الرئيسية الأخبار عربي ودولي

من حق مصر أن تخلع حسني مبارك

  • عبد الحليم قنديل
  • منذ 18 سنة - Monday 12 September 2005
من حق مصر أن تخلع حسني مبارك

من حق مصر التى تتغير الآن وتخلع جلدها القديم أن تخلع الرئيس مبارك، فلم يعد من شك فى بطلان رئاسة مبارك بالقانون وبالسياسة، أمارات السياسة ظاهرة فى النتائج المعلنة لما يسمى عبثاً بالانتخابات الرئاسية، فقد حصل مبارك طبقا للبيان الرسمي- على قرابة ستة ملايين صوت من 32 مليونا مقيدين فى جداول الناخبين، أى أنه حصل على 20% أو أقل من أصوات المقيدين، ولو أضفت ما يزيد على 16 مليون مصرى آخر لهم حق الانتخاب وغير مقيدين بالجداول التى تعدها وزارة الداخلية، فالمعنى بسيط فاضح للقصة كلها، فقد حصل مبارك حتى بالنتائج الرسمية على 12.5% من مجموع أصوات الذين لهم حق الانتخاب، أى أن مبارك حتى بالنتائج الرسمية مجرد رئيس لشريحة ضئيلة لا تكاد تمثل ثُمن المصريين، أضف: تآكل وتجريف قاعدة الشرعية ونسب المشاركة فى ملاعيب نظام الرئيس مبارك، فبيان لجنة الانتخابات الرئاسية يقول هذه المرة إن نسبة الإقبال على التصويت بلغت 23% من المقيدين بالجداول، وتذكر أن النتائج الرسمية للاستفتاء على التعديل الرئاسى للدستور وصلت بنسبة الإقبال على التصويت إلى 53%، وقد جرى الاستفتاء إياه كما تعرف فى 25 مايو الماضي، أى أن نسبة التصويت حتى بالأرقام الرسمية تآكلت فى مدى شهور قليلة إلى أقل من النصف، بينما كان المفترض فى انتخابات زعموا لها طابعا تنافسيا أن تزيد نسبة التصويت قياسا لاستفتاء لا تنافس فيه بالطبيعة، والنتائج الرسمية كما تعرف يرد عليها التزوير الفاحش، يرد عليها التزوير فى الاجراءات وفى ارادة الناس، فضائح التزوير فى استفتاء مايو الماضى كشفها تقرير خطير شهير لنادى القضاة، وتبين أن نسبة الإقبال على التصويت فى لجان الإشراف القضائى لم تزد على 3%، وقد يكون الإشراف القضائى قد تحسن قليلاً فى إجراءات ما أسمى بانتخابات 7 سبتمبر، غير أن غالب الذين كلفوا بالإشراف ممن نسبت لهم صفة القضاة ليسوا كذلك، فلا يعقل أن يكون منتسبو هيئة قضايا الدولة وهو محامو الحكومة من القضاة، ولا يعقل أن يكون الآلاف من وكلاء النيابة الإدارية مع الاحترام لدورهم الوظيفى من القضاة، أى أن الطابع الإدارى كان غالباً هذه المرة أيضا ولو تخفى فى ثوب قضائي، وهو ما يوحى بأن نسبة التصويت الحقيقية لم تزد هذه المرة أيضا عن 3%، وفى شهادات مبكرة لقضاة حقيقيين تدنت نسبة التصويت فى لجانهم إلى 2%، أى أن الرئيس مبارك فى أفضل الأحوال هو رئيس 3% فقط من المصريين، وحزب الرئيس صاحب الأغلبية المزعومة هو حزب ال3%، وبالمقابل: قاطعت الأغلبية الساحقة من المصريين أو امتنعت عن تأييد أو دعم رئاسة مبارك، وقد بلغت هذه الأغلبية المقاطعة 77% من المقيدين بالجداول بحسب النتائج الرسمية، وبالأرقام: قاطع 25 مليون مصرى من المقيدين بالجداول مساخر انتخابات 7 سبتمبر، ولو أضفت ال16 مليونا ممن لهم حق الانتخابات وغير المقيدين بالجداول، فالمعني: أن 41 مليون مصرى لهم حق الانتخاب يعارضون رئاسة مبارك أو يعرضون عنها، أى أن نسبة المقاطعة التلقائية والمقصودة زادت بمقتضى الأرقام الرسمية على 85% من إجمالى الذين لهم حق الانتخاب، وقد تزيد النسبة إلى ما يقل قليلا عن مائة بالمائة بأخذ دواعى الإكراه والتزوير فى الحسبان، وهو ما يعنى أن موقف المقاطعة السياسية لا المشاركة الذيلية كان الأشد إخلاصا لرغبة شعبية غلابة، فلم تنفع مبارك هذه البروباجندا الإعلامية غير المسبوقة، ولا نفعه إنفاق دعائى فاجر حقا زادت تكلفته على المليار جنيه مصري، ولا نفعه تجنيد الإدارة والأمن المركزى ومافيا المصالح الموبوءة لمصلحته، ولا نفعه توريط أطراف منسوبة للمعارضة فى استفتاء مقنّع أو انتخابات على الباترون، فالاساس الدستورى فاسد، ومبدأ المساواة جرى دهسه تماما، وحق الترشيح الجدى جرى حجبه، وقرارات ما يسمى لجنة الانتخابات الرئاسية جرى تحصينها من مجرد التأويل ناهيك عن حق التقاضى فيها المكفول دستوريا، وبالجملة: فقد انتهت القصة إلى انكشاف سياسى وقانونى كامل لنظام حكم الرئيس مبارك، سقطت ورقة التوت فى القفزة الأخيرة، وثبت أن مبارك يغتصب الرئاسة ويحجزها له ولنجله من بعده، وأنه حول مصر إلى حكر مخصوص لعائلته وأصهارها ومماليكها وأغواتها فى أمانة الحزب الوطنى وأمانة لجنة السياسات، وأن رئاسته لمصر باطلة كبطلان زواج عتريس من فؤادة.

إشارات
* كسب أيمن نور وخسر الإخوان الذين صوتوا له بكثافة بنسبة ال 7%!!
* مظاهرة كفاية ذات الخمسة آلاف والأربع ساعات يوم 7 سبتمبر هى الأولى التى اخترقت شوارع القاهرة منذ انتفاضة يناير 1977، إنها البشارة الأكيدة لانتفاضة خلع الرئيس بمظاهرة المئة ألف.
* قلب مصر هو الذى احترق بتفحم أجساد 34 مبدعا فى محرقة قصر ثقافة بنى سويف، اضربوا الأعداد فى القيم إذا كنتم تريدون معرفة حجم الفجيعة، واخلعوا رؤوسكم وادعوا الله من قلوبكم أن يحترق ال34 وزيرا وأولهم وزير الثقافة فى حكومة المتهم أحمد نظيف.