لا يمكن فصل عملية تفجير مجمع الدفاع ومحاولة اقتحامه اليوم عن عمليات الاغتيال والاختطاف التي باتت تشكل مسارآ موازيآ لأحداث المرحلة الانتقالية منذ فرضت عملية التغيير كأمر واقع على الجميع ..
اقطاب النظام ممثلة بعلي محسن الاحمر وعلي عبدالله صالح ليسوا مستعديين ابدآ للتخلي عن شيء مما اكتسبوه طيلة ثلاثة عقود وكلاهما حريص على الامساك بخيوط اللعبة والانفراد بتحريك العملية السياسية وفق ما يخدم بقاءه ومصالحه الخاصة وان تظاهروا بالتماشي مع بعض الاستحقاقات فلهم ادواتهم واساليبهم الملتوية والقدرة على نسف كل ما تم انجازه او اعادة الامور الى نقطة البداية .
كلما شعر احدهم بانه فقد مصلحة معينة او اوشك على ذلك استدار سريعآ من الابواب الخلفية واستتنفر عصاباته وبلاطجته باسم القاعدة .
كم هي حجم الخسارة مكلفة جراء هذا الرعب المتواصل , الا ان اي من هذه الاحداث المروعة والتي يصعب احصائها بدقة خلال عامين لم ينتهي التحقيق فيها الى نتيجة واضحة , فالطرفان يتحكمان بسير كل التحقيقات والجميع متورط .
ضحايا الاختطافات والاغتيالات والعمليات المفخخة ,نوعيتها,كيفية تنفيذها ,نتائجها وابعادها تشير الى انها انعكاس لصراع يدار من صلب النظام القائم ومساحته واهدافه اوسع وابعد من صراع القاعدة مع الاجهزة الامنية .
تحمل هذه الاحداث سمات الصراع بين اقطاب النظام ,الذي كان قائمآ على اشده قبل ثورة فبراير واتضح جليا في حرب صعدة ,حيث كانت المواقع العسكرية تضرب بعضها وكان كبار الضباط يلقون حتفهم بنيران وقذائف صديقة .
الاجهزة الامنية والقوات المسلحة كان يجب ان يتم تحييدها تماما عن مراكز القوى التقليدية المتصارعة على الاقل ان لم يتم تحييد هذه القوى ذاتها عن المشهد السياسي .لكن هذا لم يحدث ولذا اصبحت هي اهم ادوات هذا الصراع وساحته في حين كان يفترض بها ان تكون ضامنة لتنفيذ استحقاقات المرحلة وحائط صد لكل محاولة لاعاقة بناء الدولة وانتقال السلطة .
كلما استمر غياب آلية واضحة لادارة المرحلة الانتقالية واستمر هادي في ضبط شوكتي الميزان بين طرفي الصراع التقلديين وتهميش القوى المدنية وشباب الثورة سيستمر الرعب والارباك وردود الافعال على ما يمكن فهمه بأنه انحياز او تفضيل لطرف معين وستتجدد وتتنوع اساليب ابتزازه الى ان تسقط البلاد في ايدي هذه العصابات .
ليس بمقدور هادي المحاصر بنصوص المبادرة الخليجية ونفوذ القوى التقليدية فعل شيئ . ولا امل في مجلس الأمن وتقارير بنعمر المتشابه اولها بأخرها شكلا ومضمونآ .
لاسبيل لتفادي الانهيار التام الا ان تتحرك القوى المدنية وتقود الشارع للضغط من اجل تفكيك نظام الثلاثة عقود بكل مراكز نفوذه وتحالفاته والشروع في بناء دولة مدنية حديثة .