة للعسكريين الإسرائيليين أيضا.
وفي ظل مثل هذه التطورات تزداد شعبية حزب الله في الشارع العربي لأنه استطاع الوقوف بوجه الآلة العسكرية الإسرائيلية القوية لمدة تتجاوز الأسبوعيين.
ووصف دبلوماسي إسرائيلي يتمتع بخبرة العمل في بعض البلدان العربية الوضع السياسي الحالي بأنه "ضبابي". وردا على سؤال لمعلقة وكالة نوفوستي حول كيفية قيام إسرائيل بتدمير حزب الله على الرغم من أن هذه الحركة تعتبر أحد أركان الحياة السياسية اللبنانية، وتدافع عن مصالح جزء لا يستهان به من الشعب اللبناني ذكر الدبلوماسي الإسرائيلي أن إسرائيل تأخذ هذه الحقائق بعين الاعتبار. وأضاف: "نحن نرغب بأن تسيطر الحكومة اللبنانية، وليس حزب الله، على الوضع في لبنان".
ومن الجدير بالذكر أن المجتمع الدولي يدعو أيضا إلى أن تبسط الحكومة اللبنانية سيطرتها على الوضع في لبنان. ولا أحد يعرف ما إذا كان الوضع سيعود إلى ما هو عليه الآن فيما بعد أم لا. وهناك طريقان لحل هذه المعضلة: أما إجراء مفاوضات مع حزب الله أو تدمير هذه الحركة بالكامل. ويرى عدد من المراقبين استحالة تنفيذ الخيارين. ويعتقد الكثير من المواطنين الإسرائيليين أنه لا يوجد أمام الحكومة الإسرائيلية أي خيار سوى القضاء على حزب الله بشكل كامل.
وتساءل أحد المواطنين الإسرائيليين الناطقين بالروسية: "كيف سمحت إسرائيل لحزب الله حتى بإطلاق صاروخ واحد على الأراضي الإسرائيلية؟".
ومن جهة أخرى هناك مواطنون إسرائيليون، بمن فيهم ممثلون عن منظمات حقوق الإنسان وآخرون من أصل عربي، يرون أن العملية العسكرية في لبنان مدمرة. وذكرت المواطنة الإسرائيلية يانا كنوبوفا أن الولايات المتحدة تريد تصفية حساباتها مع حزب الله بأيدي الإسرائيليين. وأضافت: "إن الأمريكيين لا يهمهم مصير أبنائنا". ويذكر أن كنوبوفا تنتمي مع صديقتها العربية عبير قبطي إلى الحركة الجديدة "النساء ضد الحرب". وتساءلت كنوبوفا أيضا: "ما حاجتنا إلى الحرب التي لن تؤدي إلى تحقيق السلام؟". أما عبير فقد قالت: "إذا تمكنت إسرائيل من القضاء على حزب الله فستظهر حركات أخرى. وما الفرق بالنسبة لإسرائيل إذا كان الشيخ نصر الله يتزعم هذه الحركة أو غيره؟".
وفي الوقت الذي يدعو فيه المناوئين للحرب إلى إيقاف العملية العسكرية في لبنان ينتظر العسكريون الإسرائيليون الذين انسحبوا من جنوب هذا البلد قبل 6 سنوات استدعائهم للخدمة في الجيش من جديد. وقال أحد الجنود الإسرائيليين الذين انسحبوا من جنوب لبنان في عام 2000 في حديث لوكالة نوفوستي: "لقد شعرت بأني سأعود مرة أخرى إلى تلك المنطقة". وأعرب عن تمنياته بأن تكون هذه العملية المرة الأخيرة التي يدخل فيها الأراضي اللبنانية. ومما لا شك فيه أن العسكريين والسياسيين لا يستطيعون أن يضمنوا عدم تكرار مثل هذه الأحداث في المستقبل.
ويرى المراقبون أن هناك أوجه شبه كثيرة بين ما يجري في لبنان حاليا وبين ما حدث في عام 1982 عندما اجتاحت القوات الإسرائيلية لبنان. ولكن الخبير يفغيني ساتانوفسكي، رئيس معهد الشرق الأوسط (موسكو)، لا يتوقع أن تجري إسرائيل عملية برية الآن لأن اجتياحا للبنان الذي أصبحت له حكومته الشرعية "وإن لم تتمكن بعد من السيطرة على جنوب البلاد" من شأنه أن يعني "انتهاكا فظا للقانون الدولي".
ولا يتوقع الباحث الانجليزي يوسي ميكيلبرغ من المعهد الملكي للعلاقات الدولية في لندن هو أيضا أن تغزو القوات البرية الإسرائيلية لبنان هذه المرة مرجحا أن "تبدأ إسرائيل تبحث عن حلول دبلوماسية بعد أيام من القصف الجوي".
ويرى الباحث الروسي غريغوري ميرسكي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت أوقع نفسه في حرج حينما وعد بوضع نهاية لقصف الأراضي الإسرائيلية لأن تحقيق هذا الهدف "بدون عملية برية كاملة مستحيل" خاصة وأن "حزب الله اليوم أقوى بكثير من منظمة التحرير الفلسطينية قبل خمسة وعشرين عاما". ويضيف أن ما يجري في لبنان لا يصب في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية لأن ما يحدث في لبنان يؤدي إلى تنامي المشاعر العدائية تجاه الأمريكيين.
ويشير الخبراء إلى أن الأفعال الإسرائيلية القاسية هي ما مهد، إضافة إلى عدم فعالية الجهود الدولية لدعم السلام في لبنان في بداية الثمانينات، لنشأة حزب الله. ولهذا ينبغي على المجتمع الدولي، في رأيهم، ألا يقدم على خطوات غير فعالة مثل إرسال قوت حفظ السلام بل يساعد السلطة اللبنانية على تحقيق السيطرة الكاملة على الأراضي اللبنانية.
وبقدر ما يتصاعد النزاع الإسرائيلي اللبناني تتزايد أهمية عامل الزمن، فالزمن لا عدد القنابل التي تلقيها إسرائيل هو ما سيحسم في النهاية المعركة.
والأغلب أنه لم يعد أمام إسرائيل سوى أسبوع أو أسبوعين لإحراز "انتصار لا تشوبه شائبة" في نظر المجتمع الدولي. ولذلك يحث الإسرائيليون خطاهم.
وتبين من تصريحات الرئيس الأمريكي جورج بوش أن سيد البيت الأبيض يبارك ما تفعله إسرائيل بقصد توجيه "ضربة ساحقة إلى الإرهابيين". وبالتالي فإن الرئيس الأمريكي وهو الزعيم العالمي الوحيد الذي يمكنه التأثير على إسرائيل بمناشدتها ضبط النفس، يقف مع إسرائيل. غير أنه لا بد ان تتزايد الضغوط الدولية على إسرائيل لكي توقف عمليتها في لبنان لأنها تودي بحياة مزيد من المواطنين الآمنين. وأمام ذلك لا يمكن ان يستمر جورج بوش في تبرئة الدولة العبرية لأنه لا يمكنه ان يتمادى في التغاضي عن سقوط الضحايا في لبنان. فإذا استمر رئيس الولايات المتحدة على هذا الخط فسوف يصل في النهاية إلى قبر فكرة عزيزة على قلبه هي فكرة "الشرق الأوسط الكبير الديمقراطي" وهو ما لا يمكن ان يجيزه بوش رغم أنه يتعاطف مع إسرائيل ويكره "إرهابيي حزب الله".
وجملة القول إنه إذا لم تحقق إسرائيل أهدافها في أسرع وقت فلن يعود العالم ينظر إلى عمليتها في لبنان بأنها عملية أمنية بل يعتبرها عملية حربية تهدف إلى توسيع منطقة نفوذ الدولة العبرية تحت ستار محاربة الإرهاب.
معلق نوفوستي السياسي فلاديمير سيمونوف  قال سمعنا بزيارة وزيرة الخارجية الأميركية للشرق الأوسط قبل فترة طويلة من إعلان وزارتها عن ذلك. فقد أعلن جورج بوش لرئيس الوزراء البريطاني خلال الفطور في سان بطرسبورغ دون أن يدري ان الميكروفون المفتوح يبث حديثه الخاص لكل العالم قائلا :"أعتقد بأن كوندي ستتوجه في القريب العاجل".
وأوضح الرئيس الأميركي فورا وبصراحة كيف يمكن من وجهة نظر واشنطن إيقاف الغارات الإسرائيلية على لبنان وقصف مقاتلي حزب الله أراضي إسرائيل بالصواريخ:"يجب التوصل إلى أن تجبر سورية حزب الله على الكف عن ارتكاب حماقاته".
لقد لقي مصرعهم خلال الأيام الستة الأولى من الأزمة 24 إسرائيليا منهم 12 بنتيجة القصف الصاروخي من جانب حزب الله. وإذا كانت أعمال التنظيم اللبناني التي أدت إلى مثل هذه النتيجة المحزنة يتخيلها الرئيس الأميركي "الكف عن ارتكاب الحماقات" فإن من الطريف أن نعرف كيف يمكن أن يصف  التكتيك العسكري للسلطات الإسرائيلية التي أبادت خلال الفترة نفسها أكثر من 200 مدني في لبنان ناهيك عن الدمار الكثيف للبنية التحتية اللبنانية، الجسور والطرق ومدرجات الإقلاع والهبوط؟
يعتقد منسق الأمم المتحدة في لبنان بأن إسرائيل  زجت جنوب البلاد في "كارثة إنسانية" حقيقية. لكن الرئيس الأميركي يترك هذا العنصر الهام جدا من الأزمة خارج نطاق رؤيته. ويخشى اللبنانيون من أن موقف كوندوليزا رايس سيكون أيضا مماثلا إذا ظهرت فعلا في الشرق الأوسط "في القريب العاجل" كما أمرها بذلك الرئيس جورج بوش.
ويرى مندوب لبنان في الأمم المتحدة نهاد محمود أن جولة وزيرة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط في الوضع الراهن ليست في وقتها على الإطلاق. ويكمن موقف بيروت في أن من الضروري أولا إيقاف إطلاق النار. فعن أية محاولات للتسوية يمكن أن يدور الحديث عندما تدمر الآلة الحربية الإسرائيلية البلاد تدميرا مستمرا؟
لقد أكدت الإدارة الأميركية مرارا في الآونة الأخيرة "حق إسرائيل في حماية نفسها". بيد أنها لم تعبر في الوقت نفسه عن أي قلق بصدد الغارات الإسرائيلية التي لا تضاهى والتي تحول إلى أطلال أيضا الأراضي اللبنانية الخالية من قواعد حزب الله. وتحاول حكومة ايهود أولمرت التي تعاقب لبنان كله وتعد بـ "تحويل عقارب الساعة اللبنانية إلى عشرين سنة مضت" دق إسفين بين حزب الله وبيروت وتأليب جميع سكان لبنان في خاتمة المطاف على الحركة الشيعية. وهذه الخطة بالغة الخطورة بالنسبة لإسرائيل نفسها.
ذلك أن هذه الخطة لا تراعي أن حزب الله أصبح منذ أمد بعيد قوة سياسية جبارة. وتتمثل الحركة في البرلمان وفي الحكومة اللبنانية بوزيرين. وأكسبت برامج المساعدة الاجتماعية التي يطبقها  حزب الله، الحركة  احترام الشعب كله ودعمه لها. وليس بوسع  القنابل الإسرائيلية التي تبيد اللبنانيين المسالمين سوى أن تجعل  من يبقى  قيد الحياة بما في ذلك الدوائر السياسية اللبنانية أنصارا  أكثر ولاء لحزب الله وأعداء أشد قناعة للدولة اليهودية.
لكن الأمر الرئيسي يكمن حتى في شيء آخر. إن قصف لبنان وغزة على السواء سينتهي وإن لم يكن قريبا. وحينذاك يمكن أن تكتشف تل أبيب بأسى أن بيروت والأراضي الفلسطينية أيضا لم يبق فيها قوى سياسية معتدلة بوسع إسرائيل أن تستأنف معها المباحثات حول شروط السلام المستقر. ويا للأسف.
لقد تحدثت كوندوليزا رايس قبيل زيارتها للشرق الأوسط عن آرائها في جولتها المقبلة في قناة "فوكس نيوز" التلفزيونية. وتفيد فرضية وزيرة الخارجية بأن الاندلاع الحالي للحرب الإقليمية في الشرق الأوسط هو عبارة عن محاولة يائسة من العناصر الراديكالية - "حزب الله" و "حماس" وسورية وإيران - لمقاومة إشاعة الديمقراطية في المنطقة التي تمارسها الولايات المتحدة بإصرار بالغ في السنوات الأخيرة. ومن هنا سعي هذا الرباعي المريب من المتطرفين الدوليين إلى إضعاف قوى الديمقراطية الوليدة ودفع الشرق الأوسط الى هوة الفوضى.
ويبرز في تأملات رايس خلل صارخ واضح للعيان. إن وزير الخارجية الأميركية لا تنبس ببنت شفة حول عامل الحرب في العراق المستمرة منذ أربع سنوات. وينقص الإدارة الأميركية الإخلاص وبعد النظر السياسي  للاعتراف بأن أساليبها في مكافحة التطرف تولد من حيث الأساس تطرفا لكنه ليس مرتبطا ببلد واحد أو منظمة مثل "القاعدة" بل إنه تطرف إقليمي.
ولا أحد يشكك في واقع أن العراق نشأ  فيه رأس جسر للإرهابيين. وتعترف بذلك المخابرات الأميركية نفسها. ويتلقى المقاتلون العراقيون هنا دورة كاملة في علوم التخريب والتفجير. ويضاعف العراق خطر الإرهاب على نطاق لم يسبق له مثيل كما يعتقد مدير الاستخبارات المركزية الأميركية سابقا بورتر غوس.
لقد ألحقت الحرب العراقية بالفعل ضررا فادحا بعلاقات الولايات المتحدة مع بلدان الشرق الأوسط. وإن واشنطن  التي تحدوها الرغبة في إشاعة الديمقراطية في العراق بسرعة قد أبعدت نفسها في الحقيقة عن تنفيذ "خارطة الطريق". وأدت الحرب العراقية ذاتها إلى انبعاث الراديكالية في المنطقة إلى حد لا نظير له وصولا إلى فوز حركة "حماس" في الانتخابات البرلمانية في فلسطين. وإن إحدى  العواقب المباشرة للحملة العراقية هي بالطبع زهو إيران الجديد وتزايد إمكاناتها لدعم "حزب الله" المالي وغيره.
وهكذا فإن على كوندوليزا رايس ربما عدم الإسراع إلى الشرق الأوسط. لأن العمل بشأن استقرار الوضع في مثلث إسرائيل ـ غزة ـ لبنان مرتبط بالعراق. ويمكن الشروع في هذا العمل في واشنطن إذا توفرت الرغبة.
ويعد حزب الله من أقوى المنظمات في العالم الإسلامي. وحسب معلومات الباحث رجب صفاروف، مدير عام مركز الدراسات الإيرانية (موسكو)، فإن حزب الله يخصص 100 مليون دولار في ميزانيته البالغة 300 مليون دولار في السنة لتسليح مقاتليه و200 مليون دولار لحل القضايا الاجتماعية لسكان لبنان. ويبلغ عدد أعضاء حزب الله النشطين 5 آلاف شخص على أقل تقدير. ويشمل تسليحه آلاف الصواريخ الصينية والإيرانية الصنع. وقام حزب الله بتطويرها بحيث أصبح مداها 250 كيلومترا. ويرى الباحث أن إسكات مواقع نيران حزب الله مستحيل إلا إذا تمت مهاجمتها على الأرض.
ويرى غيورغي ميرسكي، الباحث في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أنه بانتظار الإسرائيليين في لبنان حقول الألغام وحرب العصابات بحيث يسقط مزيد من القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي، ولكن الإسرائيليين يرون مبررا لسقوط أي عدد من الضحايا من أجل درء الخطر الذي تشكله صواريخ حزب الله على مدنهم.
في كل الأحوال وحتى إذا طرد الإسرائيليون حزب الله إلى شمال لبنان فإن حزب الله - يقول ميرسكي - سيعود بعد مضي بعض الوقت ليهاجمهم في جنوب لبنان. وسوف يستمر الحال على هذا المنوال ما لم يتم حل المسألة الرئيسية وهي مسألة إقامة دولة فلسطينية ومسألة المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية واللاجئين الفلسطينيين والقدس.
فهل بوسع منظمة الأمم المتحدة إنهاء النزاع؟ ويرى يفغيني بريماكوف، وهو خبير روسي معروف في شؤون الشرق الأوسط، أن قوات حفظ السلام التابعة لمنظمة الأمم المتحدة هي الوحيدة القادرة على تولي الرقابة على الوضع في لبنان، ثم يجب إجراء مفاوضات بين لبنان وإسرائيل.
ومن جانبه يرى ميرسكي أن قوات الأمم المتحدة لن تستطيع أن تفعل شيئا في لبنان، وبالأخص نزع أسلحة حزب الله.
ويظن ميخائيل مارغيلوف، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الروسي، أن المحادثات مع الحكومة اللبنانية وحدها أو مع رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية وحده "هيهات أن تجلب سلاما طويل الأجل". ويجب أن يشارك حزب الله وحركة حماس أيضا في العملية التفاوضية. ويقول إنه بإمكان موسكو لعب دور محوري في الوصول إلى السلام في الشرق الأوسط عبر العملية التفاوضية.
كتب: في ارغومينتي إي فاكتي" الروسيه  ستانيسلاف بيلكوفسكي ورومان كاريف، الباحثان في معهد الإستراتيجية القومية (موسكو)
اختارت واشنطن - غالب الظن - أن تخلي لبنان من القوى ذات الاتجاهات الإيرانية وعلى رأسها حزب الله في هذا الوقت بالذات وتضرب في الوقت نفسه الحصار على سوريا. وكلفت واشنطن بالطبع إسرائيل بتنفيذ هذه العملية. وهذا يعني أن الحرب الأمريكية الإيرانية ستبدأ، على الأرجح، بعد بضعة أشهر. ولا بد من اشتعال هذه الحرب ولو لسبب واحد وهو أن كلا الطرفين يريدانها.
فإيران ترى أن حربا كهذه ستدعم الدولة الإيرانية وتحصنها ضد التأثير الأمريكي الفاسد وتجعل من الجمهورية الإسلامية منارة للكثير من بلدان العالم التي تكره أمريكا.
وتحتاج الولايات المتحدة الأمريكية بدورها إلى حرب من شأنها تأكيد حقها في لعب دور القوة الأعظم. ولم يصبح الإرهاب الدولي عدوا يساعد الولايات المتحدة على تحقيق أهدافها، فتحتاج الولايات المتحدة إلى عدو قوي ووقح وسافر لا يختبئ على خلاف أسامة بن لادن وسط جبال أفغانستان. وقررت إيران عمدا أن تحتل مكانة عدو أمريكا.
ومن المشكوك فيه أن الولايات المتحدة ستشن عملية هجومية برية على إيران. والأغلب أنها ستكتفي بضربها بالصواريخ والقنابل وتدحر في الوقت نفسه سوريا التي تشكل عائقا على طريق القوة الأعظم، فأكثر ما يهم الولايات المتحدة وأيضا إيران هو إعلان انتصارها بعد ختام الحرب، وإن كان انتصارا رمزيا وليس انتصارا حقيقيا من الممكن إحرازه نتيجة للعملية الهجومية البرية.
والأهم من ذلك هو أن العالم لن يعود يشبه نفسه بعد هذه الحرب التي ستعيده إلى العصور الوسطى حيث تغلب العقيدة والاستعداد لتقديم الحياة فداء من أجلها على حاجة الاستهلاك والمال والجاه.
الاهم في الامر ان حزي الله هو المنتطر الان في الحرب الدايرة في الشرق الاوسط وهناك المفاجات القادمه وسوف نري والاهم من كل ذلك ان الحرب الدايرة في المنطقه هي  مابين دول  يدعي اسرائيل  اعتطبت ارض  عربيه بالقوة  وحزب  يقاوم دول واحتلال    بكل ما يملك من امكانيات عسكرية وجزب يملك قوي الايمان بان بشاير النصر قادم